بعد إراقة الدماء

mainThumb

03-12-2012 10:54 PM

 ستندلع الثورة وسيفقد النظام شرعيته إذا ارتفع عدد قتلى قرار رفع الدعم عن المحروقات وزاد عن الشهيدين قيس العمري واحمد مقابلة، ويكفي رئيس الوزراء عارا تمرده على أخلاقيات الحكم الهاشمي، وتحوله بين عشية وضحاها من معارض شرس يدافع عن أرواح الناس وأموالهم ، إلى شخصية مميتة تسببت مباشرة بوفاتين ناجمتين عن القرار، مما قد يستنسخ الحالة السورية ويضع كيان الدولة الأردنية فعليا على حافة الهاوية .

 
أصبح قرار رئيس الوزراء ملطخا بالدماء، وزاد مخزون الكراهية والحقد على رموز الفساد ،والحقيقة المؤكدة التي يعرفها القاصي والداني وأولهم رئيس الوزراء أن المجتمع الأردني مسلح، ويعاني من مشكلة عنف عشائري مزمن  ،ومهيأ تماما لأي مواجهة تفرضها أجهزة الدولة عبر محاولات تجفيف الربيع بوسائل دركية فاشلة ما زادت الناس إلا نفورا من النظام ،وما زادت الأزمة الداخلية  إلا توتيرا وتصعيدا .
 
مستقبلنا على كف عفريت ،وسيدخلنا تكرارا إراقة الدماء في أجواء العصيان الشعبي ،وسيكون الشعرة التي ستقصم ظهر مؤسسة الحكم ،ويعجل  بظهور العلامات الكبرى لزوال النظام  مع اقتراب تفجر الأوضاع الداخلية ،ودنو  الفتنة  التي أصبحت قاب قوسين او أدنى .
 
أن تحلم الحكومة  بعد سقوط الشهيدين بعودة الأوضاع إلى ما كانت علية قبل أن تلغي  القرار، فذلك كحلم إبليس بدخول الجنة، طالما أنها لم تأخذ احتياطات الأمان ،او تضع  في الحسبان  احتمالات أن يؤدي القرار إلى ما حصل من قتل غير مسبوق في عهد جلالة الملك .
 
الشارع يغلي ،والعلل الأردنية مشخصة تماما ،والوصفة العلاجية يعرفها الجميع ،ولا داعي للمشورات التي تجري في اتجاه واحد مع الذين تتفق مجمل آرائهم مع النظام ، ولن تفيد الخلوة  بالذين يبصمون بالعشرة على الخير والشر ،فليس لديهم سوى المجاملات والابتسامات الصفراء .
 
الموقف الشعبي بالنسبة للفساد واضح وصلب وعلى قلب رجل واحد ،واجتمع الناس على كلمة سواء بأن لا سمع ولا طاعة قبل استعادة ألأملاك المنقولة وغير المنقولة المسروقة ،والإصرار على أن علاج تقرحات الأزمة المالية لن يكون عبر سرقة القليل المتبقي من جيوب الأكثرية البائسة من الناس، وقد استقرت القناعة بعدم جدوى قرار الرئيس القاتل، ولا بديل عن الغائة حقنا للدماء ،والتخلص من كابوس الفتنة المنتظرة الذي اخذ يلاحقنا ليل نهار .
 
يتحمل الرئيس وزر القتيلين ،وستطارده لعنة الدم المراق  ،لان قراره بوضع الشعب الأردني في علبة الفاقة والفقر كان فرديا وارتجاليا بامتياز لتصحيح انحراف مسيرة الإصلاح ،واقتصارها على إحداث إصلاحات طلائية بعيدة كل البعد عن جوهر الأزمات السياسية والمالية والاقتصادية التي تعصف في البلاد، وتجاهل تحذيرات الأجهزة المختصة وتوقعاتها العلمية بالنتائج الدموية للقرار، لكن رغم انحدار الأوضاع العامة فلا زلنا نرفض فكرة أن أزمتنا قيادية بالدرجة الأولى  التي اخذ يتوشوش بها بعض الساسة المقربين والعارفين بخبايا الحكم.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد