هي( ثورة ) الإنهاك والتدمير!

mainThumb

31-10-2012 03:37 PM

 لسنا بصدد مقارنة العمل الثوري الأصيل والحقيقي الذي مرت به دولنا وأخلاقيات وسلوك الثوريين   وقيمهم الاصيلة عندما يدعون إنهم يمثلون ثورة شعبية .ولكننا بكل تأكيد نشير إلى الأزمة السورية التي أخذت منذ بدايتها طابعها الدولي سابق التصميم والتخطيط التي تفجرت فيه أحقاد القوى الاستعمارية مع إغراءات المال السياسي الذي لا يمكن أن يخدم قضية عادلة .فالمال السياسي هوعلى الدوام مال ملوث بالإثم والفساد والدم لأن فعله يقع أول ما يقع على الضمير الإنساني فيلغي قدرته على اليقظة أو التيقظ.

 
ولسنا بصدد المقارنة بين دول عفى الزمن على نظم حكمها وأشكاله وممارساته الفاسدة في كل مرحلة من مراحل تكوينها وتسييرها وبين نظم تستوعب أفكار العصر والمعاصرة وتتخذ ما يسعها من إجراءات إصلاحية لمجاراتها وتنسيق عمليات التحول الدينامي في المجتمع والدولة.المجموعة الأولى تبتاع الزمن لتحافظ على كيانها بالمال الذي تنهب من ثروات الوطن هو من حق تنمية دولها وتحقيق السعادة للشعب لتشتري به حماية دول ذات تاريخ استعماري عريق تنهب ثرواتها وتستغل طاقاتها لخدمة أغراض   الهيمنة والتسلط على المنطقة ككل. ويظل والحال على ما هو عليه مصدر إعاقة لكل خطوات التقدم وإحباطة لمراحله وسعيه نحو التحضروتستعين بكل من هو على استعداد لبيع نفسه لتثير المشاكل والمصاعب للنظم المستوعبة لمتطلبات التحضر,نكاية وحسدا وحقدا.
 
في سوريا معارضة لنظام الحكم محقة في مطالبها وفي تظاهرها وفي اعتصامها وفي حراكها الملتزم بالقضية الوطنية,وقد اجتمعت أطرها في دمشق ونسقت مواقفها والتزمت أصول المعارضة الوطنية في وسائلها وفي طرق التعبير الواضح عنها,التي تسعى إلى الإصلاح والتغيير المنسجمين مع دعاوى الديمقراطية والتعددية.وقامت الدولة السورية بمجموعة من الإصلاحات الدستورية والتشريعية وإرساء قواعد قانونية تداول السلطة والحفاظ على علمانية الدولة وعلى مواقفها الوطنية تجاه القضية الفلسطينية ودعم المقاومة الشرعية للاحتلال الصهيوني, والوقوف الصريح في وجه مخططات الهيمنة الأميركية وسيطرتها.
 
قضية الوطن لا تخرج عن نطاق الجهد الإيجابي الذي يحافظ على ثروة الوطن وعلى بناه الأساسية والتحتية لأنها المُلْك الحقيقي للشعب,بكل مكوناته وفئاته.والقضية الوطنية في مبتدأها يأتي الدفاع عن استقلال الوطن السياسي,واستقلال قرار المعارضين والمؤيدين,ولا تستقيم أي قيمة وطنية بالتعامل  المباشر وغير المباشر مع قوى خارجية معادية تاريخيا للوطن وأبناء الأمة التي ينتمي الشعب إليها وعملت وما زالت على تشتيت طاقاتها وتفتيت الوشائج القومية والوطنية التي ارتبطت بها المكونات القومية المتعددة بروابط تجمع وتوحد, وينكرون عليها كل محاولة يقظة وطنية استقلالية.تاريخ بريطانيا وفرنسا بالتحديد في المنطقة شكل طعنة في صدر أمة ولعنة على سياسييهم وعلى كل قيمهم السياسية المستحوذة على مصالح يمكن تحقيقها بكلفة أقل بالطرق المشروعة, ولكن العنصرية تأكل ثقة متبنيها بنفسه,فكيف بغيره.
 
أسئلة كثيرة استهجانية الطابع , وتساؤلات عديدة فيها من الغرابة ما يثير القلق على مستقبل الأمة  العربية تتعلق بالمسلحين الذين يمتهنون القتل ويدعون (الثورة) وهم عدة مجموعات لا يجتمعون على  هدف محدد ,ولا يلتقون في حوار بعضهم مع بعض,ولا ينسقون أعمال القتل والتفجيرات الإرهابية التي تقتل من أبناء الشعب السوري العشرات دون ذنب وقتل للشعب من أجل الشعب!!, مرتبطون بقوى خارجية معروفة في سياساتها وفي ممارساتها الملتزمة العداء لكل القوى الوطنية والقومية واليسارية العربية,ولكل القوى المعادية للاحتلال الصهيوني لفلسطين في المنطقة وقوى المقاومة والممانعة للهيمنة الأجنبية الطامعة في خيرات المنطقة وفي إدامة إخضاعها لنزواتهم وجشعهم.
 
لم تعد ثمة أسرار في الجهات الداعمة للمسلحين وهم بقيادة أميركا وتبعية فرنسا وبريطانيا وانقياد تركيا لحلف الأطلسي الذي أنكر عليها صلاحها الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي , ووعدها بدعم الأحلام  العثمانية في المنطقة العربية بالتحديد,وطاعة السعودية وقطر في التمويل بالمال والمقاتلين والسلاح والمتفجرات وعناصر التجسس والتخابر وإدارة المعركة ضد الجيش العربي السوري من أقطار مجاورة .
 
تفاجأت القوى الخارجية تلك بالقوة السورية وصمودها في مواجهة العدوان المعد له مسبقا, وفي القدرة العسكرية السورية على كشف المخططات التي تشرف عليها قوى الغرب وخبراء الناتولتحريك المسلحين هنا وهناك عن بعد,وإحباط مخططات إقامة مناطق عازلة وممرات إنسانية!!! لإنقاذ الشعب السوري!!,ومن الدعم المعنوي والسياسي لروسيا والصين وإيران التي وجدت في التصدي السوري للمؤامرة فرصة تزيد من تصميم هذه الدول على السير قدما في إسقاط وحدانية القوة والنظام العالمي الأحادي المركزالذي تدافع أميركا عنه  بكل ما تملك من قوى داخلية وأعوان أوروبيين.
 
المسلحون (وقوى المعترضون السياسيون منهم الذين تربوا في أحضان الثقافة الغربية,وتدربوا على استعمال وسائل الاتصال فيما بينهم وبين مراكز إدراة عملياتهم في الغرب ,وكأنهم يشرعون أعمال التجسس للأجنبي ويرون فيها إنجازا ثوريا !!) منقسمون في ارتباطاتهم بعدة جهات أجنبية وعربية وفي أهدافهم الباطنية المغلفة بشعارات لم تعد تلقى تصديق العقول الساذجة. والمضحك في هذا الوضع إنهم لم يستجيبوا لدعوات التوحد التي أطلقتها القوى الغربية – التركية أكثرمن مرة.ولكن الواقع المقرؤبحروف كبيرة إنه لو أرادت القوى الخارجية  تلك توحيد الفئات المسلحة,أو معظم أطرافها,لما تجرأت أي منها  على مخالفة هذه الأوامر في التوحد.فبعد أن فشلت مؤامرة هدم الكيان السياسي والبنية الشعبية الواعية لما يضمره أعداء سوريا التقليديين لوطنهم ,لجأت تلك القوى الشريرة التي تتلذذ برؤية شعب يقتل فيه    المواطن أخيه نيابة عنهم وكأنهم يستعيدون تراث النازي وفكره وشهوته للدم والقتل والتخريب,تحولت  قوى (الثورة !!) إلى بعثرة مصادر ثروة (شعبهم !!) الاقتصادية والبنيوية ,وإنهاك قوى الوطن وإشغالها بمثل هذا النوع من الاقتتال الذي لم تفاخر بمثله قوى هولاكو وثقافة التتار.وإلا فكيف نفسر ابتهاج   (الثوار!) بتدمير قاعدة دفاع جوي,وقتل علماء وخبراء,واستهداف الطيارين والسياسيين وعلماء الدين وأبنائهم.
 
التفجيرات العشوائية في الأماكن العامة,وتفجير أنابيب البترول والغاز وتلغيم السيارات ومحطات توليد الكهرباء والطاقة,كانوا يتنصلون منها ويتهمون النظام بتدبيرها على اعتبارها فعل آثم يستنكرونه دون خجل من أنفسهم أو من الشعب السوري الذي كشف أكاذيبهم,وهذا أحدالأدلة على إن غاية المسلحين ,بعد فشلهم في إسقاط الدولة وترسيم زعامة شكلية يديرها مجند مخابرات صهيوني ,إضعاف سوريا وإنهاك  قدرتها على التصدي لمخططات الهيمنة,والمعاناة من العجز في ردع العدوان الصهيوني بل تشجيعه على ذلك.ولنتذكر إن البديل لعدم الاستطاعة المرحلية لقتال العدو الصهيوني ليس في الاستسلام لإرادته ومهادنته والاتفاق معه بمعاهدات سلام كاذب.
 
ارتقت الشعوب حضاريا بترقي المفاهيم وتبني معانيها الدقيقة والبناءة بحرص وأمانة,ونرى بين  ظهرانينا من يفرغ المصطلحات المتداولة منذ الأزل من أبسط معانيها,ويخالف أبسط دلالاتها,ويحور مضامينها ويحولها إلىقرون من عظام الضحايا يهديها إلى شياطين الساسية الغربية لتزيين قبعاتهم بها


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد