إنَّ ما يحدث مِن مُحاولات تخريبية واعتداء على رجال الأمن و الدرك واعتداء على مقرات و مراكز الشرطة و المقرات الحكومية ، وحرق إطارات السيارات في شوارع المدن و القرى و المخيمات خلال المظاهرات المنددة برفع الدعم عن أسعار المشتقات النفطية هي أعمال شائنة و مستنكرة من الجميع .
هناك رزمة من الأسئلة المحيرة التي تطرح في هذا السياق : ما ذنب محطات الوقود التي تحرق؟ ما دخلها في رفع الدعم عن المشتقات النفطية ؟ لماذا تحرق المحاكم ؟ ما علاقتها بقرارت الحكومة الرشيدة أو غير الرشيدة ؟ ماذا يستفيد المتظاهرون من حرق المؤسسات الاستهلاكية العسكرية و المدنية ؟ ما الفائدة من حرق الاطارات في الشوارع التي سيتحول مكانها الى حفرة تلحق الأذى بسياراتنا و مركباتنا ؟ ما الفائدة من حرق المراكز الصحية و السيارات الحكومية ؟ ما الفائدة المرجوة من حرق باص نقل الموتى ؟ ما الفائدة من حرق الكابسات ؟ كل ذلك سيدفع إصلاحه و تعويضه من قوت عيالنا ومن جيوبنا الفارغة أصلاً ، و السؤال الذي يطرح نفسه ما حكم ذلك شرعاً وقانوناً ؟؟
المظاهرات السلمية أيها الشعب العظيم هي حق كفلته الدساتير و القوانين الدولية ، و الدستور و القوانين الأردنية ليست استثاءاً ، والمظاهرات السلمية هي تنم عن وعي حضاري ، و المظاهرة السلمية اصطلاحاً هي تجمع أو سير عدد من الأفراد بطريقة سلمية في مكان أو طريق عام أو بالقرب منهما بقصد التعبير عن رأي أو الاحتجاج أو المطالبة بتنفيذ مطالبة معينة .و المظاهرات السلمية لا تُشهر السلاح، ولا تسفك الدماء، ولا تخرج للاعتداء على الأنفس والممتلكات العامة و الخاصة. و المظاهرات السلمية لا يترتب عليها مفسدة.
صحيح إن المظاهرات في الدين الإسلامي لم يكن معروفاً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الخلفاء الراشدين، ولا عهد الصحابة رضوان الله عليهم ، لكن ديننا ليس دين فوضى ،ديننا دين انضباط ودرء المفاسد ودين نظام وهدوء وسكينة ،و أقول في هذا الاتجاه إن المظاهرات يجب أن تبتعد عن الفوضى والتشويش و إثارة الفتن ، و سفك الدماء والتخريب ، و يجب أن تبتعد عن تكسير الزجاج والأبواب وغيرها ، وإن لا يكون فيها اختلاط الرجال بالنساء.
في أدب العلوم السياسية ، تكون المظاهرات سلمية إذا توفر فيها العديد من الشروط منها تحديد يوم المظاهرة و مدتها و خطتها العامة ، اي أن تكون هناك رؤية واضحة لخطة سير المظاهرة ، وهذه في العادة تستلزم وجود لجنة أو مجموعة من المتطوعين لذلك، كذلك يجب توفير الغطاء الأمني الذي يحمي المتظاهرين من اي خطر أو قد يحول الهدف من المظاهرة الى مسار أخر، ولا بد من الحفاظ على المال العام ، لانه في البداية والنهاية ملك لشعب نفسه ، فان تم تخريبه فالشعب هو الخسران في الاول والاخير.
إن المتأمل في الأحداث المتلاحقة في هذا الوطن الحبيب ، يصاب بحيرة ودهشة مما يحدث من سرعة ثوران الشعب ، وخراب لمقدرات البلد ، وتعطيل لعملية الاقتصاد وانفلات غير مسبوق ، وهذا الغليان و الاحتقان مستحق وله مبرراته من الظلم والاضطهاد من الحكومات المتعاقبة ، إن المواطنين و الوطن هم الخاسر الأكبر في مثل هذه المواقف، و الله اسأل أن يصلح حالنا وحال البلاد والعباد لما فيه الخير والسداد .