قراءة الطالع ,وتوقع أحداث المستقبل,وقراءة الكف والفنجان مهارات ومواهب في حظوظ الأشخاص,وقد تصدق توقعات كثيرة ,وتحدث وقائع تنبأ بها لمتنبؤن المحترفون,كما هي توقعات مستقبلية من مراقبة النجوم وتحليل الأبراج وحظوظ مواليد كل يوم من أيام السنة,إلا توقعات السياسيين وقراءاتهم المنفعلة لما يدبرونه من تآمرعلى سوريا وتوقعاتهم لنتائج الحرب التي تكالبت قواهم بحقد دفين على رسمها ووضع مساراتها ومواقعهاولتفتيت القوة العربية الوحيدة في المنطقة الرافضة للاستسلام والداعمة للمقاومة المشروعة للاحتلال الصهيوني لفلسطين,وهي ترفع لواءالانتماء القومي الذي تعرف القوى الامبريالية بأن أشد ما تواجهه من أخطار في المناطق التي تسعى لإخضاعها هو خطر الوشائج القومية التحررية في المجتمعات العربية,لأن الوعي القومي بطبيعته وعي وحدوي,يجمع أبناء أمة بمختلف مكوناتها التعددية وهو وعي تحرري بجوهره لا يرضى التبعية,,ولطالما جهدت تلك القوى البغيضة في تجزئة الوطن العربي وتمكنت بأساليبها الاحتيالية من ذلك,وهي اليوم تجهد على تفتيت الكيانات العربية وعلى طوأفت قواها تساندها في ذلك سياسات تركية تحن إلى تاريخ الامبراطورية العثمانية التي أمعنت في قسوتها ضد الأقليات القومية والطائفية, وارتكبت المذابح بحق العرب والأرمن والأكراد,وهاهي اليوم تعاني من قيادات سياسية حالية تحصد فشلا بعد فشل في مواقفها من جيرانها العرب والإيرانيين واليونانيين والبلغار,ولم يبق لها من داعم سوى احتضان الحلف الأطلسي لها ولمشاريعها التي أناط الحلف بهم تنفيذها نيابة عنه.
فقد أوهمت تحليلات سياسية لمراكز دراسات غربية,وتعليقات صحفية.ودعوات سياسيين غربين للأتراك بأن يغضوا النظر عن المطالبة بعضوية الاتحاد الأوروبي,وأن يهتموا بتركيز اهتمامها بمحيطهم ولعب دور قيادي في العالم الإسلامي (وإحياء الطائفية لتجييش المشاعر السنية الشيعية,وافتعال الخصومات السياسية المغلفة بثوب عنصري طائفي) وليس فقط في المنطقة المحيطة بها.أكل أردوغان وأركان حكومته المتعجرفة الطعم,وشرب كأس نخب عودة الامبرطورية العثمانية المسمم بالخداع الغربي وحيله السياسية واستهانته بعقل حلفائه الذين يضعون مصالح الغرب في موقع متقدم على مصالحهم الوطنية ويرعون مصالحه نيابة عنهم.
اندفع أردوغان,وفيلسوف السياسة الخارجية والعلاقات الدولية الباحث عن وهم الشهرة,وزير خارجيته البروفسورداودأوغلو ودون تردد أو مراعاة لعلاقاته (الحميمة ) السابقة من النظام السوري,اندفع ممتلئا بنشوة حلم الامبراطور تحت التأسيس,إلى التدخل السافر في سوريا عسكريا ولوجستيا بالتعاون مع الاستخبارات الغربية – الأميركية - الإسرائيلية بهدف إلحاق سوريا بالطاعة التركية (الأم) السابقة للمنطقة العربية مدعوما بأموال البترول الخليجية,هذه الأموال الملعونة في دورها الذي أدته بأحداث التاريخ العربي المعاصرالذي كان على الدوام مسخرا لخدمة الأهداف الغربية في المنطقة العربية بشكل خاص حماية لإسرائيل وضمانا لمصالحهم الجيو- ستراتيجية, والجيو- بترولية,والجيو- ثرواتية .
فاجأت يقظة الضمير الوطني,والمشاعر القومية التحررية,والصمود السوري موجة العدوان متعدد المنافذ والمصادر,الذي توزعت فيه الأدوارعلى أنظمة عربية مجاورة تحميها القواعد العسكرية الأميركية,إضافة إلى مركزية دور العدو الصهيوني, بريادة تركية وإدارة متعددة الأطراف بقيادة الخارجية الأميركية وتوابعها الفرنسية والانجليزية.
لم يفلح أي من زعماء أميركا وعلى رأسهم الرئيس أوباما,والرئيسين الفرنسيين السابق والحالي, ورئيس وزراء بريطانيا,وحمد الأمير وحمد الوزير الأول (حسب التعبير المغاربي لمنصب رئيس الوزراء),والوزير المخلد في الخارجية السعودية سعود الفيصل,وطبعا المرتبك المنفعل المحبط أردوغان ,رئيس الوزراء التركي,وغيرهم من المجندين مع تلك القوى الخارجية ,في قراءة متانة الوضع السوري وصلابة إرادته على مواجهة قوى العدوان المعد مسبقا والمخطط له من زمن غيربعيد يعود إلى رفض سوريا التوقيع على معاهدة سلام مع المحتل الصهيوني,هكذا كما فعل العرب الأخرون ترضية لأميركا وخوفا من غضبها.
فقد تكرروعد كل من المذكورين السابقين بأن أيام النظام السوري معدودة,وبنوا تنبؤاتهم بالتزامن مع إعداد مجنديهم لعمليات واسعة تتولى القوى الغربية – التركية تأمين احتياجاتها وتزويدها بمعلومات الاستخبارات العسكرية والتجسسية ظنا منهم أن كل عملية يخططون لها ويعدون لها أعدادا كبيرة من المغرر بهم من السوريين والمرتزقة من الأتراك وغيرهم الممونين بمخططات الناتووالموعودين كذبا بالدعم العسكري الخارجي,بأن النصريقف إلى جانبهم,والنصر عندهم هو مزيد من التخريب والتدميرللثروات السورية وخبرائها وعلمائها ومشاغلة الجيش السوري الذي تنادى للتصدي للعدوان مقدما الشهداء فداء لأرض الوطن.
نتذكر مع كل وعد كاذب أو تنبؤ خائب حول انهيار سوريا ونظامها,زحف البدرالذي أطاحت به الثورة اليمنية,فقد ظل البدر يزحف كل يوم, بدعم ذات القوى الخارجية التي تقود الحرب على سوريا اليوم,إلى أن انتهى به الأمر في بريطانيا يبدأ التعلم الذي لم ينل منه شيئا في ماضيه, من جديد.
الصراع في المنطقة ليس بين قوى أجنبية وأخرى محلية هكذا.إنه صراع الآخرين على الأرض العربية,وذلك بدلالة ما تعنيه طبيعة الصراع الدولي في المرحلة الراهنة , فقد حزمت قوى محلية مجندة لمقاولي الحروب واللعب على أوتارالفتن وإسالة اللعاب على تولي السلطة التي تضمن فيها القوى الطامعة سيطرة على المفاصل الاستراتيجية في التخطيط لمواجهة القوة الإيرانية الصاعدة,ومواجهة التمدد الصيني البطيئ ولكنه مستمر بثبات,وتنامي الدورالروسي في إعادة المحاورالوطنية الدولية وتفويت الفرص على أطماع قوة وحيدة مهيمنة,تملي إرادتها على مسارمستقبل العالم.
لمما يؤسف له,ويظل يسبب المرارة على المواقف العربية السياسية والانقيادية لقوى الامبريالية,لتظل أداة فاقدة القدرة على الفعل,ولا تقوى على مجرد رد الفعل إلا بمساعدة أجنبية علنية دون مراعاة للمشاعرالوطنية وافتقادها للكرامة الوطنية واستقلالية قراراها.فقد انتقلت بمجتمعاتنا العربية إلى مصائد التعنصر والطوأفة والانقسام بين قوى المكونات الطبيعية للمجتمعات العربية رأسيا وأفقيا بما يحقق للمترصدين لمسارنمو القوى العربية بميلها إلى الاستقلالية التلقائية,واستعادة الكرامة الوطنية التي انتهكت بأيد عربية غلبت على فكرها أطماع السلطة الموهومة, أمالهم بتقاتل تلك القوى نيابة عنها, وها هي تفعل ذلك بعد أن أفقدها الجهل وعيها لما تقود إليه نفسها وأوطانها التي هانت عليها,من مهالك وإضعاف ستكون هي نفسها أول ضحاياه.