الضمير في ذمة الله

mainThumb

06-03-2013 11:18 PM

 الضمير كنز لا يقدر بثمن ، فالأمة التي حباها الله ضميراً حيا أمة راقية تتبوأ أرقىو أعلى  الدرجات على سلم الرقي و الحضارة ، والأمة التي مات ضميرها لا يعرف لها ذكر ،  وحتى إذا ما ذكرت كان ذكرها يكون  سيئاً مقيتاً  ، وبئس الذكر السيئ المقيت. الضمير يرتبط بسلوك سلامة الفطرة ،  فمن كان على الفطرة التي فطر الله العباد  عليها كان جهاز مناعته الأخلاقي قوي منيع أطلق عليه الضمير الحي اليقظ ، فصاحب الضمير الحي إنسان يقدر المسؤولية حق قدرها، و الضمير الحي هو عدو الأنانية والبغضاء و الكرا هية و  النرجسية والمصلحية والبرغماتية و غيرها من  الأمراض المزمنة التي يصعب شفائها .

يفسر كثير من العلماء و المختصين في العصر الحديث بأن  الضمير هو  وظيفة من وظائف الدماغ التي تطورت لدى الإنسان لتسهيل الإيثار المتبادل،  و هو السلوك الموجه من قبل الفرد لمساعدة الآخرين في أداء وظائفهم أو احتياجاتهم دون توقع أي مكافأة. ويجسد الضمير كتلة ومجموعة ورزمة  من المشاعر والأحاسيس والمبادئ والقيم و الاتجا هات التي  تحكم الفرد  و تتحكم  به ليكون سلوكه مرغوباً  به محترماً مع الآخرين ، يحس بهم ويحافظ على مشاعرهم، ولا يلحق الأذى بهم ولا  يظلمهم ويراعي حقوقهم كاملة  و يقيم العدل بينهم ، وباختصار شديد الضمير هو ميزان الوعي عند الإنسان لتمييز الصح من الخطأ ، و الحق والباطل ، وهو الرادع الذي يؤدي إلى الشعور بالندم عندما تتعارض الأشياء التي يفعلها الفرد مع منظمومته الأخلاقية القيمية  ، وإلى الشعور بالإستقامة أو النزاهة عندما تتفق الأفعال معها.
 
و يقول علماء النفس بأن الضمير هو شيء حسي بداخل القلوب ،  فعندما يغرق القلب بالظلمات والتكبر والغرور والانخداع تعلو الانا والشهوات على صوت الضمير ويصبح صوت الضمير منعدما ، فاذا علا صوت الانا على الضمير ذهب العطف على الصغير ، و ذهب احترام الكبير ،  و مات الاحساس بالشيخ الكبير، و اذا علا صوت الانا على الضمير ذهب من حولك صغير كان ام كبير، واغيتلت الشخصية ، وختلت الموازين ، و انقلبت الأمور رأساً لى عقب . 
 
يتناول الضمير الحي  الماضي والحاضر والمستقبل ،  فهو لا يعاتب صاحبه على ما صدر منه في الماضي فقط, بل ويحاسبه عما يفعل في الوقت الحاضر, و عما سوف يفعله في المستقبل، هو ذلك الصوت الخفي العالي الذي  يصرخ بك توقف كلما ادارت بك اقدامك على ما هو خطاء، و يتسق مع  ان من خاف الله خافه كل شئ ومن لم يخف الله خاف من كل شئ. 
 
أن المشكلة في عصرنا هذا هي  انعدام مراقبة النفس الأمارة بالسوء ، و نشأ عن ذلك موت الضمير أو دخل في سبات عميق قد لا يفيق منه أبداً  عند الكثير من الناس ، وبموته تفشت في المجتمع الكثير من الموبقات القاتلة المدمرة ، وانتشرت شتى مظاهر الأنحراف والسلبيات و السلوكيات غير المرغوب بها ، و في المحصلة النهائية ، طلت جوانب كثيرة من حياتنا اليومية  بطلاء قاتم حالك السواد ،  يشكل فاقدو الضمير خطراً على المجتمع الذي يعيشون فيه،  لأنهم قد يقترفون أشد الجرائم بدون أي رادع أخلاقي، فضميرهم معطل، والأعمال السلبية قد تصدر  منهم في أي لحظة من لحظات حياتهم، لا يأسفون على ما ارتكبوه من أفعال.
 
لا يمكن للفرد  أن يشعر بالطمأنينة وراحة البال إلا إذا اتبع حكم ضميره الحي ، و من يفعل عكس ذلك فسوف يقضي حياةً مليئة بالحزن و الغم والقلق ،  هناك الكثير بين ظهرانينا  ممن يصرون على أخطائهم ويتجاهلون إحساسهم بتأنيب الضمير ، يحرصون على صحبة الطغمة الشريرة ممن يتبعون خطوات الشيطان، فهم يتقاعسون عن عمل الصالحات على الرغم من إدراكهم لمنفعتها و فائدتها ، ويكرهون تقديم التضحيات على الرغم من مخاطر تجاهلها ، ويظلمون، ويحسدون، ويستهزئون، ويتكبرون ويمارسون كل العادات السيئة،لا صداقة لهم  ولا إخلاص ولا إيثار ،  فسيكون جزاؤهم من جنس عملهم ، و سوف يلقون غياً. 
 
كلنا نحتاج أيها الأحبة إلى افاقة ضمائرنا  الساكنة  بداخلنا و المقيمة في قلوبنا ،كلنا بحاجة إلى مراقب يحثنا على أداء الواجب ، ويحاسبنا  بعد أداء العمل ، وينهانا عن الأهمال والتقصير ، كلنا بحاجة إلى من يسترح للخير ، و يستنكر الشر ، فكل منا بحاجة ماسة ضرورية إلى  احياء ضميره بصورة او بأخرى ، بل والمسارعة الى ذلك دونما ابطاء  ،  فكلنا نخطئ ولكن خير الخاطئين التوابين ، ما أروع أن أن نتوب ، و ما أروع  أن نعود عودة لا رجعة عنها إلى الضمير الحي و اليقظة الروحية .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد