برنارد هنري ليفي,مفكر وفيلسوف فرنسي هكذا تصفه الصحافة الفرنسية,يتمثل في مواقفه من القضايا العربية عداء متصهينا ممزوجا بكل بقايا العنصرية التي رفضتها القيم الإنسانية منذ زمن بعيد والاستخفاف بكل المواقف العربية وأنظمتها التي ارتضت للمحافظة على كراسيها في الحكم أن تتعامل مع كل من هم من مثله بل وأدنى من دنوه عنصرية مرتبة ,وهو وثيق العلاقة بسلطات الاحتلال الإسرائيلي, ومن المدافعين عن حقوق الصهاينة في أرض غير أرضهم.ويعتبره البعض عراب ((الثورة الليبية !!!)) ومبرمج حركة ثوارها والداعية المتحمس للتدخل العسكري لقوات الناتو المدعومة أميركيا ومشاركة خليجية وأطماع سلجوقية بمباركة من الجامعة العربية (جامعة التدخل الأجنبي في الشأن العربي) الذي أعاد في النهاية ليبيا إلى حضن شركات النفط الغربية – الأميركية,وأعاد تاريخ الاستعمارالأوروبي بثياب فرانكو – أميركية بدل الثوب الإيطالي القديم,ويروج بل ويسعى إلى مماثلة عدوانية سافرة في سوريا.
برناردهنري ليفي هذا,صديق استراتيجي لحكام قطروهو أيضا منسق ومشارك في صنع سياسات المشاركات القطرية في التدخل في الشأن الدولي المحدد بالرقعة الجغرافية - السياسية العربية بالتحديد بالاستعانة بتنظيم الإخوان المسلمين المدعوم بالمال وبالإعلام الذي تمثله قناة الجزيرة.ومن الجدير بالذكرإن جماعة الإخوان المسلمين التي لا يسمح لها العمل في قطربعد أن حلت الجماعة نفسها (طوعيالأن النظام القطري يتفق مع حكم بالشرع !!) .إلا إن اقتراب قطر من الساحة الفرنسية يثير شكوكه (أي هنري) ومخاوفه,وهو المطلع على نوايا ساسة قطر وأساليبهم والمتعاون مع مشاريعهم في التدخل في شؤون الدول الأخرى ومنسق برامج هذا التدخل مع قوى الإمبريالية وتطلعات فرنساالتائهة في خضم المشاركة في المشاريع الأميركية كقوة تابعة لسيد مهيب الجانب .
أما وقد أبدت قطراستعدادها التبرع بمبلغ 100(مئة) مليون يورو كمنحة مجانية لتنمية المناطق الأقل حظا في أحياء باريس التي تعاني ,عن قصد,سياسات التهميش والإفقار التي تتعمد تطبيقها الحكومات الفرنسية وريثة الإخاء والمساواة وداعية حقوق الإنسان !!,ويعتبر,متهكما ,إن هذا المبلغ الكبير يعادل قيمة فندق أو فندقين من الفنادق الفخمة التي قامت الحكومة القطرية بشرائها في فرنسا,أوقيمة شراء فريق كرة قدم,أو مجمع سكني أو قصر من القصور التي تبتاعها بين حين وآخر.
وهوأي ليفي,يشكك بنوايا قطرويعزو ذلك إلى طبيعة النظام القطري التي لا تُطمئن بأن هكذا نظام حكم يمكن له أن يكون صانع خير أو متصدق حسنة لوجه الله أو بدون غرض في المقابل ,فهو وهم يعرفون نوايا بعضهم جيدا,ويفهمون مرامي ما يصنع الواحد منهم تجاه الآخرين هم بالمال وهو بالعقل,فكيف إذا استدار للغدر بصاحبه. يسخرهنري سياسيا من طبيعة النظام القطري اللاديمقراطي الذي, حسب رأيه , لن يكون في يوم من الأيام ديمقراطيا, ,وهم ,أي الحكام القطريون يحرمون المواطنين القطريين من أبسط حقوقهم المدنية,هذا من ناحية؛
من ناحية أخرى مشكلة هذه المنحة القطرية المجانية بالنسبة لهنري هي في الغاية منها والهدف من ورائها. ويقارن غرض تمويل تنمية هذه المناطق بغرض قطر من تمويل الحركات الإسلامية من مختلف الفئات والمذاهب (تركز قطرعلى دعم حركة الإخوان بشكل داءم, والشيخ القرضاوي يمنهج أساليب ووسائل هذا الدعم,ودعهمها للحركات الأسلامية الأخرى مقترن عادة بقضية ما أو موقع تدخل هنا أو هناك) وهي تنوي استثمارها في المناطق الأقل حظا أي كما هو معلوم,المناطق التي تقطنها أغلبية مسلمة ومهاجرون فقراء من أصول أفريقية ,وهذا يثير الريبة والشك في الهدف منها لدى هنري,الذي يشكك بنوايا قطرالإنسانية من مثل هذه المنح التي لا تخلو من أغراض فئوية تخص مجموعات بعينها استمالتهم قطربالمال لخدمة أهداف سياسية يعتبرها البعض أكبر من طاقة قطرالعقلية على إدارتها,وأعمق من أطماع البشر في التسيد بقوة المال وحدها,إذ لا يخدم قضية حرية من لم يمارسها في بلده ومن لم تشكل له ولنظامه قيمة في ضميره وفي ممارساته على أبناء جلدته,وهو يمول مسلحين يمتهنون القتل على الهوية,وكل من يمثل خطرا على وجوده في الحكم المطلق.وهكذا فقد لجأ هنري لتذكيرهم بوضع المهاجرين والعاملين في قطر من الهند وباكستان والفلبين الذين يعانون من أسوأ أنواع التمييز العرقي والديني والمنبت ويتعرضون للإهانة كبشر,وإن الحكومة القطرية لم تحترم المبادئ العلمانية.
لم يخف الفيلسوف الفرنسي الشرير تفاجأه بضخامة المنحة القطرية,وتعود به الذاكرة كي يستذكر حجم المنحة الأميركية لفرنسا من خلال خطة مارشال لإعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية , والتي جعلت من فرنسا تابعا سياسيا وعسكريا في أحلاف بقيادة أميركية مطلقة اليد والإمكانية.
كما لم يخف توجسه من نوايا الحكام القطريين,لم يفته أن يحذر من قيام جهات أخرى بمثل هذه المبادرات في فرنسا مشيرا إلى كل من الصين وروسيا( الإمبرياليتين حسب وصفه !!) وطاجكيستان .
وكأني بهنري يستقرئ ما ستؤول إليه حال فرنسا التي استهانت باستقلال قرارها السياسي,وضعفت قدرتها الاقتصادية ,وألحقت ضررا بالغا بتراثها القيمي ذي المثل الإنسانية من خلال ممارساتها العدوانية والمتعجرفة اللاهثة وراء كسب ود الأميركي. ولنا في تتبع موقف فرنسا من العدوان على سوريا مثالا حيا على حقيقة الدور الفرنسي الثانوي والتبعي,كما إننا لا يجوز أن نتغاضى عن انعدام ثقة شخص من أمثاله يمتهن الخداع والتآمر في حكام قطر وغيرهم الذين لم يرف لهم جفن وهم يشاركون في تدمير ليبيا العربية المسلمة , وهم يمولون المسلحين في سوريا ويتدخلون في شؤون السودان ومصرواليمن وغيرها بإفساد الضمائر,لأن المال السياسي لا يمكن أن يتخلق بأي قيمة أخلاقية.
يمكن أن نستقرئ مسار انحطاط الدور الفرنسي في المساهمة في الثقافة العالمية,والفكر التنويري الإنساني من مواقف حكوماته السياسية من حقوق الإنسان العربي ومن حق الشعب العربي (السوري واللبناني والجزائري والتونسي )أن لا تنطق باسمه لا قوى سبق وأن أذاقته مرارة المستعمرين ولا أحد غير قواهم ومكوناتهم الوطنية,وها هي فرنسا تتحول إلى دولة تحتاج الحسنة المالية والمساعدات الإنسانية !! من هنا وهناك,فليبحث ليفي عن مصادر أخرى إن وجد منها أحدا.