الاستثمار بمصدرية الداخلي والخارجي (المحلي والأجنبي) من المحفزات التنموية المباشرة الأثرالاقتصادي – الاجتماعي,وهوالمحرك للنشاط التجاري ومولد فرص العمل المحلية,هذا زاوية,ومن زاوية أخرى يعدها البعض من التنمويين والاقتصاديين أكثر أهمية وأعطم فائدة ,أن مصدر الاستثمار الخارجي مورد حيوي للتقنيات الجديدة في مجال التقنية النصنيعية من الماكينات والمعدات وخطوط الإنتاج ووسائله ووسائطه,وهو كذلك مورد حيوي لمدخلات الإنتاج المتطورة والمبتكرة لإنتاج السلع الجديدة التي تحتاج إليها المجتمعات المتمدنة في الصناعات الغذائية,والدوائية,المعدنية والإلكترونية,والزراعية,ةالكيماوية,وصناعات الحديد والصلب,وفي صناعات الغزل والنسيج,والصناعات الكهربائية,وهي كذلك مورد للصناعات الصديقة للبيئة, والبدائل للطاقة, وهي فوق كل ذلك نقل للمعرفة التقنية والخدمية التي تعتمد عليها معايشة العصر وعلومه,إضافة إلى دورها في تنشيط حركة البحث العلمي وإحياء مراكز الدراسات والاستشارات.
اهتمت الدول قاطبة على تشجيع الاستثمارات الداخلية بطرق بتوفير بيئة استثمارية مهيئة فيها البنى والهياكل الأساسية لإقامة المشاريع الإنتاجية وتهيئة البنى التحتية وإدامة صيانتها لتيسيرالنشاط الاقتصادي والاستثماري بجوانبه المتعددة.وقدمت العديد من الدول الحوافز الجمركية والحوافز الضريبية للمستثمرين,وأصدرت التشريعات القانونية الضامنة لهذه الحوافزوأسست الدوائر المختصة لخدمة المستثمرين وتسهيل اجراءات الاستثمار وحرية إقامة المشاريع وإدارتها.كما ازداد اهتمام بالعمل على جذب الاستثمارات الخارجية لمزاياه العديدة التي أوجزناها سابقا.
وما دمنا بصدد الحديث عن أثر (الربيع العربي) على دول مثل مصر وليبيا حيث قامت قوات حلف الناتو بمشاركة عربية وتمويل عربي (بتحرير) ليبيا,حيث تعاني ليبيا اليوم من تجزئة جغرافية تتحكم فيها القبلية وإلى تجزئة ثرواتية عندما حلت القوى الغازية الغربية على مصادر النفط وإنتاجه وتركت الحكومة الليبية تعاني من فقر اقتصادي وتوقف مشاريع الأنتاج,وتدهور خطير في الحالة الأمنية بلغ حد قتل السفير الأميركي,وتهديد السفارات الأجنبية وملحقياتها التي تسخر جهودها في نهب الثروات الليبية وتشجيع العصيان والتمرد على الحكومة المركزية الضعيفة.
في مصر التي اهتمت رئاستها اهتماما شديدا بتوثيق العلاقات مع أميركا والتي تستند متانة مثل هذه العلاقة على طبيعة علاقة النظام المصري مع العدو الصهيوني,وقد أصبح (اليهود) أصدقاء حميمين بعد أن كانوا حفدة القرود والخنازير!!بوعد صريح بدعم تمكين الإخوان من السلطة.ولما أيقنت السلطة المصرية أن الدعم الحقيقي والطبيعي لأي نظام حكم في العالم إنما يتركز في دعم مكونات الشعب التعددية وتأييدها للنظام,وثقتها به.علما بأن تأييد النظام لا يرتبط بشخص أو بحزب أو بجماعة أو بتيار,لأن النظم الحاكمة في هذا العصر أخذت بالديمقراطية التي يتشارك فيها الكل بالتنمية الكلية والمستدامة.وهذا النشؤ لمبدأ المشاركة الكلية ليس وليد المبادئ الديمقراطية وقيمها,بل سابق عليها تاريخيا,ولكن الديمقراطية بما لها من روابط جذرية بكل من الحرية والتعددية,رسخت هذا السلوك وأدخلته في تجارب عديدة كانت كلها تؤكد على أهمية المشاركة والتوافق في وضع التشريعات ورسم السياسات,وضرورتها الحاسمة على استقرار المجتمع وتنميته وعصرنة مؤسساته.
والتعددية ليست فقط عرقية وطائفية وسياسية وحزبية, بل لنتذكرعلى الدوام أن التعددية تشمل الثقافة والتراث والذهنية الأدبية والقدرة الاستثمارية والمواهب الابداعية في الفن بجميع أشكاله والرواية والفكر والانتاج المادي والأدبي والمعنوي للفلاسفة والحكماء.....وهي ظاهرة منذ الخليقة تشمل الجماد والحيوان والحشرات وكافة المخلوقات!.
تذهب دعوات النظم التي أخذتها ظروف الفوضى والخداع إلى الحكم في مصر وفي ليبيا وفي تونس للمستثمرين المحليين والعرب والأجانب أدراج الرياح,وتدخل في حلقة فارغة بعد أن أفرغوا الممارسة الديمقراطية من أبسط معانيها وجردوها من بدهيات مفاهيمها,فوقعوا في وهم لم تصحو منه بعد قواهم,ولم يدركا إن الأمن والاستقرارهما دعامتا البيئة الاستثمارية الأساسيتان.فلو خيرنا مستثمرا مغامرا بين الاستثمار ذي العائد العالي والواسع,ببيئة لا يضمن فيها أمنه الشخصي,أو أمن ماله وما يؤسس لاستثماره من منشآت ومواد وأدوات!!فهل سيقبل أن يستثمر في مثل هكذا بيئة,إلا إذا كان من رجال العصابات والمجموعات الشرسة التي تذهب بثروات استثمارها إلى المجهول.
التنمية تحتاج إلى استثمار,والاستثمار المحلي ضروي,والاستثمار الخارجي ضروري إن لم يكن أكثر منفعة اقتصدية وتقنية ومعرفية من الاستثمار المحلي للدول المتخلفة عن مواكبة ركب الحضارة المعاصرة,فهو بالتأكيد ليس أقل منها .والاستثمار الداخلي المستقر والناجح ركن من أركان البيئة الاستثمارية الجاذبة للاستثمار الخارجي.والاستثمار بحاجة إلى أمن وأمان,لكن ليس أمن النظم الشمولية المستبدة والمتعجرفة والمتوهمة بأن السلطة تصنع المجد الشخصي وتعظم قيمة المبادئ مهما سمت تلك المبادئ,فالمبادئ السامية يتبلور سموها بعيدا عن السلطة,بل إن السلطة تخدش في معظم الأحيان نقاء المبادئ وسموها.
الأمن والأمان ليسا صنيعة قوى البطش,أو الترهيب والتخويف الأمنية ,لأنهما صناعة المجتمع المستقرة فيه المبادئ الديمقراطية وقيمها دون تزييف أو تحريف. والاستقرار يهيئ سبل التنمية, والتنمية بالاستثمارفي مختلف النشاطات والفاعليات المجتمعية,والعكس يؤدي إلى فرار المستثمر المحلي,فكيف بتلك النظم عينها تدعوا المستثمرين الأجانب,الذين لن يجذبهم سوى الاستثمار في الثروات الطبيعية وإقامة المشاريع المحمية وكأنها قلاع دبلوماسية المظهر استغلالية الجوهرلها شروطها وقوانينها!!.