وزير الخارجية ناصر جودة : قوة دفع ذاتية أم استقواء بالملك !

mainThumb

01-02-2013 04:29 PM

وزارة الخارجية في أي دولة وزارة حساسة لما تشكله من رمز وطني معني بتمثيل الدولة وسياساتها ومصالحها الوطنية لدي الدول الأخرى. ونظرا لتأثر سياسات وتوجهات هذه الوزارة السيادية بتوجهات الحكومة بشكل عام وتوجهات رئيس الوزراء على وجه التحديد فإن كثرة التغييرات في موقع وزير الخارجية يصبح أمرا مفهوما ومبررا على اعتبار أن تغير الحكومات  يستدعي بالضرورة بعض التعديلات والتغييرات في سياسات الدولة الخارجية وهذا بالطبع ينطبق على معظم الدول الديمقراطية .
كتبنا مقالة قبل عام ونيف نتساءل فيها عن سر قوة وزير الخارجية الأردني ناصر جودة الذي بقي في موقعه لمدة تزيد عن خمس سنوات غير متزحزح قيد أنملة عن منصبه رغم تغير خمس حكومات مما يعني أن هذا الرجل إما أنه انسجم بأفكاره ورؤاه المتصلة بالسياسة الخارجية مع أفكار كل رؤساء الحكومات السابقة وهذا احتمال ليس له سند منطقي إذ أن رؤساء الوزارات الذين خدم معهم السيد جوده متباينين في أفكارهم ومنطلقاتهم  ومنهجياتهم  ،وإما أن تعيين السيد جودة ليس له علاقة برؤساء الوزارات وإنما يتم اختياره وتعيينه من الملك مباشرة مما يترتب على ذلك أن بقاء الوزير جودة هو أمر مرهون برغبة الملك .لامنا بعض الأقارب والزملاء والأصدقاء الذين يرتبطون بعلاقات وظيفية أو منفعية أو اجتماعية معينه مع الوزير جوده مؤكدين على أن ما ورد في المقال صحيح ولكن ليس ذنب السيد جوده أن يتم اختياره لهذا الموقع.


والحقيقة أننا عندما نكتب ليس هدفنا التشهير أو الإساءة لشخص المسؤول الذي نكتب عنه بقدر ما نوجه ذلك لانتقاد سياسات اختيار الوزراء عموما ووزير الخارجية تحديدا ناهيك عن أن أي مسئول في الحكومة ينبغي ان يكون مستعدا ومتقبلا للنقد من الصحافة ومن وسائل الإعلام ما دام أنه اضطلع بمسؤولية الوظيفة العامة وما دام انه يتقاضى راتبه وامتيازاته من الضرائب التي يدفعها الأردنيين .


مرة أخرى تطالعنا الصحف في الاسبوع الماضي بأخبار مفادها أن السيد جوده أخبر وزير الخارجية الإستوني في عمان بأنه باق في موقعه كوزير للخارجية لمدة ثماني سنوات أحرى.


 ساورتنا شكوك كبيرة أن يتجرأ وزير وخصوصا في الوزارات الأردنية المعاصرة على أن يتنبأ ببقائه هذه المدة الطويلة التي لا يستطيع حتى الرئيس الأمريكي أوباما أو البريطاني ديفيد كميرون أن يتنبأ ببقائه هذه المدة الخرافية .انتظرنا عدة أيام لنسمع نفيا أو تفنيدا أو تصحيحا لهذه الأخبار من قبل السيد ناصر جودة ولكنه لم يفعل مما يعني أن السكوت يعتبر دلالة الإقرار وبالتالي نتعامل مع هذا الخبر على أنه صحيح لنقول ونتساءل بذهول شديد واستهجان أشد وأعظم ما سند السيد جودة في ذلك؟ وعلى أي أرضية يستند ؟ وهل هي قوة دفع شخصية وذاتية من الوزير أم أنه استقواء بعلاقاته مع الملك أم هو مجرد الشعور بالعظمة؟؟؟ ما بال السيد جوده وماذا دهاه ليقول بأنه باقي وزيرا للخارجية لمدة ثماني سنوات في الوقت الذي لم يعد يضمن رئيس الحكومة أو أي وزير آخر في الأردن بقائه ثمانون يوما في المسؤولية ؟


إداء السيد ناصر جودة في وزارة الخارجية ليس استثنائيا على الإطلاق وفي أحسن صوره وتقييماته يمكن القول بأن هذا الأداء لم يختلف عن أداء كل الوزراء الذين سبقوه إن لم يكن أقل درجات من حيث عدم نجاحه في البناء على علاقات الملك مع بعض قادة دول الخليج بشأن الانضمام الى مجلس التعاون الخليجي ، أو في ضعف مساهماته في تحسين أجواء التواصل مع الأشقاء المصريين بعد الثورة ، أو دوره في وضع الأردن في هذا الموقف الهلامي من القضية السورية حيث يمكن أن نخسر أي علاقات تفضيلية مع أي من الفرقاء المتصارعين في سوريا مستقبلا!


وزير الخارجية ناصر جودة على ما يبدو لنا أنه ليس وزير خارجية خارق ليقول أنه باق في موقعه ثماني سنوات عجاف أخرى كما أن أداءه لا يخرج عن تسيير الأمور الإدارية لوزارته التي بدا ينتابها الوهن واتخاذ قرارات مستندة لمواقف ربما شخصية مسبقة ناهيك عن غياب الرقابة والمسائلة عن بعض التعيينات والمناقلات الداخلية في الوزارة. الوزير جودة في حالة بقائه للسنوات الثماني المزعومة سيشكل عنصر جمود بدلا من محرك لتطوير عمل الوزارة وسيكون أسيرا لقراراته ومعلوماته وقناعاته السابقة مما يعيق  رؤى التجديد والانفتاح والتطوير الحقيقي لجسم وزارة الخارجية من الناحيتين الهيكلية والوظيفية. علاقة الوزير جودة بالملك يتم الاستقواء بها لتدفع الوزير لأن يكون مطمئنا بأنه باق في منصبه لثماني سنوات أخرى ليصبح مجمل خدمته كوزير خارجية ثلاث عشرة سنه .الوزير جوده مصدر قوته الملك وعلاقته بالقصر وهذا ما يفسر عدم اكتراثه بتبعيته وظيفيا لرئيس الوزراء لأنه يعلم علم اليقين أن تعيينه واستمراره في الصورة كل ذلك يعتمد على علاقته بالملك ورضاه عنه. الأردنيون سيكونون محبطون ومنزعجون اذا تم بقاء السيد جودة في ذات الموقع في الوزارة القادمة مما يثبت لديهم قناعاتهم وتحليلاتهم بأن تصريحات الوزير جودة الأخيرة لم تأت من فراغ وأنه يستثمر في علاقاته بالملك ليبقى متربعا في أعلى مواقع الدولة الأردنية ولا أستبعد أن يصبح ربما رئيسا للوزراء ولا عجب في وقت أصبح معظم ما نراه عجبا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد