الديمقراطية والليبرالية والعلمانية والانتخابات والبرلمان .. وغيره

mainThumb

24-12-2012 05:39 PM

احد تعريفات مصطلح الديمقراطية انه يعني حكم الشعب لنفسه، وهي شكل من أشكال الحكم السياسي قائم بالإجمال علَى حكم الأكثريّة والتداول السلمي للسلطة ، بينما الليبرالية  مفهوم يعنى بحماية حقوق الأفراد والأقليات مع حكم الاغلبية.
 
اما العلمانية فهي وضع حد لمفهوم الدين وتحديده في فكر فردي ينتهي عند العبادات وبعض العادات والتقاليد الخاصة على ان لا يتدخل الدين في انظمة الحكم شكلا ودستورا .
 
النظام السائد للديمقراطية في دول الغرب، وكذلك في العالم في القرن الحادي والعشرين هو الديمقراطية الليبرالية وذلك لأن فيها تقييد للأغلبية في التعامل مع الأقليات والأفراد هذا بخلاف الأنظمة الديمقراطية التي لا تشتمل على دستور يلزم مثل هذه الحماية والتي تدعى بالديمقراطيات اللاليبرالية .
 
وبهذا يكون استخدام لفظ "الديمقراطية" مجردا لوصف انظمة الحكم الديمقراطية الليبرالية خلطا شائعا في استخدام المصطلح سواء في الغرب أو الشرق. 
 
هذه المصطلحات رائجة في الغرب ومفهومة على مستوى الشارع لانها جزء من ثقافة المجتمع وتراثة ، فمصطلح الديمقراطية قديم قدم الحضارات اليونانية القديمة والتي تمتد في التاريخ الى ما قبل ميلاد عيسى عليه السلام بمئات السنين.
 
ومن المعروف ان اليونانيين القدماء ثم من تبعهم من الامبراطوريات كانوا على صلة وثيقة بالشرق الاوسط على اساس ان هذه المنطقه هي نطقة امتداد طبيعي لحوض البحر الابيض المتوسط الذي شكل في ذهنهم الامتداد الطبيعي لامبراطورياتهم ومع ذلك فان المفهوم الديمقراطي لم يدخل الى قاموس المنطقة ولم يتجذر في وجدان الناس عندنا لسببين رئيسيين اولهما ان اليونانيين والرومان ومن تبعهم كانوا يتعاملوا مع المنطقة بمفهوم الاستعمار الاستعلائي العنصري، فهم لا يحبون اهل المنطقة لدرجة انهم كانوا يبعثون الحكام من طرفهم لحكم المناطق الشرق اوسطية ووصل بهم حد الغطرسة الاستعمارية الى ارسال شعوب بكاملها لتعيش في المنطقة وليتخذوا منهم حكاما كما حصل في الجزائر والاسوأ منه ما حصل في فلسطين ، اما السبب الثاني فهو ظهور الدين الاسلامي في منطقة الشرق الاوسط ، فبالرغم من ان الدين المسيحي سبق الدين الاسلامي في الظهور في المنطقة فانه جاء بتعاليم عقائدية فردية انسانية تسامحية يترك للفرد المؤمن اسلوب التعامل مع الاخرين حتى على مستوى الحكم فاعتبره الرومان – بعد التعامل معه بعدائية لفترة من الزمن – انه يحوي في داخلة اطارا مناسبا لعقائدهم السياسية وحاولوا استغلاله لاقناع العامة بان اعتناق الدين مهم وشجعوهم على ذلك رغبة منهم في استغلال ايمان الشعوب لتوطيد حكمهم وافكارهم حتى الاستعمارية منها ، اما الدين الاسلامي فقد كان على عكس ذلك حيث جاء وفي ثنياته نظام حكم شامل متكامل ينافس الديمقراطية بل يتفوق عليها في سهولة وسرعة تعلق الناس به لانه اسهل في الفهم واقرب للطبيعة البشرية واريح في التعامل مع المجهول الذي تعجز الديمقراطية وحدها على ايصالة للناس.
 
ومن هنا كان الوضع ولا زال غير مناسب لتطبيق المفاهيم الديمقراطية خصوصا في مجتمع بديهياته وتراثه وتجاربه السابقة بنيت على مفاهيم النظام الاسلامي ، ولا بد هنا من ان نتذكر بان الوضع ما قبل الاسلام كان في بلادنا قبليا عشائريا، وانه عندما ضعفت شوكة النظام الاسلامي عادت شوكة النظام العشائري للظهور ، وهي بطبيعتها منافسا متعاكسا مع المفاهيم الديمقراطية ، وبالتالي فان التوقع بان الطرح الديمقراطي سيكون مقبولا وميسرا في المنطقة العربية طرحا ينقصه الدليل.
 
في مصر الان مثال واضح  لقشرية المفهوم الديمقراطي وتطبيقة، فقد وقف المثقفون في مواجهة مع عموم الشعب امام صناديق الاقتراع حول الدستور الذي اعدته كوكبة من المتخصصين المصريين ، وان انقساما حادا قد ظهر بين اصحاب نظرية الديمقراطية اللبرالية في الحكم والجمهور ذو التوجه الاسلامي ، فقد صوت الجمهور او العامة لصالح الدستور المتهم بالانحياز للنظام الاسلامي اما الخاصة والمثقفين فقد صوتوا ضده وهم يريدون وضع دستور يخدم فكرهم وتوجهاتهم السياسية ، وفازت الاغلبية التي تمثل العامة ذات التاثر بالتراث الاسلامي والمفاهيم التي ورثوها ابا عن جد 
وهكذا فقد امتطى الطرفان حدثا واحدا هو التصويت على الدستور لطرح وجهتي النظر المتصارعتين الاولى نظرية الديمقراطية اللبرالية والثانية نظرية التطبيق التي تعتمد على مفاهيم الامة الموروثة من التجارب الاسلامية.
 
واغرب ما في عذا الصراع ان الكثير من المثقفين يطرحون مفهوم اقصاء العامة عن التصويت لان العامة تقودهم العواطف الاسلامية ولا يعرفون ماذا يعني الدستور وهذا خابور وليس مسمار في نعش الديمقراطية حتما.
 
نحن في المنطقة العربية غير مؤهلين لنظام ديمقراطي قبل ان نعرف ونفهم ما هي الديمقراطية ، وقبل ان يتعلمها الابناء في المدارس بالتوازي مع دروس الجغرافيا والتاريخ والرياضيات ، ثم يصبح هؤلاء الابناء هم الجيل السائد في المجتمع ويكون منه القادة والائمة والاساتذة والتجار وحتى عمال المصانع وقبل ان يثبت لنا انها اهم واجدى من النظم الموروثة اسلامية كانت ام حتى عشائرية ، حينها فقط سيكون للديمقراطية حظا اوفر في التنافس مع الموروثات من الافكار والانظمة.
 
في الاردن عندنا هذه الايان عرس انتخابات ، والناظر للطرق واعمدة الكهرباء في البلد يرى نفس الوجوه ونفس الشعارات بل نفس اليافطات التي كانت معلقة في نفس الاماكن في العرس السابق والعرس الذي سبقه ، هم نفس الاشخاص الذين قلنا بانهم عجزوا عن الانجاز سابقا فكيف سينجزون الان ولماذا؟
 
التغيير المطلوب لن تاتي به النتخابات القادمة ولا البرلمان القادم ، نفس الاشخاص سيعودوا لمقاعد البرلمان بنفس الاصوات وبنفس الاسلوب ، وسيبدأ المتحدثون في الاعلام من استعادة مواقفهم ومحاضراتهم السابقة ليعيدوها على مسامع الناس بعضها بالنقد وقليل منها بالاشادة ومعظمها تمنيات لا تسمن ولا تغني من جوع ، وسيستمر الناس في مقاطعة الاعلام والاجتماعات البرلمانية والوزارية ولن ينتظروا نتائجها ، وسيبقى الناس في حالة من التوقع والتاهب لما سيكون من متغيرات في حجم ونوع وسعر الاشياء وسيستمروا في محاولة وضع البدائل الى ان تستنفذ كل الامكانيات والله وحده يعلم ماذا سيكون بعد ذلك ان لم نتنبه للامر من الان.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد