الخلفيات التي تنطلق منها الآراء والعبارات المُصاغة بعناية والتعبيرالمباشرعن المواقف حول الأمورالمختلفة التي يواجهها المرء في حياته اليومية العائلية والشخصية والعملية, وحول القضايا المحلية أو العالمية الاقتصادية , السياسية , العسكرية , تتعدد بتعدد موضوع الحديث ومجاله.ومن المعتقد أنْ لا يحتكم المرء في التعبيرعن آرائه حول قضايا تتعلق بأحداث و أوضاع مختلفة منطلقا ًمن مرجعية أساسية واحدة. فالمرجعيات التي تؤثربدرجات مختلفة على تكوين الفكرة أو تحديد الموقف أوالتعبيرعن الرأي تقع ضمن واحدة أو أكثرمن المجموعات التالية :-
المجموعة الأولـى : المرجعية العلمية والثقافية.
المجموعة الثانـيـة : مرجعية الوعي والضمير.
المجموعة الثالـثـة : مرجعية الغرائز والأحاسيس.
المجموعة الرابعة : مرجعية الدوافع والمصالح.
ومما تجدر بنا ملاحظته إن تأثيرأي من عناصر هذه المجموعات لا يتفق بالضرورة في الرأي الموقف حول قضيتين مختلفتين,ولكن من غير المستغرب وجود تناقض بين قيم أي من عناصرهذه المجموعات وبين ما يبديه الشخص من آراء وما يستخدمه من تعابير وألفاظ وما يتخذه من مواقف إزاء أي قضية يجد نفسه طرفا ً مباشرا ً أوغيرمباشرفيها.
وإذا كان الأمركذلك فإننا لا نستغرب أن يعطينا ثلاثة أعضاء في قيادة حزب ما,أوتيارسياسي أو تنظيم نقابي أو شعبي ,او خيري أو حقوقي,آراء ثلاثة غير متماهية مع أهداف الحزب التيارالمنظمة المؤسسة وأنْ تكون متفاوتة في حالة التعبيرعن موقفهم من قضية عامة, مستندين إلى صياغات المبادئ الحزبية وإلى شعاراته المرفوعة وعقائده الموضوعة والمتفق عليها من هيئاتهم التأسيسية وبياناتهم المعلنة أومن أهداف المؤسسات والمنظمات والتيارات كما في مرجعيتهم التنظيمية,وإنْ مست أحاديثهم وتفاسيرهم صميم المبادئ التي يتبناها كل تنظيم. وعند مواجهتهم بهذه الوضعية,والاستفسار عن سببها يحاولون تبريراختلافاتهم بتعديل مقاصد كلامهم ,ويتهمون أذني المتلقين بتداخل الأصوات كما يلومون دقة فهمهم ويشككون بها, ويدّعون سؤ فهمهم لها على الرغم من إن ما قالوه وهم في حالة المعتد برأيه والمقتنع بصوابية ما يقول إثناء الحديث أو النقاش أوالجدل يُفهم بوضوح لا يحتاج إلى عناية خاصة بالإصغاء والاستماع لما يدلون به بلغة المجتمع المتداولة ( غير المترجمة مباشرة ) ولا يحتمل في معظم الأحوال سؤ الفهم .يفعلون ذلك كي لا يُلام أحدهم من الرفيق (الرفاق - الزملاء) الآخرأومن مؤيدي التنظيم وأصدقائه ومناصريه.
وكي نستدل على مثل هذه الظاهرة التي تُعالج بهذه العجالة التي تقتضيها طبيعة الكتابة عنها بمقال تُختزلفيه مساحة مناهج التحليل,فإن ما يدور من أحداث في معظم الدول العربية من أحداث وحراك وفعاليات انتخابية وتجارب ديمقراطية يؤشرعليها بشكل مباشرومكثف.
من متابعة العراك الفكري – الثقافي بين أطراف الحراك في مصرنلاحظ إن تعدد الآراء التي يبديها قادة حزب التنمية والعدالة ,على سبيل المثال,كما بعض القوى السياسية الأخرى ليس تعددا خلافيا, ولا يمت للمرجعيات النقدية التي كان على الأحزاب والمنظمات والحراكات وغيرها من مكونات الشعب المصري العريق أن ترجع إليها وتراجع بها مسلكها ,بل والأهم من ذلك أن تراجع طروحاتها الفكرية ورؤاها الحاضرة لطبيعة القوى الشبابية ولطاقة تحريكها بدوافع الحرية التي إنْ تبناها الناس لا تسكن نفوسهم لفقدانها أو محاولات فقدها أو الانتقاص من مساحتها أوالالتفاف على مفاهيمها الأساسية,من منظورأبوي فقد كل مبرراته في عالم اليوم وفي أدوات عصرنته ,فهوساحة اختلافات تعود إلى حقب تاريخية مضت وتتكررأحداثها من نفس أطرافها,فلا تعتمد الأطراف المتعددة على أسس ثورية في توضيب أوضاع المجتمع بعد ثورة الشباب وإسقاط النظام السابق.
إذا لم تحرك الأحداث الجسام ما سكن من جوانب ضمائرنا وتنيرما ظلُم من زوايا وعينا,وإذا لم تعُد غرائزحب البقاء والتطلع إلى المستقبل بتفاؤل من دوافع الإنسان في أوطاننا للتحررمن كل القيود والمعيقات والمحبطات,وإذا لم يُثربناء قوانا الذاتية دوافع استقلالنا للحفاظ على مصالحنا والدفاع عنها,وإذا لم تثمر علومنا على ترقية منجزاتنا ومنتجاتنا ,فهل لدينا من حجة نفسر بها فشلنا وتخلفنا عن مواكبة ركب التقدم وانحدارمستوى تقديرأصدقائنا لقدْرنا وتواقح أعدائنا في اقتحام خصوصياتنا وواستباحة أوطاننا وسرقة إرادتنا...؟؟؟.
وإذا لم نتعظ من تجربة الاحتماء بالأميركي – الأوروبي والاستنجاد بقواه ,على الرغم من كل تجاربنا التاريخية قديمها وحديثها كما حصل في ليبيا وقبلها في العراق , فبأي نظرة تنظرعيوننا بها إلى وجوه أؤلئك المطالبين بتدخل هذه القوى ذاتها في سوريا في أيامنا الحالية!!!
بين يقظة الضمير واستكماله وعيه مرحلة لن تكون خلالها الثقافة سلاحا ًموجها ً لمحو الأمية والجهالة,بل سلاح تضاد بين أطرافها يولد المزيد من الإشكاليات والتعقيدات.