جمال عبد الناصر في الذكرى الـــ95 لميلاده

mainThumb

19-01-2013 01:18 PM

 في الخامس عشر من كانون ثاني يناير الجاري مرت على الأمة العربية والعالم أجمع الذكرى الــ95 لميلاد الزعيم العربي جمال عبد الناصر في لحظات فاصلة ووسط منعطفات خطيرة في تاريخ الأمة العربية وهي ما يعرف بالربيع العربي الذي استغلت به الجوانب الإيجابية من أعداء الأمة ليحول لخريف عربي قد يعصف بكيان الأمة العربية لقرون قادمة لا يعلم مداها إلا الله ، ولا شك أن هناك الكثير من الأنظمة العربية انتهت صلاحيتها الاستهلاكية حتى من قبل من أوجدوها  وبالتالي أصبحت عبئا عليهم وعلى شعبها وحتى ولو كان كنزا استراتيجيا للصهاينة كنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك ومن قبله أنور السادات .

 

ومن المفترض أن يكون الربيع العربي في دول معسكر الاعتلال العربي وقد بدأ كذلك ولكن سرعان ما انتبه إليه أعداء الأمة واستغلت الحالة الثورية لتوجه لغير مكانها بخبث ودهاء سياسي كليبيا مثلا ، الذي اعترف أخيرا رئيس وزراء ايطاليا السابق برلسكوني  بأن ما حدث في ليبيا ليس ثورة ولكن تصفية حسابات فرنسية وأمريكية مع العقيد الشهيد معمر ألقذافي والأهم من ذلك كان كتاب برنارد ليفي الذي حمل عنوان ( الحرب التي لا نريدها ) وبه يكشف بأنه الأب الروحي لعصابات الناتو في ليبيا ودعاة الإرهاب في سوريا التي ارتكبت من الجرائم بحق الشعب السوري ما يندي له الجبين الإنساني ولم تحقق أهدافها الإجرامية بتقسيم سوريا رغم دعم كل شياطين الأرض لها من الاستعمار القديم ووريثه الأمريكي الجديد وعملائه ومرتزقته في المنطقة ، والأشد الحرب النفسية اللا أخلاقية في إعلام عربي متصهين يبث ألأكاذيب والسموم الموجهة لسوريا وشعبها وقيادتها وقبل ذلك ليبيا وهكذا .
 
في هذه الظروف تأتينا الذكرى الــ95 لميلاد الزعيم جمال عبد الناصر الذي ولد والاستعمار القديم بريطانيا وفرنسا يسيطروا على المنطقة وكانت مصر أكبر دولة عربية إحدى قواعد الاستعمار البريطاني بعد أن جرى اقتسام الوطن العربي بين بريطانيا وفرنسا بعد ما يسمى بالثورة العربية الكبرى التي استبدلت استعمارا عثمانيا بآخر انجليزي وفرنسي مع انتزاع فلسطين التي هي قلب الأمة العربية لتصبح مكبا للنفايات  البشرية الصهيونية القادمة من كل دول العالم بما في ذلك أقطار عربية ساهمت في المشروع الامبريالي بإقامة ما يسمى اليوم بإسرائيل على حساب شعبنا العربي في فلسطين وأجلت بعض الدول العربية رعاياها من المواطنين اليهود لفلسطين بتنسيق كامل مع الحركة الصهيونية التي جاءت بكل الحثالات البشرية لفلسطين ، وفتح الزعيم جمال عبد الناصر عينيه على هذا الواقع المؤلم البائس ليبدأ رحلة كفاحه طفلا متظاهرا وساخطا في المدرسة ضد الاحتلال البريطاني وجرح وسجن حتى شاءت له الأقدار بعد ذلك أن يلتحق بالكلية الحربية عام 1937م ، ليتخرج منها برتبة ملازم وليشارك بحرب فلسطين وتصمد الكتيبة التي يقودها بالفلوجة الفلسطينية ويرى جمال عبد الناصر الخيانات والأسلحة الفاسدة وقال كلمته المشهورة (( إن مشكلتنا الكبرى في القاهرة قبل فلسطين )) 
 
وكان معه رفاقه وزملائه في مجلس قيادة الثورة فيما بعد  البكباشي  عبد الحكيم عامر والبكب باشي زكريا محي الدين والبكباشي كمال الدين حسين ، ولسانه يقول من يدافع عن الحرية يجب أن يكون حرا في وطنه  .
وبالفعل قام بتشكيل الضباط الأحرار الذين صنعوا مجد الأمة في 23 يوليو عام 1952م، وبعد ذلك طرد الاستعمار البريطاني وأمم ثروات الوطن وعلى رأسها قناة السويس والمصالح الأجنبية الاحتكارية ، وقام جمال عبد الناصر ورفاقه الثوار من الضباط الأحرار بدعم حركات التحرر ليس في الوطن العربي فحسب ولكن في القارات الثلاثة آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية الذين كانوا يعانوا من الاستعمار واستمر عطاء القائد المعلم لشعبه وأمته رغم المؤامرات والدسائس التي وصلت للعدوان العسكري كما حدث عام 1956 وعام 1967م ، ومع ذلك ناضل جمال عبد الناصر ورفاقه من أجل إبقاء شعلة النضال والأمل مستمرة تنير الطريق للأجيال ، حتى شاءت له الأقدار أن يختاره الله لجواره راضيا مرضيا وهو يوحد صفوف الأمة نحو معركة الحرية واستعادت فلسطين وما أحتل من البلاد العربية عام 1967م ، ووضع خطة العبور العظيم قبل رحيله المفجع في 28 من أيلول سبتمبر عام 1970م ، ليبدأ بعد رحيله مسلسل السقوط العربي بعدما كان يفترض أن يكون نصر أكتوبر حافزا لتقدم الأمة  وليس العكس ، ولكن خلفاء الزعيم جمال عبد الناصر لم يكونوا أمناء على خطه وأدخلوا الأمة العربية وعلى رأسها مصر في المشروع الأمريكي الصهيوني تحت شعار السلام وهو المستحيل مع أعداء السلام والإنسانية.
 
نتذكر جمال عبد الناصر اليوم وغدا في ذكرى ميلاده وكل شيء حولنا يذكرنا بنضاله وكفاحه ، نتذكر صموده الأسطوري بوجه الأعداء والعملاء ونتذكر مشروعه الوحدوي لاسترجاع فلسطين وقد أكد كثيرا  (( أن الكيان الصهيوني مشكلة داخلية للأمة ولو توحدنا لانتهت )) نتذكر مواقف العزة والكرامة في صمود ذلك الزعيم الخالد بوجه العدوان الثلاثي وهو يقول من وسط الشعب ومن منبر الأزهر الخالد ( سنقاتل حتى آخر نفس ولن نستسلم لأعدائنا ) نتذكره بعد النكسة الأليمة عام 1967م،  عندما تراجع عن تنحيه عن القيادة  تحت ضغط الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج وهو يقول لندعها ساعة للعمل وليس ساعة للحزن ، نتذكره وهو يحرق أعصابه ودمه من أجل وقف نزيف الدم بين أشقاء الطريق الواحد ، نتذكره ونحن نرى الشعب العربي الثائر في مصر وكل الوطن العربي وهم يرفعون صوره وشعاراته الخالدة ((ما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة)( والخائفون لا يصنعون الحرية )( والمترددون لن تقوى أيديهم المرتعشة على البناء ) .
 
لذلك ذكرى ميلاد جمال عبد الناصر مناسبة للتأمل والوقوف والنظر للمستقبل لتجديد روح الأمة ونضالها وكفاحها من أجل الوحدة والحرية والاشتراكية ذات المضمون الإنساني الخالد والكرامة وصدق رسولنا الكريم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ( عندما قال ذو الهمة يحي الأمة ) .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد