يعرف الإحباط الوظيفي(Job Frustration) بأنه حالة نفسية تصيب الموظف عندما يواجه معوقات تحول دون تحقيق رغباته الوظيفية ، وهو يصيب الموظف لكن آثاره ليست قوية أو مزمنة فقد تزول عن طريق عامل الوقت( Time Factor ) أو بمرور الزمن .
هل الإحباط الوظيفي حالة فردية Individual Case) ؟ أم أنه تحول إلى ظاهرة (phenomenon) نتشرة في مجتمعات دول العالم الثالث نتيجة لتفشي الواسطة و المحسوبية ؟ وهل يعد الإحباط أحد عوامل غياب التسامح وقلة تحمل الضغوطات النفسية و الوظيفية ؟ وهل يؤدي هذا النوع من الإحباط إلى تدني الأداء الوظيفي؟ وهل هو سبب الإحساس بخيبة الأمل؟ أسئلة تطرح نفسها نتيجة لتنامي الشعور بالإحباط الوظيفي لدى كثيرين من موظفي القطاعين العام و الخاص ، وضعف الحافز النفسي( Psychological Motive) والدوافع المعنوية المتعلقة بالعمل.
تظهر صور الإحباط الوظيفي على وجوه منها الصمت واللامبالاة،و التسيب في العمل و التهرب منه كلما وجد الموظف لذلك سبيلاً ، وعدم الحرص على الحضور المبكر للدوام الرسمي والتواجد طوال فترة العمل المطلوب ، وكثرة الخروج اثناء العمل وكذلك الانصراف المبكر، و قلة المشاركة في الأنشطة الاجتماعية التي تقيمها دائرة الموظف ، و انعدام او ضعف روح المبادرة والانكفاء على الذات(self Retreat ) والرتابة وعدم التفكير في التطوير للذات والعمل، والعزوف عن التنمية المهنية( Professional Development ) المستدامة بأسباب وأعذار واهية ، والإحساس بالغبن ونوبات حدة المزاج، والتصريح بأفكار سوداء تصف الشعور بالواقع وتنم عن فقد الأمل في المستقبل و النمو الوظيفي.
ما أسباب شعورالموظفين بالإحباط، الوظيفي ؟ هناك أسباب كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر غياب التقدير المعنوي (Moral Appreciation) لدى الموظفين من قبل المسؤول ، فكثير من الموظفين تحملوا الصعاب في مسيرتهم العملية خلال سنوات طوال، ووصلوا بعد استثمار ما يملكونه من وقت وجهد إلى خبرة غنية ،ومع ذلك يواجهون بالتهميش وسوء التقدير، ويتعرضون لتيار بعض النظم العقيمة التي تبعث على الملل، وتطفئ شعلة العطاء والإبداع(Creativity) ، بل ويترك العنان لبعض الإداريين أن يتسلطوا عليهم ويتحكموا في مستقبلهم المهني، ويصادروا أدوات نجاحهم، ويعاملونهم معاملة لا توفيهم حقهم من الاحترام و التقدير والثناء ، ويحرمونهم من الحوافز الوظيفية التي يستحقون . والأدهى وجود بعض أعداء النجاح ممن ألفوا تثبيط الهمم والوشاية بأصحاب الكفاءات، وتواطئهم على محاولة هدم نجاحاتهم لعجزهم عن مواكبة همتهم العالية. ولا شك أن تقدير واحترام جميع العاملين و الموظفين في أي مجتمع ينم عن سمو أخلاق أفراده وتحضر سلوك الاجتماعي(Social Behavior) .
هناك نوعان من مصادر الإحباط الوظيفي :النوع الأول مصادر داخلية Internal Sources) ) من حيث لا يمتلك الموظف قدرات وكفايات (Competencies) عالية ، بل يتسم بضعف روح المبادرة(Initiative Spirit) ، وضعف الخبرة وقلة الاحتكاك بالاخرين.و النوع الثاني من مصادر الإحباط الوظيفي هي مصادر خارجية (external Sources) وتتمثل في عدم اتاحة الفرصة للموظف لابراز ذاته.
إذا كان الإنسان يعاني من الإحباط الوظيفي وبدأت طاقته تنفد فإن هناك مجموعة من الخيارات أمامه أما التحمل والاكتفاء بالأمل في تحسن الوضع وترك الأمور على ما هي عليه حتى تتلاشى الحالة بفعل الزمن لكن المشكلة في هذا الحل هي أن الوضع ربما لا يتحسن أبدا وإنما قد يتدهور أكثر حتى يفقد الإنسان رغبته في العمل، أو الحصول على إجازة طويلة للابتعاد عن جو العمل ولكن في هذه الحالة فإن الموظف يكون عليه دائما العودة عاجلا أو آجلا، أو الاستقالة (Resignation) من العمل.
في ظل غياب العدالة الوظيفية (Career Justice)أفضل علاج للإحباط الوظيفي هو احتساب العمل خالصاً لوجه الله وعدم البحث عن ثناء الناس و مدحهم وتقديرهم ، فالاجر من الخالق عزة و جل خيروأبقى . وان تضع الله نصب عينيك تحسن عمل الانسان ،كذلك لا بد من تنمية الرقابة الذاتية (Self Control) التي هي أنجع من كل قانون ينظم العمل ويحاسب المقصر. كما إن للثقة بالنفس(Self Confidence) أهمية كبير في التخلص من آفة الإحباط الوظيفي وقد قيل من عرف نفسه لم يضره ما قاله الناس فيه .