صريع الغواني لقب لمسلم بن الوليد, قال عنه ابن قتيبة: وهو اول من ألطف في المعاني ورقق في القول وعليه يعول الطائي في ذلك وعلى أبي نواس.
ولُقب بـ صريع الغواني لقوله:
هل العيش إلا أن تروح مع الصّبا وتغدو صريع الكأس والأعين النُّجل
ومما يستحسن من شعره في الوداع:
وإني واسماعيل يوم وداعه :::: لكالغمد يوم الروع زايله النصلُ
فإن أغش قوماً بعده أو أزرهم ::: فكالوحش يدنيها من الأَنَسِ المحلُ
والذي دعاني لكتابة هذه النبذة المختصرة لهذا الشاعر هو وصف دقيق جاء في بيتين فضح فيهما قلوب طائفة تكن كل الشر لهذه الامة، وهذه الطائفة المشؤومة هي الخوارج او الحرورية الذين يسمون في هذا الزمان: الارهابيين
فلنسمع هذين البيتين; ولنأخذ الفوائد منهما:
1 - ومانحةٍ شرابَها الملكَ قهوةٍ ........ يهوديةِ الاصهارِ مسلمةِ البعلِ
2 - معتقةٍ لا تشتكي يدَ عاصرٍ ........... حروريةٍ في جوفِها دمُها يغلي
وخلاصة هذين البيتين: ان شدة حميا الخمر المعتقة مثل شدة حقد الحرورية على أهل الجماعة.
قال العلامة احمد شاكر - رحمه الله: جعلها كالحرورية من الخوارج فيما تضمنت صدورهم من حقد على اهل الجماعة.
وسأتناول البيتين بشيء من التفصيل:
ذكر الشاعر من صفات هذه الخمر انها تمنح شاربها الملك الموهوم والسراب الزائل وهذا يؤكده قول الشاعر:
واذا شربت فانني ........رب الخورنق والسدير
واذا صحوت فانني........ رب الشويهة والبعير
فهذا الشاعر يصف نفسه عند شرب الخمر؛ فهو صاحب القصور العربية (الخورنق والسدير) اي: انه ملك من الملوك فإذا انتهى مفعول الخمر عاد لواقعه المرير وهو صاحب (الشويهة والبعير) فالخمر توهم شاربها أنه وانه وأنه!!
وقد ذكره حسان بن ثابت - رضي الله عنه - زمن الجاهلية عندما قال:
ونشربها فتتركنا ملوكا............. وأسدا ما ينهنهنا اللقاء
وهذه الخمر يهودية الاصهار. اي: ان صانعيها من اليهود فعبر عن ذلك باصهار.
وهو جمع (صهر); والصهر: اهل بيت المرأة.
وقوله: مسلمة البعل؛ اي: ان متعاطيها من المسلمين.
وهذه الخمر معتقة اي: مضى عليها زمان حتى عتقت واشتدت حرارتها وهي لم تعالج بيد العاصر وانما اكتسبت صفة الخمر المعتقة من الثمر وحدها وهذه اعلِى درجات الخمر.
كل الصفات احتشدت في هذه الخمرة؛ فكانت النتيجة ان حميا الخمر هائلة فلم يجد الشاعر مسلم بن الوليد ما يقرب للمستمع درجة هذه الحرارة العالية الا حرارة حقد الحرورية (الخوارج) على اهل السنة!!
فان هناك تشابها قويا بين الخمر وبين شرذمة (الخوارج) (الارهابيين) فان الخمر توهم شاربها انه ملك وانه ذو شان ومكانة وكذلك عقائد الخوارج تدفع اصحابها الى السعي الحثيث للسيطرة على الملك تحت شعارات زائفة; (إقامة الخلافة الاسلامية).
والخمر من أسمائها: (القهوة): لانها تقهي صاحبها وشاربها عن الطعام; اي: تمنع وكذلك (الخوارج) في الغالب انهم لا يقبلون الفهم الصحيح للاسلام بل يكتفون بعقائدهم المنحرفة.
وجاء في وصفها ان اصحابها وصانعيها هم (اليهود) وكذلك الخوارج الذين خرجوا على الخليفة الراشد (عثمان) - رضي الله عنه - هم صنيعة (عبدالله بن سبأ اليهودي).
وكذلك الذي جنى وبال الخمر هو المسلم (مسلمة البعل) والذين جنوا ويلات الفكر الخارجي هم المسلمون وهذا مصداق قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - في وصفهم: يقتلون أهل الاسلام ويدعون أهل الاوثان.
فان الفكر الخارجي مسلط على تدمير الشباب المسلم الذين هم رأس مال هذه الامة الاسلامية وكذلك التي تدمر انفس واغلى ما يملكه المسلم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: الخمر أم الفواحش، وأكبر الكبائر، من شربها وقع على امه وخالته وعمته.
فان الخوارج يعشقون دماء المسلمين ولا يردعهم حرمة الدم المسلم كما ان شارب الخمر يقع على حريمه والمحرمات.
وجاء ذكر الدم حرورية في جوفها دمها يغلي.
فان (الخوارج) لهم هيام بالدماء البريئة اشد من هيام (ابن الملوح بليلى).
وذكر الشاعر الغليان بصيغة (المضارع) الذي يفيد الاستمرارية فان الفكر الخارجي متجدد ومستمر وقد اشار الرسول - صلى الله عليه وسلم - لهذه الاستمرارية: كلما خرج منهم قرن قطعه الله حتى يخرج الدجال في عراضهم).
هذا ما جاد به القلم في التكلم على هذين البيتين
فلله درك يا صريع الغواني!!!!!