في عام 1993 تبنى الأردن قانون الصوت الواحد في الانتخابات خلافا لقانون الانتخابات السابق الذي اعتمد نظام القوائم الانتخابية ، حيث كان من شأن ذلك القانون قلب الموازين الانتخابية الإجمالية لكل عشيرة إذ أخذ بعض المرشحين العشائريين بالفوز بمقاعد في مجالس النواب ببساطة من خلال تصويت أفراد عشيرتهم لهم ، كما تمكنت بعض العشائر من الفوز بأكثر من مقعد لمرشحيها ، كل ذلك تم من خلال ما يسمى بالاجماع العشائري على المرشحين أو الانتخابات الداخلية في العشائر. وكما هو معروف قامت العشائرالأردنية بأدوار شبيهة بأدوار منظمات المجتمع المدني ، حيث قدمت خدمات كبيرة لأفرادها من خلال نوابها في المجالس النيابية المتعاقبة حيث التخلي عن الأدوار الرقابية و التشريعية و الاقتصار على تحقيق المصالح الشخصية و الفئوية و العشائرية ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.
يتزايد هذه الأيام الاجتماعات العشائرية للتوافق و الاجماع العشائري على مرشح واحد من بين المتقدمين لخوض الانتخابات المقبلة من أبناء العشيرة الواحدة ، وقبل ذلك بادر الكثير من هجروا أقاربهم و مساقط رؤوسهم هذه الأيام إلى زيارة أقاربهم و مناطقهم في سبيل الحصول على الاجماع العشائري ، بل الأكثر من ذلك أصبحوا يشاركون بالمناسبات الاجتماعية، من أفراح و أتراح ، وقد يكون من فوائد الاجماعات العشائرية هو رجوع المهاجرين إلى عرينهم الأم .
هناك من يعارض الإجماعات العشائرية حيث يحدث حالات اختلاف عميقة بين ابناء العمومة في العشيرة الواحدة, وقد يحدث الاشكالات والانعكاسات السلبية التي يصعب تجاهلها, مما قد يسهم في خلق المزيد من الشقاق داخل العشيرة الواحدة و بالتالي التأثير السلبي نسبة المشاركة في الانتخابات , وقد يتسع التباين و الاختلاف في الاراء بين أفراد العشيرة , وعدم قبول الكثير من المرشحين اجتماعياً ، كما إن هناك مسألة الاختلاف حول قضية تبادل الادوار بين الحمائل والعائلات وفقا لتراتبية الاسماء الفائزة سابقا والتمسك بالتكرار مرة بعد اخرى من دون اعطاء فرصة للاخرين، وقد يحدث خلاف أثناء عملية الفرز عندما يتقدم مرشح حيث يقوم مؤيدو مرشح اخر بتحطيم الصناديق.
هناك الكثير من المتعلمين و الأكاديمين من أبناء العشائر الين يرون في الإجماع العشائري على أنه أجماع وهمي قد لا يؤدي إلى نتيجة ، لذلك يعتمدون على خبراتهم العملية وسمعتهم الطيبة و شهاداتهم بالترشح في الانتخابات دون الالتفات الى حسبة اجماع العشيرة والتي غالبا تكون غير مقنعة لابناء العشيرة انفسهم. ويرى كثير من الساسة و المتخصصين في العلوم السياسية إن الإجماع العشائري يسهم في تفتيت العملية السياسية وتمزيق المجتمع ، فقد يصل إلى مجلس النواب من لا يستحق ذلك ، بحيث لا يتم الإجماع على المرشح صاحب البرنامج السياسي أو الانتخابي القوي بل على المرشح العشائري أو المناطقي,أما عن الأحزاب فقد همش الإجماع دورها كثيراً ولم يساعد ها على النمو والتطور، و بالتالي هناك أعادة للبرلمان الى مرجعية عشائرية بحتة .
من خلال الاجماعات العشائرية قد تغيب بعض الكفاءات ، أنا اعرف كما يعرف غيري ان هناك أفراد لديهم خبرات ومعرفة كبيره قدموا الكثير من خلال مواقعهم الرسميه والشعبيه لكن الاجماع العشائري وقلة اعداد افراد عشيرتهم يؤرقهم ويخيفهم من التقدم للانتخابات النيابيه مما يحرم الوطن من هذه الكفاءات ، كما يؤخذ على الاجماعات العشائرية أنه يسمح بالإنتخاب للحاصلين على البطاقات الإنتخابية من دائرة الأحوال المدنية من الذكور فقط حيث ما ان هذة الانتخابات تحد من مشاركة المرأه في الترشيح والانتخاب وتصادر مشاركتها باذابة رأيها باصوات الرجال.
لقد نتج عن غالبية الانتخابات الداخلية العشائرية محاولة البعض الاستئثار بالوجاهة على أكتاف أبناء العشيرة وهو يعرف تماماً أن طالب الإمارة لا يؤمر. هناك من يستخدم المال أو الخداع كي يبقى هذا الفرد أو ذاك مستأثرا بسلطويته الوهمية. إن معظم الإجماعات العشائرية لا تتفق مع مفهوم المواطنة الحديث وقد لا يخدم الديمقراطية الحقة ، حيث لا يتم الإجماع في الغالب استناداً إلى برنامج المرشح الانتخابي ومدى قدرته على تنفيذه، وإنما يستند إلى عصبيات لا تنتمي في حقيقتها إلى مفهوم الديمقراطية. إن الأوطان لا تبنى أو تنمو أو تتقدم إلا بإعلاء قيمة الكفاءة .