أبدعتَ الدور يا سيدي..
ذاك المشهد بكّى عيني، حين مرّت لعنة الهوى من هنا..
أوهمت نفسي بأنك "ذاك المدعو",,,
كأنه كان يحيك ضدي مؤامرة، فرغم من الهدوء النسبي الكاذب وهيبته القاتلة لكنني بقيت على النوايا ذو عاطفة، يوم وَقَعتْ عندما أذنت لي الحياة بذلك ظننت بأنني إبنة الحظ لإيجاد "الحب ذو رحمة".. يوم وَقعت إرتجف صوتي ظناً منك يا غريب ستكون الغريب الذي إلتقيته في حكاياتي وفي عينيك، ولكنك ستبقى ذلك الغريب الذي لم تعهده الحكايات منذ الأزل...
منذ رحلت يا غريب، ما إنفكت أظافر الوقت تخدش قلبي، وعتمة الغياب تلفني.. وأتوه,, وأتوه في غياهيب الفراق.. خمسة وثلاثون خريفا وما زلت قاصرا في الحب ذو رحمة يا غريب، أنثى تحفظ تفاصيل خيباتها عن ظهر قلب تعيد إلقاءها على مسامع وسادتها علها تهدهدها، تهديها جرعة "نوم ذات مساء".. تغمض قلبها عنك سويعات.
لعنة الهوى قد مرت من هنا يا أمي.. أذبلت صوته الندّي.. حررت خيباتي المصفّدة وكسر مجذاف عمري الأوحد,, وهل تبقى في العمر بقية يا أمي!!
أصبحنا غريبين يا غريب..
أصبحنا غريبين ولم أعد أدرك من أنـا ومن أنت ولم أعد أعلم كيف لي أن أدع الوقت يحكم قبضته، كي لا تنساب حكاياتي وقدري من أكَفّه... لكل قدره يا سيدي وقدري أن تتجسد خيبات الحياة معي "بفـاجـعـة الفـقـدان"...
عبثاً أتعثر بسحب الوهم، وكعادته يصل الواقع متأخرا وتصل أحلامه متأخرة عمراً، وما من سبيل للخلاص,, وما من ذاكرة في ذاكرة لا منطق لها سؤال!؟
فـــ "ماذا لو كنتَ أنـا"؟؟
قرأت سطوري مرات ومرات ولم أجد تلك التي تشبهني سوى حكايات لم تسرد عنها التي هجرتني منذ الطفولة، ماتت خنقا بأتربة الوقت، ماتت والخلاص ينبش قبرها ليذكرها كم يكون السير تحت المطر.. مريح جدا، ليذكرها كم كانت نقية الأمنيات، ولكن عبثا يحاول لبعثها من جديد.. ماتت وإستلقت جثث الأمنيات بجانبها,, فهل أحدِّث غريبي عن المطر! أم أحدِّثه عن وحل ذاكرة تسألني عنه وقد إرتسم على ملامحها أنثى يتيمة تسأل.. "ألن نلامس ملامحه بعد الان"؟؟ تسألني كطفلة تسأل عن ملابسها، تسألني كسيدة إنهارت عليها الذاكرة دفعة واحدة تحت المطر..
فالموت ليس أن يرتدينا التراب يا سيدي، الموت يلامس جسدنا في كل ثانية تحت السماء، فهل أأصبحنا يا غريب غريبين نبحث عن ما فقده البشر تحت هذه السماء! أم نحن غريبين عن بعضنا! بالرغم لم أصادف تلك الرواية التي يتحدث عنها الجميع "أمي.. رفيقاتي..وصديقاتي"، ربما السعاده كما تصورت دائما لا تصنع الروايات ولا تصنع الأبطال، فكفى جرح ذات موت دائما ليصلح البداية!!!
رسالتي كانت لك منذ بضع سنين يا سيدي، فأنا لا أنكرك، ولكن أنكرتني ذات مرة.. كأحلام مؤجلة لم تعرني أي إهتمام وكأنني قصة عشق مستأجرة، كأنني محطة وقوفك الأخيرة لتغادرني وتستقبل الأخرى، سأبقى يا غريبي في غربتي وسأعود إلى المنفى.. وسأتألم كلما هب الريح لكثرة أتربة الوقت على ضمير أتعبه الصدق.. سأرجع إلى أمي وصديقاتي وأختبئ من وجهتك وقبلتك للمرة الأخيرة ولكن يا سيدي دعك من الخزعبلات "بأنني مريضة بالخيال" فهي ليست إلا تعاويذ لسحر قد تمكن أن أمرض "بك"، فلا تنكرني للمرة الأخيرة ولا تخذلني فربما أجد ترانيم لطقوس شفائي في غرفتي حينئذ.
خائفة من مروري لعالم لم يعد عالمي، كأنني ضحية لحادث كونين فلا أريد شيئا سوى أرواح تشبهني حتى وإن كانت خيالا، فـ يارب إجعل لي الشجاعة في قصيدة لأعفو عن نفسي وعن سيدي,, وإجعل من كان يقتلني بحلمي رسالة لأعتذر منه... فأنا يا ربي لست مجرد ممرضة تملك سوى حقيبة "الإسعافات الأولية" لإيقاف نزيف ذاكرة وإحياء إيقاع قلب قد فاجعه الفراق، مع تلك الأدوات يا ربي إلا أنني أحمل "قلب أنثى" وإن كنت قد خلقت لي آدم لم يفهمني فأرجو أن لا تنساني من رحمتك "فأنت العظيم القادر على كل شيء". سأصلي لله طويلا ليملئ عالمه بِكَوْن ذو رحمة وعاطفة.. كما ستصلي أمي وصديقاتي لي أجد في موتي عزائي لتقبل فكرة الفقدان..
فكل مذاهب الحب تتفق عليه...
فكيف لكَ يا من أنا أن ترَوّض نفسا إعتادت أن تنتقل وحيدة غير مرتبطة سوى بدينها وبأفكار مزجتها لتلغي مفهموم "الحب ذو رحمة" بأن تنتمي إلى قلب لم يؤامن بخجلها! بأن تنتمي إلى موطن هجرها في ميدان معركة ذات موت!! فأينما أتنفس يا غريب أتنفس قساوتك وأينما اذهب موطنك هو وجهتي.. ولكن سأعتاد على قساوة ذو رحمة..
علّني يوما ما أطيل صلاتي وسجودي.. فكما قالت لي أمي يوما ما "أطيلي صلاتك وسجودك حتى لا تعودي تنتبهي إلى من سرق قلبك، وإن كان "أخذه" أم "رده".. تعمقي في خشوعكِ، فكلما أقبلت على الله خاشعة صَغر وتلاشى كل شيء حولك وفي قلبك، فكل تكبيرة وبسملة بين يدي الله تعيد ما عداه إلى حجمه الأصغر أو تنفيه من الوجود، تُذكرك يا إبنتي أن الله رحوم رؤوف.. أن لا جبار إلا الله... وإن كان غريبك متكبر متجبر.. حتى في حبه,, هو رجل قليل الإيمان، فالمؤمن يا صغيرتي رحوم حنون لأنه يخاف الله"....
فمطالبي يا غريب كأنثى هي أرجوحة الحياة التي تبعد كل البعد عن ضجيج الأرض.. فـبنهم أكتبك وأكتب إليك يا غريب...
لأن عقلي بات يبصر ملامح أوجاعي بوضوح...
"فلا تقلقي يا أمي، في النهاية سأعتاد كل شيء، كما الورق يعتاد سذاجة الحبر الأزرق".