احتكار الاقتصاديين العرب لموضوعات التنمية أعاقها

mainThumb

01-07-2012 11:00 AM

 ليس الحديث عن التنمية في الدول النامية موضوع فيه تجديد أفكار تنموية ,بل على العكس فإنه تكرارلأفكار طالما تناولتها أدبيات التنمية التي تداولتها كتابات وندوات ومنتديات وأحاديث  الاقتصاديين العرب في مختلف أقطارهم ,سواء اقتصرت تلك الأحاديث على تنمية الوطن الواحد,أو انتقل الموضوع إلى معالجة التنمية في كل قطر من هذه الأقطار من منطلقات الاقتصاد القومي  الذي تجسده بنى التكامل الاقتصادي العربي حيث تتوزع الثروات الطبيعة والثروات البشرية توزيعا أشبه بالعشوائية منه بانتظام تقليدي تتجانس في أنواع تلك الثروات وكمياتها و تتناقض ( وها هي   اليوم تتحارب في سوريا وتترك للآخرين من المسيعمرين والأصدقاء البحث في مصائر أوطانها وفي تطلعات شعوبها نحو مستقبلهم الوطني) في كل قطرمن أقطاره النظم السياسية وإداراتها وفلسفاتها.

 
على الرغم من تمييزعلم الاقتصاد بين النشاط الاقتصادي المباشرالمتمثل في الأعمال المهنية  والتجارية والصناعية والخدمية , وبين الأثرالاقتصادي لقوى السوق وعوامله غير الباشرة,  وعلى الرغم من إدراكهم للأثر الاقتصادي للخدمات الصحية والتعليمية والتدريبية والتأهيلية للثروة البشرية ولضرورة استثمارالفكرالإبداعي والاجتهاد التطبيقي للأفكارالمبتكرة ,غير إنهم لايعمدون   إلى وضع مخرجات هذا الإدراك الحسابية في موضعها الطبيعي من مهام التنمية ومتطلباتها    الأساسية وذلك لاعتبارات ذاتية ,حيث لم تضع في نظرياتها الحسابية أوالمحاسبية مردود عمليات  تهيئة وإعداد الكوادرالبشرية التي تمثل القاعدة الأساسية للفكرالتنموي والأداة العملية للفعل التنموي والمدقق الذكي للمسار التنمي والموجه المخلص للطريق التنموي , وتتغاضى عن حاجتها إلى الكلفة الفعلية ووضع ميزانية سخية لها في جداول مخصصاتها ,وتأجيل بعض برامجها مما يرك الكفاءة الانتاجية لخطط التنمية وبرامجها.
 
من الواضح الجلي,إن الصناعة والتصنيع عمل تنموي بكل المعاييروبمختلف المقاييس.فالصناعة استثمارللقوى البشرية , والثروات الطبيعية ومدخلات الإنتاج ,وللعلوم ولتطبيقات العلوم والمعارف العلمية من مختلف الاختصاصات الإدارية وارقتصادية والتسويقية ..,وهي استثمار للثروة المالية  كأداة لا بد من توفرها في مختلف مراحل العمل والانتاج. أما الصناعيون في البلاد النامية ( تأدبا عن وصفها بالتخلف) فإن اهتمامهم ينصب على شراء الآلات والمعدات من الخطوط الإنتاجية , وشراء المعرفة التقنية و الإنتاجية ,واستيراد مدخلات الإنتاج واحتياجاته , وعندما البحث في تكلفة تدريب وتأهيل الكوادرالمحلية في الإنتاج تبدأ عملية التقتيروادعاء الحاجة إلى التوفير باستدعاء  نظريات الاقتصاد في النفقات في غير موضعها الصحيح والصائب . أما عندما يتعلق الأمربدورهذه المؤسسات الإنتاجية بالطرق العلمية – المهنية في إجراء البحوث العلمية أو المساهمة في دعمها أو تمويل إجرائها في المؤسسات البحثية كي تطور أداءها وتنوع  منتجاتها وتحسن من جودة الإنتاج والسلع,وتقوم بالتعرف على افضل السبل في تحقيق الكفاءة الإنتاجية كما ًو كيفا ً وكلفة فإن النقاش فيه يصبح ترفا ًكلاميا ًوفذلكة آراء غير قابلة للتطبيق, فتظل هذه المؤسسات عرضة للخسارة ومهددة بالانتكاس والفشل لفقدانها القدرة على المبادرة في التحور وفي المرونة اللازمة لتطوير منتجاتها وتحسين أدائها فنيا ً وعلميا ً واقتصاديا ً وتنمويا ً.
 
البحث في دورمؤسسات التعليم المدرسية موضوع شائك ومعقد في أدائه وفي وسائله وفي أساليب تدريسه وإعداد الطلبة للمرحلة الجامعية , ولكن انكفاء الجامعات ومؤسسات التعليم العالي إلى     أساليب التدريس المدرسي لمناهجه قضية كان من المفروض أن يبحث الاقتصاديون في وعورة  نتائجها وفي عوائد مخرجاتها الوهمية على النشاط التنموي العام بعمق وأن تستمرأبحاثهم وتسخيرمعرفتهم الاقتصادية دون كلل أو ملل حتى يحدث التغييرالفعلي في منجزات هذه المؤسسات العلمية والبحثية والتطبيقية وأن لا تهدر الوقت في البحث في اقتصاد البحث السريع عن العوائد أو تضخيم الأرباح والمردود الاقتصادي الوفيرووأن يكون جهدها منصبا ً في التركيز على   اقتصادات استثمارتحويل الفكرة إلى منتج الثرية في عوائدها المالية والبشرية والمؤسسية والتي تدعم زخم التوجه التنموي نحو الاستدامة والديمومة وإن احتاجت إلى وقت أطول منذ بدايتها. 
 
يظل محورفشل دورالاقتصاديين العرب في خدمة التنمية في الأقطار العربية ورفدها بخبراتهم ناتج عن اعتمادهم الكلي على علوم الاقتصاد ونظرياته ومناهجه وأدبياته في حسابات النواتج الاقتصادية المباشرة والمنظورة مع إقرارهم بأن التجربة أحد وسائل التعلم في الشؤون الاقتصادية الخاصة والمتعلقة بالفهم العام لها , وبأهمية المنافع غير المنظورة التي لها تأثيرها المباشر في مرحلة تكاملية من مراحل العملية التنموية المتواصلة. وهكذا فإن المعرفة الاقتصادية لا تقتصر في معارفها على مناهج علوم الاقتصاد  وصحائفها النظرية والتطبيقية وحدها على الرغم من إنها مصدر أساسي ومنهجي في علوم الاقتصاد وتوقعاته وفي معظم أجزاء المعرفة التي تتراكم في الاقتصاد الكلي,   والتي يعالجها الاقتصاد الجزئي وتتعامل به المؤسسات الخاصة والمؤسسات العامة على السواء. 
 
فإذا كان كل فرد عالم باقتصاده  ويتدبر أب معاشه,وتتوفر لديه البدائل متنوعة المزايا وبكلف تتناسب مع كل مزية من هذه الخيارات ,كان من الواجب على الاقتصاديين مخاطبة تلك القدرات الفردية , وليس إهمالها, على تدبر اقتصاداتها بصيغ تبحث في دورها في المساهمة في العملية  التنموية التي تستهدف الاستدامة.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد