لو ظلت الأنظمة العربية متفرجة!

mainThumb

14-03-2013 06:41 PM

كان صوتا عاليا للمعارضات والقوى السياسية بمختلف تشكيلاتها وتعدد انتماءاتها العقيدية في الدول العربية مستنكرا وقوف النظم الحاكمة العربية وقفة المتفرج على ما يصيب أحد الأقطارالعربية من اعتداء أجنبي المصدر والأهداف.وكانت تلك النظم يكتفي بعضها بإصدار بيان صاخب بالاستنكار والتوعد,ويكتفي البعض الآخربصياغة بيانات دعم وتأييد للقطر المصاب بالعدوان والمآسي والكوارث التي تسببها السياسات العدوانية للكيان الصهيوني ولقوى الاستعماروالأطماع الجشعة.وبعضها كانت بياناته تدعي التهدئة وتنسب بعض اللوم للقطر العربي في مواقفه التحررية    وفي سعيه لاستكمال  تحرير إرادته أو طرد محتل من أراضيه.وكان من الواضح أن نتعرف من قراءة صيغة البيان على نوع العلاقة بين النظام وبين القوى الأميركية – الغربية وطبيعة روابطها والمصالح التي تحققها القوى الامبريالية بوجود ذلك النظام أو ذاك.

على الرغم من الهزيمة التاريخية التي ألحقتها بها فيتنام في ستينيات اقرن المنصرم ,ظنت عنجهية القوة العسكرية اليورو- أميركية,(سبقتها هزيمة الجيش الفرنسي) المدعمة بالسيطرة الاقتصادية التي انتهجتها الإدارات الأميركية في تعاملها من الدول الأخرى أن القوة تفرض الهيمنة  ووحدانيةالمرجعية الدولية في دولة عظمى واحدةوتديمها.وبالقوة يمكن فرض الموقف السياسي الذي ترتأيه أميركا بشكل خاص وتبعية الغرب لها على كل حكومات العالم الأخرى.وتوسعت أدوات هذه    العنجهية لتشمل في مؤثراتها أداء الدبلوماسية الذي من المفروض به التزام سلوك ناعم ومهذب وإن احتاجت بعض المواقف أن يكون سلوكا صارما في التعبيرعما يريد وعما لا يريد والتجأ بدلا عن ذلك النهج المتعجرف في الشكل وفي المضمون والممتهن للتراث الدبلوماسي وآدابه وذلك باعتماد سلوك إملاء الشروط على حكومات الدول وأصدار التعليمات لها فيما يجب عليها فعله وما يتوجب عليها الالتزام به تجاه المصالح الأميركية ومصالح أتباعها وعملائها ومجنديها.ولكن وبعد أنْ اصطدمت   تلك السياسة بالفشل وحصدت استنكارواستهجان الشعوب في مختلف ارجاء المعمورة,وتولد شعور بعدم الرضا لديها والعداء لدى بعضها ,وما واجهته من فشل في تحقيق أي هدف يتعدى التقتيل العشوائي والتدمير المستنكركما حدث في عملية غزوالعراق العدائية الانتقامية,وفشل تحقيق استقرارأفغانستان بعد حرب طويلة مريرة ألزمت الاقتصاد الأميركي بكلف باهظة,اتجهت الأساليب العنجهية ذاتها لتكرس سياسة دعهم يتقاتلون فيما بينهم.

ومن أبرز معالم تلك السياسة دعم أحد الأطراف المتقاتلة أو كليهما ماديا وتسليحا بطرق مباشرة أو  غير مباشرة,وإعلاميا وسياسيا في المحافل الدولية لتحقيق الغرض الذي يؤدي في النهاية إلى خدمة المصالح الأميركية المقرة مسبقا من إثارة النزاعات والحروب المحلية والإقليمية في الدول المستهدفة.هذا إضافة إلى ترك الساحات القتالية والاستخبارية وعناصر إثارة الفوضى والاضطرابت إلى جيوش (المقاولين) وعناصرهم المدربين تدريبات مكثفة ومتخصصة في كل الأعمال الحربية والعسكرية وعمليات الاستجواب والتحقيق المقترنة بوسائل التعذيب الوحشية المبتكرة, والتخريبية وبث الإشاعات واللجوء إلى وسائل نشر الرعب والقيام بأعمال إرهابية (كمثال: شركة بلاك ووتروما ارتكبته من أعمال مشينة في العراق).

لم يعد مدارتذكير أو مجال خلاف على ما آلت إليه حالة الضعف السياسي والعسكري التي وصلت  إليها النظم الحاكمة في الأقطار العربية,حتى إن بعضها يعجز عن الدفاع عن بلده دون استجلاب القوات الأجنبية ,وتردي مواقفها من القضايا التي تمر بها كياناتها في المشرق وفي المغرب,كما أصبحت حالة الوهن التي أصابت القوى الوطنية والقومية مدعاة أسف وتندر على افتقاد النظم العربية وتياراتها السياسية إلى قيادات بمناهج ديمقراطية مستلهمة معاني الديمقراطية ومضامينها بأساليبها وبقيمها,وأخذت بعض القوى السياسية والمجندة تصنع ثورات بالقوة الأجنبية وتعيد    السيطرة الاستعمارية لبلادها وتتغنى بانتصار (ثورتها),فأصبحت سيادة العديد من الدول العربية بحماية  القواعد الأميركية وأساطيلها وتمركز قواتها العسكرية فوق أرضها  وفي بحارها!!.

عندما تفقد دولة سيادتها تصبح نهبا لراعيها ولكل المحيطين بها.وإلا كيف نفسرعودة الدعوة إلى   الأطماع العثمانية وما الحقته من ظلم وإهمال ساهم في تخلف أقطارها حقبة من الزمن ملتهبة بالحث على النهضة تنبتها شعوب العالم وأقطاره !وكيف نفهم طبيهة التدخل الإيراني وأهدافه في الشؤون العربية ونظمها واحتلال بعض جزرها!؟ ونتساءل هل فعلا فقدان السيادة الوطنية يحول النظام إلى تابع لتابع؟؟ وإلى مستهدف من كل جانب؟وإلى خاضع لسطوة كل قوة؟وإلا كيف وجد الكيان  الصهيوني المحتل طريقه إلى قلب عواصم عربية تحميه وتضمن أمنه وهي تتوهم إنها تصنع ثورة وطنية !!؟؟.

بعد أن عجزت القوى الامبريالية عن التجرؤ على العدوان على سوريا لتدميره كما فعلت في ليبيا وتركتها دولة فاشلة منهكة منهوبة,وجهت إلى نظم العرب المحمية بقواتها وقواعدها العسكرية  وشركاتها الاحتكارية إلى التدخل في الشأن السوري والتحدث عن الديمقراطية والحرية,فحفزت النوازع  العثمانية وتفاخرت قوى ظلامية ونظم تعيش عصر الإقطاعيات العائلية بدعمها (ثورة ) الشعب السوري,تعمل فيها ترديما وتدميرا ومجازر لم ينجو منها أحد رافعة شعارات التقوى مرة وأهازيج الحرية التي لا تفهمها مرات والحرص على شعب تقوم بقتله بحقد محموم لا تقوى على مثله جهالة أو قوى ضعيفة فرد لها أسيادها جناحا لتفرغ بواسطته تلك الأحقاد.وتجد في مؤسسة الجامعة العربية تجاوبا مريبا لا تفسر سلوكها أي مرجعية أخلاقية على الإطلاق.

فلو ظلت القوى العربية تلك متفرجة لكانت صنعت لنفسها صفحة تاريخ في فصل الضعفاء من   فصول كتاب التاريخ المعاصر,ولكنها اليوم تنشرمن أحقادها الدفينة ما لن تستطع أن تبرره وقائع التاريخ وصحائفه قديمها وحديثها وما ينتجه مستقبلها.والحسرة تملأ قلوبنا نقول :

 أمة قوضت قواها بنفسها ودمرت بلادها بيديها وأهدرت ثرواتها برضاها وهي يستأسد فيها ضعيفها على قويها وغنيها على فقيرها وأميها على متعلمها,وقد قال عنها مالك بن نبي ما قال عن حبها للمستعمر وطواعيتها لرغباته وولائها لجناته وفاسديه.ووصفها البعض بأمة ضحكت من جهلها الأمم,ولكن نظل نأمل باستعادة الأمة لشبابها بأجيالها الجديدة المستقر ضميرها على الاستقلال والكرامة الوطنية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد