ليفي المشار إليه في العنوان هو عينه هنري ليفي عرّاب حراك ما أصبحت التسميات تخجل من تكراره وهي تسمية ‘الربيع العربي’ بعد ما آلت إليه حال ثورات شعبية في تونس ومصر من اختطاف واستحواذ على السلطة واختزال المضامين الثورية بالمنطلقات الإخوانية التي كشفت عن إن الخبرة الطويلة للجماعة في السياسة كانت تستقي معارفها من مصادر محدودة العلوم مغلقة الأطراف والجوانب الفكرية والنقدية ,فآلت الحال إلى ما هي عليه في كلا البلدين من تضارب المصالح الشعبية مع المبادئ السياسة المعدة مسبقا ً لخدمة رؤية فئوية ترى أن الصواب والصلاح فيما تراه,وترواغ كي تصل بالتشريعات الناظمة للمجتمع المصري المتعدد المتنوع بما يفي ,إنْ تم الاعتراف بهذه الحقائق أنْ تعيد لمصر ريادتها في المنطقة العربية – الإفريقية وتحد من أطماع الجوار القريب وقوى الاستعمار البعيد جغرافيا والقريب فكريا وعسكريا من الحدود, المتغلغل في بعض المنطلقات الفكرية التي تدعي البراغماتية.
في مقال سابق على صفحات السوسنة الإلكترونية المتطورة في أدائها (بتاريخ 12102012),أشرنا إلى رد فعل ليفي والتعبير الصريح عن مخاوفه من أهداف منحة مجانية تبرعت بها قطر وصلت قيمتها إلى مئة مليون يورو لاستثمارها في المناطق الأقل حظا ً من أحياء باريس,وما وجهه من اتهامات مباشرة إلى أهداف قطر السياسية من وراء هذا التبرع السخي لفرنسا ,و أنْ يذكر النظام القطري بإنه بعيد جدا ًعن الديمقراطيةووإنه لم ولن يكون ديمقراطيا ً, وهو نظام مستبد يحرم مواطنيه من أبسط حقوقهم وسوء معاملة الوافدين العاملين في قطر من الهنود والباكستانيين والفلبينيين.وهو نظام يدعم التيارات الإسلامية السياسية المختلفة دون حساب.لكن ليفي لم يذكر صراحة وجود بعض تيارات المجموعات الجهادية في فرنسا,وربما أراد من ذلك إنكار علاقة فرنسا الدولة في تخبطها بدعم هذه التيارات في ليبيا حيث شبه ليفي عينه عودة الليبيين من خارج ليبيا إلى بلدهم الذي اضطروا إلى هجرته لأسباب سياسية, بعودة الصهاينة إلى احتلال فلسطين !!ويقومون,أي الفرنسيين, الآن بدعم الحركات الجهادية بسوريا بتمويل قطري – سعودي علني.أي إن ليفي يريد المال القطري المهدور بسخاء في انتهاك حرمات دول عربية فقط ووتدمير بناها لأن إعادة البناء ليس من واجب قطر أو قدرتها البشرية والتقنية,وليس لها خبرة أوتجربة في هذا السياق الحضاري,فهي مهمة غربية تترزق في خضم أزمتها الاقتصادية على مآسي بؤساء الجهل السياسي ونظم لا تميزالفرق بين يومها وغدها!.وليفي معذور في عدم ثقته بأحد لأن غريزة الشر طاغية على مشاعره الحاقدة,فكيف يثق بمن يتآمر معه على أبناء جلدته؟؟
تحت عنوان :الصندوق القطري الفرنسي المخصص لدعم مشاريع تنمية اقتصادية سيخضع للمراقبة, الذي نشرته جريدة الرأي الأردنية بتاريخ 31102012 ونسبته إلى السيد جان مارك إيرلوت رئيس الوزراء الفرنسي,مؤكدا هذا الأخير في تصريحه ,إن الصندوق (الفرنسي – القطري) الذي تبلغ قيمته 100 مليون يورو( أشار ليفي إلى أن كامل المبلغ من قطر)والمخصص لدعم مشاريع تنمية اقتصادية في فرنسا سيخضع للمراقبة... وتابع قوله : لكنني أحرص على أن يجري ذلك في شفافية وأن لا يهدد سيادتنا واستقلالنا,يجب أن نتوخى اليقظة إلى أقصى حد,مؤكدا وجود عمليات مراقبة,قائلا : والدولة تحمي نفسها.
في الأعراف العامة ,تصدق أقوال النقاد والمعترضين على السلوك حكومي ومواقفه,مقابل تصريحات السياسيين في الحكم وأقوالهم.إذ فيما يؤكد هنري ليفي إن المال القطري منحة دون مقابل لتنمية أطراف باريس,يذكُر رئيس الوزراء الفرنسي إن المبلغ هو استثمار أجنبي في فرنسا,تحت مسمى الصندوق الفرنسي القطري.والفرق طبعا بين الاستثمار وبين المنحة لا يحتاج إلى توضيح أو تفسير أو تبرير ساذج كما ذهب إلى ذلك إيرلوت.كان ذلك جانب.
من جانب آخر,من مصادر سعادتنا كمواطنين عرب أن نتأمل بأن يشهد زمننا نشاط وخطط عربية تهدف إلى تحقيق موقف يخدم مصلحة وطنية مقابل ما تقدمه دولة عربية من المساعدات والمنح العكسية ,اي من دولة عربية إلى دولة أوروبية عريقة كفرنسا لأغراض سياسية تخدم قضايا وطنية قطرية أوقومية لا فرق, بغض النظرعن أطرها الفكرية والعقائدية وأهدافها السياسية ,وتجاهلا لتصريح رئيس الوزراء القطري(كما ورد في الرأي) الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني بتأكيده عدم وجود أي خلفيات سياسية للاستثمارات القطرية في فرنسا,وهذا ما لم ينطل على هنري ليفي ولم يمر هكذا كما هو على أعضاء في حزب المعارضة اليميني الفرنسي,التجمع من أجل حركة شعبية , الذي قام بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية بشأن الاستثمارات القطرية في فرنسا(نفس الخبر في الرأي).إذ ربما انتبهت هذه الجهات الفرنسية إضافة إلى عراب انتهاك حرمة الشعب الليبي ليفي,إلى ما فعلته قطر وتعمدت فعله وتحقيقه من أهداف سياسية للاستثمارات القطرية في بلاد عربية أعظم من طاقة ثروة قطرعلى حملها في الدول العربية !!,فامتثلت هذه الأطراف إلى المثل العربي ( جاية قطر تبيع المية بحارة السقايين) .
حين نبتعد بظنوننا عن دور قطر في العديد من القضايا العربية في لبنان والسودان وغزة والتي كللتها بتدخلها بليبيا التي تعاني اليوم من ما فعله المحررمن من قوات الناتو وقطروالدعم العربي الذي خرج عن نطاق كل قيم القومية والوطنية والتراثية ومرجعياتها التاريخية والأخلاقية ,وما يفعلونه بسوريا من تآمر دام ومكشوف,عندما استعذبت هذه الأنظمة الاستعانة بالسلاح والدعم المباشرمن الأجنبي واستئجارقواته العسكرية في تدمير دولة عربية مسلمة وإعادتها بخيراتها إلى عهود السيطرة الاستعمارية النهمة والمتعطشة لتهميش أمة ذات حضارة (ليبيا) لم تعد تهتم مكونات الشعب العربي بقياداتها السياسية التي اشترت بأموال العرب تعميق مآسي الشعب وإدارة عجلة تقدمه إلى اتجاه الخضوع والهيمنة الأجنبية تحقيقا لإثراء أسر حاكمة متحكمة بالثروة المالية معوزة إلى الثروة البشرية المحلية لتتجاوزها إلى أصحاب العيون الزرق تجزلها العطاء طلبا لرضاها وطمعا في أمن بقائها.فلم يكن في أي زمن العداء للفكر القومي وللنهوض القومي وأصالته إلا بدوافع عائلية المطامع والمصالح.
وإذا كانت ادعاءات النظام الليبي السابق بأنه قام أيضا بالتبرع للحملات الانتخابية الفرنسية لطرف دون طرف آخر,وهو ما بررت من أجله تحليلات عديدة أسباب ضراوة القصف المتواصل لتدمير ليبيا وضرورة قتل القذافي ومن يملك مصدر تأكيد مثل هذه المعلومة,إذا كانت تلك الادعاءات صحيحة,ففيها درس للكيفية التي يرد سياسيو فرنسا الجميل للمتبرعين بالمنح المالية وغيرها !!.