هل يسدّد الأموات ما سرقه الأحياء؟

mainThumb

20-12-2012 04:57 PM

 في برنامج وثائقي، كشف التلفزيون التركي عن وجود كميات كبيرة جدا من الذهب في الأردن تقدّر بالمليارات خبأها الجيش التركي المهزوم في الحرب العالمية الثانية، على أمل استخراجها فيما بعد.

بداية، ابتهل إلى المولى تعالى أن تبقى هذه الدفائن على حالها، في مخابئها، هانئة مطمئنة؛ لأن المسعورين من الأحياء الذين لمّوا ما على وجه الأرض من مقدرات ومؤسسات وطنية بيعا وشراء وسمسرة لن يتوانوا لحظة عن لمّ ما تحت الأرض. أتمنى أن تبقى هذه الدفائن على حالها لعل وعسى أن يستبدل المولى القدير قوما آخرين بنا؛ قوما يخافون يوما لا تنفع فيه الذكرى ولا التوبة.
 
البحث عن الدفائن هواية وإدمان، وحرفة للحرّاث ومعلمه، للغني والفقير كما هي لراعي الحمير، للعاطل عن العمل وغير العاطل، للحالمين بجلاء فقرهم وعوزهم والمدمنين على تكديس ملايينهم على حدّ سواء.
 
سينشط البحث عن هذه الدفائن من قبل رصدة الجنّ ممن هم فوق الأرض، وسيستعينون بيهود المغرب والمشرق لفك رصد منافسيهم من الجن الأرضي، وسينبشون ويبحثون عن علامة أفعى أو صليب أو عقرب تشير إلى موقع الدفينة، وسيكثرون من الجولات السياحية إلى الكُفور ونبش القبور. وسيبتاعون أجهزة المسح الجيوفيزيائي والأنظمة الكهرومغناطيسية مشفوعة بالشعوذة وحرق البخور واستحضار أنصارهم من الجن السفلي.
 
اللصوص سرقوا خزائن البلد وعيونهم ستتجه صوب خزائن روما وبني عثمان، سرقوا وما ندّت جباههم خجلا. هؤلاء سيحثون الخطا على وقع وأثر أقدام الجيش التركي المنهزم؛ خطوة خطوة ابتداء من السعودية مرورا بالخط الحجازي في الأردن، مجتازين بلاد الشام كلها بحثا عن مغارة أو كهف أو قبر أو خرابة.
 
دعوا الدفائن على حالها؛ لعل وعسى أن يأتي يوم ما وتستخرج لسدّ المديونية التي ابتلينا بها. دعوها لعل عظام الأموات تجبر كسر عظام الأحياء، لعل أكفانهم تواري عيوب الأحياء وتستر عوراتهم. أحياء باعوا ما فوق الأرض وما عليها، ولن يتوانوا لحظة على بيع الأثر واللحد والتاريخ إن طالتها أياديهم.
 
الذهب العصمللي سيُسيلُ لعابَهم الذي سال على ما هو أقل منه نفاسة؛ فإن لعقوا ولحسوا ومصمصوا أصابعهم من بوتاس وغيره فكيف بهم إن خطف أبصارهم وبصيرتهم العصمللي والحراذين والفوانيس الذهبية!
 
ليت شعري، إن فقدنا الرجاء والأمل في الأحياء من علية القوم وسفلته، أننتظر يوما تُستخرج فيه هذه الدفائن، نترحم على أصحابها؛ عظام نخرة تقيل عثرة الغلابى والحراثين والرّضّع والهجّع الذين عثروا بفاسد هنا وسارق هناك وسمسار بين هنا وهناك.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد