أما بعد,فقد انفرجت الأزمة,وتوصلت العبقرية التجارية في تبادل السلع ( البشرية) إلى حل أعقد قضية من القضايا التي انشغل الرأي العام بها على مدارأكثر من نصف قرن من الزمن,وهي القضية الفلسطينية.
فبعد كل المذابح الإجرامية للعصابات الصهيونية منذ نهاية الأربعينيات من القرن العشرين بحق الفلسطينيين بشكل مباشر ودائم (واللبنانيين والمصريين والأردنيين والسوريين) ...,وتهجيرهم واحتلال الأرض بما عليها من ممتلكات بعد تفريغها من سكانها وملاكها الأصليين,وبعد كل الحروب التي خاضتها الجيوش العربية من مصر والأردن وسوريا والعراق والفلسطنيين المجاهدين والمناضلين ضد قوى الاحتلال المدعومة بقوة من قوى غربية – أميركية مالا وسلاحا ومقاتلين وخبراء عسكريين وخلايا تجسس واستخبارات استنزفت الأسرارالعسكرية والاقتصادية والبنيانية الاجتماعية المفترضة في الدول العربية تلك.
وبعد كل الحركات التحريرية التي شهدتها الدول العربية عينها التي شهدت التحركات الانقلابية العسكرية ( النمط السائد في زمانه )التي تحولت فيما بعد إلى حركات ثورية في مناهجها الاقتصادية والعسكرية وفي تبني الوشائج القومية العربية التي انبثقت في مرحلتها, بدوافع التحرر من ربقة الحكام العثمانيين القساة والعنصريين,والاستبداديين الذي اعتمدوا سياسات التجهيل والإفقارفي (الولايات العربية), هذه الحركات حملت المشاعر القومية العربية مشاعل التنوير النهضوي والتحرري.وقد جلب لها هذا التبني للشعارات القومية عداء شديدا من التحالف التلقائي الأميركي- الغربي بالاستعانة بالنظم العربية المرتبط وجودها بالحماية الأجنبية التي وضعتها في مراكز الحكم, لأن القوى القومية تطالب بالتحرير للأرض العربية المحتلة,وهي في حالة صراع ضد الأطماع الغربية- الأميركية في الثروات العربية ,فقد أمم العراق بتروله وتخلص من سيطرة الشركات الأجنبية,وكان عبد الناصر قد كسراحتكار الغرب للسلاح,وأعاد تسليح الجيش المصري وتعاون مع الاتحاد السوفياتي (السابق) في بناء السد العالي الذي رفض البنك الدولي تمويله, وكان قد أمم قناة السويس وأعادها للسيادة المصرية.
وقد أثارت كل هذه الأعمال السيادية,إضافة لوقوف سوريا إلى جانب حركات التحرر العربية, ودعم المخططات المعادية لقوى الاستغلال والاحتلال, أثارت غضب تلك القوى وحقدها على التيارات القومية بالتحديد,فركزت قواها لمواجهة المد القومي التحرري ونشطت العمليات الاستخبارية والضغوط الاقتصادية والحملات الإعلامية على هذه النظم في محاولة لتقويض نفوذها والتخلص منها واستبدالها بولاة يرتضون ولاءهم لمنظومة الدول الامبريالية التقليدية.
استطاعت التحالفات الغربية – الأميركية – وبعض النظم العربية مع الكيان الصهيوني من إلحاق هزيمة عسكرية بثلاث دول عربية,الأردن ,مصر وسوريا,ولكنها لم تستطع كسر إرادة التحرر والتحريرللمواطن العربي, وكانت مرحلة المقاومة المسلحة التي تبوأ الفلسطينيون قيادتها...... فكانت هناك تضحيات ضخمة بالنفس والمال,وكانت هناك اتفاقيات سلام لم تتوصل إلى عقد ميثاق الصلح بين محتل غاصب وبين قوى فلسطينية وعربية لم تجد في الرضوخ للهيمنة الأميركية والعدوانية الإسرائيلية ما يحقق مطالب العرب عامة والفلسطينيين خاصة بحقوقهم الطبيعية في أرضهم وفي مقاومة الاحتلال وتحريرالديار,فهاجت المطامع الامبريالية,واستشرت المؤامرات على النظم العربية التي تقف مع حق العرب الطبيعي,فكانت مهزلة (الربيع العربي), وكانت الحرب الشعواء الملبدة أموالها العربية بالحقد الأسود على سوريا التي ظلت وفية على دعم المقاومة والصمود في وجه المغريات الأميركية – الصهيونية,وعلى كل القوى المقاومة والتحررية.ثم وبعد مخاض اختلقت أسبابه دسائس الغرب وعملائه,ولوحت فيه سلطة الهيمنة الأميركية بمغريات سلطوية لقوى كانت محسوبة على تيار المقاومة للاحتلال والمحتلين,كان من نتيجتها اصطفاف حزب الحرية والعدالة في مصرإلى جانب القوى التي تربطها صداقة حميمة بزعماء الصهيانة المحتلين,وإذا بالمواقف لهذا الحزب التي طالما تباهت كوادره بأنها المنددة بالصهاينة والمكفرة لهم ولسلوكهم ومناهجم ,ووصفهم بالقردة وشذاذ الآفاق, تشيخ فجأة وتذوي طاقتها ويذوب حماسها أمام شهوة السلطة,ورغبات التحكم بمقدرات وطنية تتجه بها بإيحاءات خارجية تدعم هذه الإيحاءات التحول بالسلطة إلى حيث تريد قوى حزب العدالة والتنمية ومؤيديها ومواليها وموجهيها!!.
ولم يطرأ التحول المعاكس في المواقف من حالة العداء السافر للكيان الصهيوني المحتل,إلى حالة الصداقة الحميمة بقادته,وإلى ضمان أمنه بوقف عمليات المجاهدين من غزة ,وإنما تعدت الطروحات هذه إلى وضع (خطة) لإنهاء الصراع وذلك بما قدمه نائب رئيس حزب التنمية والعدالة,مستشار رئيس الجمهورية السيد عصام العريان من خطة جهنمية في سلميتها وفي سذاجتها وفي بدائية خلفيتها الفكرية ,وذلك بمبادلة اليهود الذين غادروا مصر(وطبعا باتهام جمال عبد الناصر بطردهم وهو ما كذبته وثائق مصرية,وبعضها يشير إلى مساهمة حركة الإخوان المسلمين في عملية التهجير) بفلسطينين هجرتهم القوى العسكرية بالترويع والتقتيل العشوائي والطرد المهين أمام أعين العرب وأحزابهم وأمام أعين الأمم المتحدة ودول العالم كله !!.وهكذا يتم حل القضية,ليس فقط بهذا التبادل للسلع (البشرية),فهذه بداية الاستراتيجية العريانة!!للحل السلمي,إذ بعدها تعقد صفقات التبادل هذه مع المغرب واليمن وسوريا ولبنان,والدول الصديقة, تسترد خلالها ما (صدرته ) من يهودها بمقايضتهم (بفلسطينيين) يقيمون لديها, ثم تعود الدولة الفلسطينية بمكوناتها من المواطنين المسلمين واليهود والمسيحيين وغيرهم تحت حكم ديمقراطي تعددي,لم تقدم مصرفي حكمها الحالي أي دليل مادي عليه,بل النقيض لكل ما تدعيه بهذا الشأن ,وهكذا يشفى العالم من صداع إسمه القضية الفلسطينية!!.
من مقولة (طز في مصر) على لسان المرشد العام المصري السابق,تقديما للعقيدة وسموها الإنساني على المواطنة وحقوقها الطبيعية التي من المفترض إنها لا تتعارض مع العقيدة على الإطلاق,إلى مشروع الحل الناعم لقضية أطماع في ثروات أمة وسياسات تفتيت أرضها وتقسيم شعبها ,بتجاوز حقائق التاريخ,والقفز فوق أبجديات الوطنية ومناكفة أوليات التحرر والتحرير من الغاصبين والمحتلين,ومغازلة للقوى الداعمة للاحتلال والداعمة لتمكين الكظام المصري الحالي من تثبيت أقدامه في الحكم ما دام مستمرا بهجه الحالي !!والسيرإلى الخلف كلما كان طريق الأمام محفوفا بما يهدد قوة القبض على السلطة والتمسك بها.