موت الضمير الوطني

mainThumb

05-07-2012 09:47 PM

 الولاء والانتماء من المصطلحات العتيقة في التاريخ الوطني للبشرية ,وفي التعبيرعن الالتزام     بالمعايير الوطنية التي ينتمي الإنسان إليها دون خياره أو موافقته المسبقة عليها . والانتماء والولاء      ليسا متماهيين في كل الظروف والحالات التي تفرض نفسها على مستقبل الفرد أو بقراره المجبرعليه نتيجة ضغط الظروف الاجتماعية أو الحياتية التي يتعرض لها عن قصد أو لسوء الحال العام في  المجتمع .  ويعود سبب الاختلاف في ظروف التماهي بين هذين المصطلحين العتيقين ,إلى إن الانتماء توارث قسري دون أضيق حدود من مجالات الاختيارأوالتفضيل أو التخصيص,ودون أدى مستوى من حق في تغييره أو تبديله أو تحويره أوالتنصل من تبعاته , في حين إن الولاء اختيارتحدده عدة عوامل منها عوامل مصالح خاصة , ومنها عوامل ظروف معيشية اضطرارية ومنها ما تصنف بالعوامل الفكرية والثقافية, ومنها ولاءات إيمانية,وهي كلها عوامل مقترنة بدرجات مختلفة من القيم الخلقية     ومن الالتزام بالوعود التي  يقطعها المرء على نفسه , ومنها العهود التي يُلزم نفسه بأدائها.        

 
فالمولود لأبوين من عرق ما ينتمي إلى ذلك العرق ويرثه, وليس هناك من مجال أو وضع يمكن   الركون إليه لتغييرتلك الصفة الملازمة للفرد.والانتماء العرقي وامتداداته في التوارث وفي الانتساب بالتحديد من الثوابت القليلة والنادرة في مصطلحات التطوروالتغييرالذهني والبيولوجي وتؤكد  نظريات العلوم الغياب التام لعلاقة الجينات بالجهد التلقائي الموجه إلى المعاصرة والتقدم والتطور وبذل الجهد الواعي والصادق بتحقيق أهداف التنمية البشرية والتنمية النوعية على مختلف الصعد   متنوعة المصادر والميادين متعددة المجالات والموضوعات.واختلاط الأنساب العرقية آلية طبيعية تخدم قضية الإنسان في ولاءاته للقيم الإنسانية وتمسكه بها ,وله تأثيره على معاني الولاء الفردي وعلى  درجاته ومستوياته حيث إنه يزاوج  بين القيم الإنسانية المتعددة المتوارثة عن الأم بتلك المتوارثة عن الأب ويعززتلاقي فكرهذه القيم وتراثها مما يساهم بقيام التفاهم بين مختلف الأعراق والأجناس التي اختلطت بالتزواج والنسب.
 
ظلَت قيم الوطنية والولاء لها منفردة في تاريخ تمسك البشربها واعتبارها من أوليات القيم التي لا جدال حول أحقيتها وحول بدهية الولاء لها دون اعتبارات لمغانم الربح ومقاديرالخسارة أو في موازين التبادل المنفعي من هذا الولاء على أي من جداول حسابات كمية المنفعة أو حجمها أو نوعها. فالوطنية والمواطن صنوان لا تفترق بهما الطرق في شعاب أو مرتفعات أو وعورة مساربها ومسالكها , ذلك لأن الانتساب للوطن الذي هوالموقع الطبيعي لحياة للمواطن وحقوقه وواجباته الكاملة , ومسرح ممارسة دوره الإنساني – الاجتماعي , والسياسي,والاقتصادي , والمسلكي والمستقبلي والمصيري .. ويرتبط ولاء المواطن لوطنه بروابط  نقية حقيقية خالية من العيوب والشوائب التي تلحق بها بسبب التدخلات الخارجية وأطماعها, والتدخلات الأجنبية وأحقادها. وبدأت نهضة الأمم الحية عندما استقر ضميرها على إن التحول الأعظم في حياة الإنسان هو تحول نحو القيم الوطنية ومرادفاتها.   
 
لم تلتصق صفة الخيانة بالفرد سوى بنقض عهود روابط الزوجية ومُثُـُلُها كونها تتصف بالقداسة التي أضفتها عليها التشريعات السماوية, وانسحبت هذه الصفة ذاتها على كل فرد يقف ضد مصالح   وطنه وسلامة أراضيه وأمن مواطنيه. واتصف التخابرمع أعداء الوطن والطامعين فيه ونقل المعلومات لهم بأي مقدار مهما ضؤلت كميتها وصغرت أهميتها, والعمل لتحقيق أهدافهم والسيرعلى مناهجهم      بأي مقداربالجاسوسية. والجاسوسية من الجرائم التي رفضتها كل التشريعات وشددت عقوبتها كل القوانين في كل أنحاء العالم المتخلف منه والمتحضر, ولم تعد من روايات الأساطيروقصص الخيال بل أصبحت روايات تراثية وقصص واقعية أفقدت المدان بها حقوقه الوطنية والأخلاقية والسياسية وغيرها,ويقع في مقدمة العقوبات التي تقع على مثل أولئك احتقارالعامة لفعل التجسس ولفاعليه مما قد ينسحب على تاريخ نسلهم من بعدهم. 
 
نقع في دوامة التوصيف للفعل المناقض لمعاني الوطنية,ولشرف الانتماء إلى الهوية الوطنية بتسمية مكونة من مصطلح محدد نسمي به ذاك أوأولئك الذين يتوسلون القوى الأجنبية ذات التاريخ البشع في جرائم الاستعمارمن تهديد بلادهم عسكريا ً, وجرهم إلى استعمال القوة لتدميروطنهم وبناه ومقدراته . فهذا وهؤلاء يقعون حسب المصطلحات القانونية والتراثية والثقافية في كل الدول والحضارات تحت طائلة المحاسبة على قيامهم  بالخيانة والتجسس في عين الوقت, لأن المطالبة بالتدخل بشؤون الوطن الداخلية ومصالحه عمل ينسحب على مفهوم العمل المباشر ضد مصالح الوطن وعلى التخابرمع أعداء الوطن والطامعين فيه , فهل نحن على حق عندما نصف مثل هذا أوأولئك الذين يضيفون إلى تلك  الجرائم دعوة  قوى شريرة لتهدم كيان وطنهم بصفة انعدام الضمير وعندها لن يمكن لهذا     الضميرأن يستيقظ مرة أخرى تحت أي ظرف , فكيف بهم إذا تولوا أمرنا؟؟!


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد