في أول اعتصام احتجاجي نفذته مجموعة من الفعاليات الشعبية والسياسية بحضور عدد من أعضاء مجلس النواب أمام مستشفى الملك المؤسس عبدالله قبل ما يزيد عن أسبوع، وذلك للتعبير عن قلقهم واستيائهم جراء ما يتعرض له المستشفى من استهداف ممنهج من قبل وزارة الصحة، فقد انبرى للمعتصمين النائب حسني فندي الشياب وأبلغ الحضور أن دولة رئيس الوزراء فايز الطراونة قد هاتفه وأبلغه بأنه سيحل مشكلة المستشفى، وعليه فقد طالب النائب المذكور المعتصمين بفض الاعتصام.
وقد جاء الرد سريعاً على النائب المذكور بان المعتصمين فاقدين الثقة بالحكومة وأن الحكومة لو كانت جادة بحل مشكلة المستشفى فإنه في دولة تسمي نفسها دولة القانون والمؤسسات كان على رئيس الوزراء أن يخاطب وزير الصحة أو مدير المستشفى مباشرة ورسمياً بدل من مخاطبة النائب المذكور أو إرسال رسالة مسج له على هاتفه النقال يفيد بنيته حل مشكلة المستشفى، وحتى تاريخ اليوم وفي ظل مماطلة وتسويف وزارة الصحة في التعامل مع القضية فإنه لا يوجد دليل على صحة المعلومة التي نقلها النائب المذكور للمعتصمين والذي توارى عن الأنظار منذ ذلك التاريخ حتى اليوم وكأن مشكلة المستشفى قد تم حلها بشكل نهائي.
اللجنة الشعبية لمناصرة المستشفى والتي تضم في عضويتها نواب وأكاديميين وناشطين سياسيين وضعت خطة عمل وإستراتيجية طويلة المدى للتعامل مع المشكلة باعتبارها قضية وطنية بالغة الأهمية، ولا تقل أهمية عن قضية الفوسفات التي بيعت بثمن بخس أو قضية رخصة شركة أمنية أو المنحة النفطية الكويتية التي بيعت في عرض البحر أو غيرها من قضايا الفساد التي كان أبطالها مسؤولين حكوميين كبار من أصحب النفوذ وعديمي النزاهة.
وبدلاً من أن تنظر الحكومة إلى هذه اللجنة الشعبية بالتقدير والاحترام والتي تتشكل من شخصيات وطنية ذات حس وطني رفيع وانتماء حقيقي للوطن وحرص على مؤسساته ومنها مستشفى الملك المؤسس عبدالله، فقد جاء رد وزارة الصحة على لسان مستشار وزير الصحة بطريقة تبعث على السخرية والحزن حيث الردح والغوغائية والدفاع عن شخصية وعبقرية وإنجازات الوزير واتهامات لأعضاء اللجنة بالتزلف والابتزاز واستجداء العطف والارتباط بالمطاعم المغلقة، وهذه اتهامات لا ترقى إلى مستوى الرد عليها ولكنها كشفت عن ضيق أفق أصحابها وموقف مسبق لدى الوزارة من المستشفى وكل من يحاول أن يقف مع هموم وقضايا الوطن، ومن الواضح أن مستشار الوزير الذي تحول إلى ناطق إعلامي باسم الوزير على جهل واضح بأبسط مبادئ الحوار، وأن أمامه مشوار طويل، وعليه بذل جهود مضنية حتى يتلمس طريقه نحو أبسط قيم الديمقراطية والمواطنة والوطنية الحقة والانتماء الحقيقي بعيداً عن المزايدات! ومن هنا فقد جاء الرد سريعاً على تصريحات المستشار من قِبَل نقابة الأطباء حيث تنصلت من تصريحاته، وأكدت احترامها الكبير للحراك الشعبي ومنه اللجنة الشعبية لمؤازرة المستشفى وكل الخيرين الذين يسعون لحماية مؤسسات الوطن وحماية حقوق المواطنين، وهذا الموقف غير الجديد على النقابة يسجّل لها بانحيازها الكامل لحقوق وقضايا المواطنين.
بالأمس عقد لقاء في مجلس النواب للجنة الصحة والبيئة وحضره عن المستشفى مدير المستشفى والمدير المالي، وقد تغيب وزير الصحة عن اللقاء متذرعاً بحجج واهية وأناب عنه للحضور أمين عام وزارة الصحة ومستشاره وكان على أعضاء مجلس النواب أعضاء لجنة الصحة والبيئة عدم المشاركة في هذا اللقاء فعدم حضور الوزير استهانة واضحة بالنواب وبالمستشفى ولا سيما أنه صاحب القرار الأول والأخير فيما يخص المستشفى، وليس من أنابهم عنه للحضور، وانتهى اللقاء دون الوصول إلى أي اتفاق ولا يوجد في الأفق ما يشير إلى ذلك أو على الأقل حسن النوايا لدى الوزارة تجاه المستشفى!
بإخفاق كل من الحكومة والنواب بإيجاد حل جذري ودائم لمشكلة المستشفى فإن ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة تزداد تردياً وتتجه الأنظار إلى الحراك الشعبي بالقدرة على ممارسة ضغوطاً على صناع القرار لإيجاد حلول لمشاكل وهموم المواطنين وعليه فإن المطلوب من المعنيين بهذه المسألة من نواب وأعيان وفعاليات سياسية وشعبية تنظيم صفوفهم وتركيز جهودهم في المرحلة المقبلة وذلك على النحو الذي تتطلبه هذه القضية التي تمس حقوق ما يزيد عن 2 مليون مواطن من سكان محافظات إربد والمفرق وجرش وعجلون المنتفعين من هذا الصرح الطبي الكبير المشهود للقائمين عليه بالعمل المخلص الدؤوب والنزاهة بالرغم من تشكيك المرجفين والحاقدين من أصحاب الأجندة الخفية والنظرة الضيقة والأفق المحجوب.