هل أنيط بالسيدة كلينتون حكم دمشق عن بُعد !!

mainThumb

11-06-2012 11:52 AM

في الأمثال العربية , وغير العربية كذلك ,تكمن على الدوام حكم متماهية مع الدرس الذي يستجلب المثل المضروب مادته وموضوعه.هذا من ناحية , من ناحية أخرى, أزاحت الأزمة السورية منذ بداية أحداثها اللثام عن مجموعة من المستترات في السياسة وفي الروابط بين   بعض القوى السياسية والمدنية وبعض النظم العربية , وأسقطت أقنعة طالما تظاهرت بما ليس فيها وادعت ما ليس من أغراضها وتغنت بألحان لم تتوافق مع أهدافها المعلنة.

المثل العربي لا تلم من يستغيبك,بل تركك الفرصة لاستغابتك الذي يحمل حكمة ترى فيها القواعد السلوكية والأعراف الاجتماعية حكمة تعززمن مبدأ أن يراقب المرء سلوكه ,ويضبط تصرفاته بما لا يدع للآخرين فرصة الشماتة به وتشويه صورته والطعن في سلوكه والحط من قيمته الأخلاقية ولاجتماعية. وهو مثل لا يقتصر على حرص الفرد على سمعته فحسب , بل الأهم منه هو حرص الحزب السياسي , والجمعيات الإصلاحية , وتجمعات الحراك الوطني وتياراته المطالبة  بالحرية والاستقلال والسيادة على أساليبها وشعاراتها ومطالباتها .

أحدث الموقف العربي بشكل خاص , والموقف الإقليمي بشكل عام ,عدا عن الموقف الدولي       ( في غياب قوى دولية رادعة افتقدها العالم بعد تفكك الاتحاد الوفياتي السابق ) من العدوان على العراق واحتلاله بحجج كاذبة ثبت كذبها بعد برهة قصيرة (حبل الكذب في السياسة الأميركية أقصرمنه كما في الأمثال الشائعة ) وذرائع واهية (حاولت إخفاء صميمية العلاقة الأميركية – الإسرائيلية وحميميتها , وحماية مصادر البترول والدفاع عن راعييها بطبق ورق شفاف),  أحدث هذا الموقف شرخا ًداميا ً في ضميرالمواطن العربي , وذهولا ً أذهب معه بقايا الثقة بين المواطن وبين السياسيين والحكام ,وبين القيم الوطنية وبين أحزابها الانتهازية الموارد    والمصالح ودعاتها ومدعيها .

ما اتسمت به السياسة الأميركية الخارجية بانفصام حاد عن القيم والمثل الأميركية المترسخة في تشريعاتها بالداخل (انفصام ديمقراطي ,وانفصام في قيم الحرية ), وما اتصفت به لهجة التصريحات المعبرة عن الموقف الأميركي من صيغ الأمروالنهي, والاستعلاء والتزمت والتمسك الأعمى بالعداء,وإذهاب المنطق وتجاوز حدود الأدب والكياسة الدنيا,والخروج على أدبيات البروتوكولات والدبلوماسيات المتعارف عليها في الأعراف الدولية بمختلف المستويات الحضارية, رسخ نهج الكيل بمكيالين في المواقف الأميركية إزاء القضايا التي تتعرض لها بالتزامن والتشابه وبكل صراحة ودون مواربة, وأكد ما ذهب إليه مفكرون أميركيون من    الممارسة السياسية الأميركية  تتماهى مع كونها سياسة إمبريالية , والتكسب السياسي على  طريقة القوى ذوات النفوذ الإمبراطوري االتي تنتفي معها حقوق الإنسان لينتصر حق القوة وطغيانها , ويسود سلطان  المال ليذكي محفزات الفساد والإفساد ,وتذهب شهوة المصالح  الحاقدة بحق الحرية وأحقيتها على كل الحقوق والشهوات.

المتابع لتصريحات الخارجية الأميركية على لسان السيدة كلينتون المتباهية بنفسها , والمنقولة على لسان الناطقين الرسميين في هذه الجهة أم تلك من جهات صناع القرارالأميركي , حول الأزمة السورية ,وصل بعد مرحلة التحريض والتمويل والتسليح لقوى الفوضى والتخريب وارتكاب المجازر البشرية كي تخدم قرارا ً سياسيا يتيح لقوى الاستعمار والامبريالية التاريخية في الأرض العربية وفي الشأن العربي وفي الثروة العربية إلى مرحلة الإحلال محل إرادة   المعترضين الذين دانوا للرغبات الأميركية وقبلوا بها طمعا في مغنم السلطة التي لن تطيق أصحابها بما تبؤهم لها قوى الاستعماروالامبريالية.

تُطالب السيدة كلينتون نيابة عن أولئك بتغيير النظام السوري ورحيله,وكأن لا شعب هناك    يقررمن يحكم ومن يذهب,وكأن النظام الأميركي يقرإن شعوب العالم كلها لا تطيق سلوك سياسييه ومزاعمهم وأسلوب تعاطيهم مع الآخرين وكذب ادعاءاتهم المتكرر,وكأن مصادرة  إرادة الشعوب الأخرى من أسهل مهام السيدة الأميركية وطاقم خارجيتها. المفجع إن رغبة التغييرالأميركية هذه  تبنتها قوى معترضة (المعارضة الخارجية) خارجية معتبرة إنها تمثل إرادة هذه القوى؟ونسمع  من متحدثيها بدون حياء أوخجل المطالبة بتدخل عسكري أجنبي وإن دعم الكيان الصهيوني لا بد منه وهو أمرومرغوب به وهم في حقيقة الأمرغارقون في نعمه !!وهذا أفقدهم رصيدهم  الشعبي الذي يمثل البيئة الحاضنة الطبيعية للحركات الوطنية والشعبية.

كنا على ريبة من إن ما حدث من تواطئ عربي على العراق وعلى العرب الذين حاولوا أن    يظل الحل عربيا ,سيرتد أثره على النظم العربية ذاتها وعندها لن يقف تاريخ التحررالعربي    عند محطات زعماء وقادة تنكروا لواجبهم القومي والديني والإنساني,بل سيتولى هذا التحول  التيارات الشعبية بمؤسساتها المدنية والحزبية والسياسية ,فإذا (بالثوار) يرهنون إرادتهم   بالرغبة الأميركية ويتحركون بتوجيهات استخباراتها الأرضية والجوية .وإذْ ْ بان كيمون (دائم القلق) يسحب شرعية الحكم السوري من مكوناته الوطنية التي  تدافع عن وطنها دون استشارتها,ودون تفويض منها !!.وإذ ْبالعداء لسوريا,وللمؤامرة عليها  تتخذ مسار حركة   ممنهجة ,وتسير من خلال خطة مدروسة ومخزنة في معادلات التواطؤ العربي  – الغربي    التي لن تنجو منها أي دولة عربية مهما ارتبطت مصائرها الأمنية بالقوى الغربية , فالمصالح التي تحرك قوى الطغاة الإمبرياليين لا تخدم صديقا ً قديما ً إذا وجدت مصلحتها مع صديق جديد مضحية بكل روابطها القديمة.

والتواطؤ المصلحي للسياسات اليورو- أميركية لا ينفي فرضية وجود تعاون بينها وبين فرق تسيرعلى خطى القاعدة أبعدها دولارالبترول عن آباره وحول نشاطها إلى حين بالرشوة    والخاوة للساحة السورية.

وتظل العظة التاريخية مرجعية لما ستؤول إليه نتائج العلاقات من هذه الفرضية بين أطرافها  فيما بعد؟؟. ويمكن القول إن : - أبعد بقعة على الأرض عن السماء,هي تلك البقعة التي يقف عليها بائع لاستقلال وطنه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد