عندما قرر مجلسا شورى الحزب وجماعة الاخوان المسلمين بتاريخ 12 تموز الماضي مقاطعة الانتخابات بالرغم من عدم صدور قرار حكومي لهذا التاريخ بتحديد موعد الانتخابات، كان السؤال الذي يدور في اذهان الباحثين والمتابعين عن سبب صدور هذا القرار قبل خمسة شهور على الاقل من موعد الانتخابات اذا ان التوقعات كانت تشير الى ان الانتخابات ستجري في نهاية هذا العام ، والقرار الذي يثير الغرابة والاستهجان قيام حزب جبهة العمل الاسلامي بتاريخ 5 أب الماضي باصدار قرار عدم المشاركة في عملية التسجيل للانتخابات النيابية، هذه القرارات صدرت بالرغم من التأكيدات الحكومية والشعبية بان الاخوان المسلمين جزء من النسيج الاجتماعي في المجتمع الأردني، وان الاخوان المسلمين شاركوا ثلاث مرات في الانتخابات حسب قانون الصوت الواحد، فهل يلدغ المؤمن أكثر من مرتين؟! ولماذا لدغ الاخوان اكثر من مرتين وشاركوا في الانتخابات بما ان القانون غير حضاري وغير عادل؟! ام ان المشاركة في الانتخابات كانت فرض وواجب والان اصبحت شرك وكفر وفساد !!! وهل اصبح الان قانون الصوت الواحد لا يعجبهم ولا يتوافق مع تطلعاتهم!!، لا اريد ان ادخل في حيثيات هذه القرارات إلا أن الاستنتاج الوحيد الذي يصل اليه الباحث والمتابع للقرارات والشعارات والبيانات والمسيرات والحراكات التي يقوم بها الاخوان المسلمين في الاردن ما هي الا دربكة وتخبط وفوضى وانقسام وتشتت ناجم عن عدم وضوح الهدف والنتيجة التي ستصل اليها هذه الدربكات والمسيرات والفائدة التي سيجنيها حزب جبهة العمل الاسلامي واذرعه المتشعبة جراء هذه الحراكات، وحتى لا اتهم بالتجني على الاخوان المسلمين اليكم الملاحظات والحقائق التالية :
1 – يقول نائب المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين القيادي الشيخ زكي بين ارشيد لوكالة فرانس برس قبيل المسيرة التي يدعي بانها ستكون حاشدة يوم غد الجمعة 5 تشرين اول في مسيرة اطلق عليها "جمعة انقاذ الوطن" ان مسيرتنا الحاشدة ستكون حضارية هادفة وسلمية وملتزمة نحن لا نتحدى احدا ولا نستفز احدا". واضاف انها "تأتي لتأكيد مطالبنا التي تتضمن قانونا انتخابيا، عصريا وعادلا، ومكافحة جدية للفساد واصلاحات دستورية تفضي الى حكومة ومجلسي نواب واعيان منتخبين ، والسؤال الذي يجب الاجابة عليه من الشيخ زكي بني ارشيد او قيادات الحزب التي تسمح له بتصدر المشهد الاعلامي هل انقاذ الوطن اصبح من مهمة جبهة العمل الاسلامي فقط ، والاردنيين الذي يعيشون في هذا الوطن من شتى الاصول والمنابت لا يهمهم انقاذ الوطن ، وهل الـ (50) الف الذين تحشدون منذ اسابيع لتجميعهم يتكلمون باسم 6 ملايين مواطن اردني، اليس هذا استفزاز للمواطن الأردني وتهميش لدوره ، ودفعه لرد الفعل المعاكس، وهل يطلب الحزب من المواطن الأردني ان لا يخاف على بلده ومجتمعة. ومن الذي منحكم حق احتكار بحث هموم واوضاع المواطن الاردني والمطالبه باصلاحات لا تعنية وانما تعني حزبكم وكوادره المتعطشة للسلطة والكراسي .
2 - - اما حكاية المطالبة بقانون انتخابي عادل وعصري ، والذي يتصدر تصريحاتكم اليومية فلعلي اعيد الى ذاكرة فضيلة القيادي الشيخ زكي بين ارشيد ، لقد كان لكم في مجلس النواب في عام (1993) وهو العام الذي اقر فيه قانون الصوت الواحد (17) نائبا هم: عبد المجيد الأقطش، وحمزة منصور، وعبد المنعم أبو زنط، وإبراهيم زيد الكيلاني، وهمام سعيد، وذيب أنيس، وبسام العموش، ومحمد الحاج، ومحمد عويضة، وعبد الرحيم العكور، وأحمد الكوفحي، وضيف الله المومني، وسليمان السعد، وعبد الله العكايلة، وذيب خطاب، وبدر الرياطي، وأحمد الكساسبة. ماذا فعل هؤلاء الصقور او الحمائم ؟! ولماذا ترشحوا للانتخابات؟! وكيف فازوا؟! ولماذا لم يغيروا قانون الانتخاب - الصوت الواحد – الذي اوصلهم لقبة البرلمان ، وفي عام 2003 شارك الاخوان المسلمين في الانتخابات النيابية وفاز منهم ( 17) مرشح منهم رئيس مجلس شورى جبهة العمل الإسلامي الحالي الشيخ علي أبو السكر ، وفي عام (2007) شارك الاخوان المسلمين في الانتخابات وفاز منهم 6 نواب فقط، فماذا فعل هؤلاء ؟!!
3- سؤال مشروع من المواطن الاردني للقيادي الشيخ زكي بني ارشيد الم يكن من الاجدر على حزب جبهة العمل الاسلامي تقديم هذه القيادات الحزبية ( حمزه منصور ، علي ابو السكر ، همام سعيد ، و.....) التي شاركت في الانتخابات على قانون الانتخاب ( الصوت الواحد ) وفازت في الانتخابات ولم يقوموا بتغيير قانون الصوت الواحد الى محاكمة حزبية وفصلهم من الحزب كونهم لم يغيروا قانون الصوت الواحد ؟ ! ولماذا وهؤلاء نواب ويصولون ويجولون ويخطبون تحت القبة لم يغيروا قانون الصوت ، علما بان الدستور الاردني في المادة 95 يجيز لعشرة أو أكثر من اعضاء اي مجلسي الاعيان والنواب ان يقترحوا القوانين ، فهل اقترحوا اي قانون بديل لقانون الصوت الواحد ؟! كان الاجدر في حزب جبهة العمل الاسلامي محاسبة هذه القيادات وفصلها من حزب جبهة العمل الاسلامي كونها ساهمت في ابقاء قانون الانتخاب منذ عام 1993 لتاريخه .
وبعد ،،، لا يوجد اردني يقف ضد الاصلاح ، وضد محاربة الفساد ، ومواجهة المفسدين والفاسدين، ولكن الواجب يقتضي ان يعرف كل امرء قدر نفسه ، وكل حزب او جماعة او حراك ان يقدر عواقب سلوكياته وتاثيراتها على الاخرين، وكان الاجدر على حزب جبهة العمل الاسلامي ان يدرس جيدا خصوصية المجتمع الأردني، والمجتمع الاردني يرفض نقل ما يجري في شوارع وميادين عواصم بعض الدول العربية الى بلده ، ومن حق المواطن ان يخاف على بلده ومنجزاته التي لم تتحقق بكبسة، وانما نتيجة عمل مستمر وتحدي لكافة الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، وما يجري من تجييش وتضخيم وتحشيد ودعوات للمشاركة في مسيرة " انقاذ الوطن " هذا لا ينقذ الوطن ، ولكن يدفع بالوطن الى عدم الاستقرار والطمأنينة والخوف على مستقبل الوطن ومنجزاته. واذا كان الاخوان المسلمين حريصين مصلحة الوطن والمواطن الاردني فعليهم البعد عن دغدغة العواطف ومحاولات التأثير عليهم للمشاركة في مسيراتهم التي لن يجني ثمارها الا حزب جبهة العمل الاسلامي فقط ، وهذا يذكرنا بوجودهم في مجالس النواب في الاعوام (1993، 2003، 2007) وماذا حصد المواطن الاردني من مشاركاتهم ؟! وما هي المغانم التي حصلوا عليها من الدولة ؟! فهل من يفشل في تغيير قانون انتخابي ، سينجح في تحقيق اصلاحات للوطن وحمايته وتطويره .
مسك الكلام ،،، هذه جمعة هدم الوطن ، جمعة زرع الفتنة بين ابناء الوطن ، لان انقاذ الوطن والحفاظ على مقدراته وانجازاته يكون في ميادين العمل والبناء والانجاز ، ولا يتم من خلال الخطابات الرنانة والمسيرات المسيسة لخدمة اهداف حزب يسعى لاثبات وجوده في الشارع الاردني بعد ان فشل من اثبات وجوده في النقابات والجامعات والجمعيات التعاونية. لا لجمعة الفتنة وهدم الوطن ، وعلى الذين يرغبون غدا المشاركة في مسيرة "انقاذ الوطن" الببقاء في بيوتهم ، لان القافلة تسير بنجاح وتقدم، والاستقرار والامن مقدم على الاجندات الحزبية ، والفتنة نائمة لعن الله موقظها .
ohok1960@yahoo.com