التلفزيون ومسابقات رمضان

mainThumb

03-08-2012 02:54 PM

 مؤسف هذا الذي يجري على الشاشات الوطنية، على مرأى ومسمع من الناس في المحافظات، التي يعشعش فيها الفقر، وتأخذ البطالة منها كل مأخذ.

 
فالأسرة المكلومة بنفقات أبنائها في الجامعات، والعائلة التي تفطر على الخبز وعلبة اللبن، والشاب الذي أغلقت في وجهه كل الدوائر والمؤسسات، والفتاة التي تتوجع على وقع العنوسة وضيق ذات اليد، تشدهم عند الإفطار هذه المكارم التلفزيونية، التي تتدفق بسخاء على المتصلين.
 
جوائز سخية بالآلاف، وسيارات مختلفة الألوان، وامتيازات لرحلات جوية، يسيل لها لعاب المواطن في المحافظات، غير القادر على التواصل مع الأرقام الهاتفية الخلوية الخاصة بالمسابقات، يجدها تمنح بأدنى درجات اليسر والسهولة لأصحاب الإمكانات والقدرات المادية في الغالب، بينما حظ التعاسة يقف ملازما لهذه الأسر، منذ المولد حتى الممات.
 
ماذا لو فكرت إدارات القنوات الفضائية الأردنية بنوع آخر من الإجراءات التي تكفل للمعوزين والطفارى، الاستفادة من تبذير وإهدار الأموال بالآلاف يوميا، لمجرد الإمساك بتلابيب الخط الهاتفي، فيما أبناء المحافظات، أصحاب الحظ العاثر، يرقبون سيلا من المال يتدفق الى جيوب المنعمين والمترفين.
 
عائلات تنتظر طول عمرها اقتناء ثلاجة، أو جهاز تلفاز، وأخرى تعتبر وجود أثاث جديد مناسب فرصة لا تتاح في العمر، وثالثة ترى أن المئة دينار حلا لأعظم مشاكلها، وخاصة في استكمال الرسوم الجامعية، أو لشراء بعض احتياجات العائلة في رمضان.
هل تتخذ هذه الإدارات قرارا بإنصاف المحافظات، بأن تجعل لكل منها يوما خاصا لاستقبال مكالمات أهلها، بدلا من تنافسية بين سكان المملكة، على خطوط قليلة، في وقت قصير، لصاحب المال الفرصة الأكبر في إجراء مكالمات متعددة، لزيادة فرصة الفوز وتأمين نهب أموال طائلة يمكن ان تسعد حياة العشرات من الموجوعين والفقراء.
 
هذه الثلاجات والمغلفات المالية والأثاث والأعطيات التي ينثرها التلفزيون الأردني، ومعه محطات أردنية أخرى، تحتاج الى الإشفاق على أهل الفقر وموائل الحاجة، وبيوت العوز، التي يسيل لعابها وهي تراقب أموالا تتدحرج الى جيوب الموسرين، فيما المشهد يزيدهم حقدا واحتقانا.
 
ليس من الصعب زيادة فرص المحافظات من المشاركة في البرامج الرمضانية التي تعج بالمال والهبات والأعطيات، لمجرد الإمساك بالخط التليفوني، ولا يحتاج ذلك الى إبداع أو براءة اختراع، بل الى الإحساس بوجع الناس ومرارة أيامهم، وشقاوة الدنيا التي تغلف مشاعرهم وطموحاتهم.
 
في كل عام اسمع وأرى حسرات البسطاء في الطفيلة، وفي المفرق، وفي معان، وهم يتابعون نهرا من الجوائز التي لا تذهب لغير أصحاب القدرات، بينما المسكين والبائس والمحروم، ما عليه غير التصفيق للفائزين، وإطلاق ابتسامات مخدوشة، لكل من يتسلم هذه الأموال التي تعنى للفقير مسألة إنقاذ وإحياء وبعث للأمل والفرحة من جديد.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد