يتساءل الشيخ زكي بني ارشيد قائلا: (متى يزهر الربيع العربي في الأردن، أم أننا حالة خاصة...)؟
سيدي الشيخ، عد يوم الخميس إلى الأشرفية، إلى الكورة لينعم نظرك ويصفو بطبيعة خلابة منذ أن تدخل بلدة سموع الحمامة حتى تصل إلى الأشرفيه والنّاحة شرقا مطلا على زمال وتبنة. هذا هو ربيعنا الذي ألفناه يا فضيلة الشيخ، ولا نعرف لنا ربيعا آخر.
ربيعنا أزهار وورود على ( مدّ عينك والنّظر)، ربيعنا الدّوالي والكرمة وزهر اللوزيات، ربيعنا في عيون الحمّام ووادي أبو زياد والريان، ربيعنا في بلوط جنين وملول برقش وزيتون تبنة، ربيعنا زرقة السماء الصافية في كفرعوان وجفين وكفرراكب. فتعال سيدي الشيخ وابتهج رعاك الله.
سيدي الشيخ، إن كان الربيع الذي تقصده هو الربيع الذي يغطي الدّروب والمسالك دما، ويهدم المساكن على ساكنيها، ويشرد العفيفات الطاهرات بأعراضهن وفلذات أكبادهن، من أجل منصب أو كرسيّ أو بدعوى محاربة الفساد، فلا كنّا ولا كان ربيعكم هذا. وإن كان ربيعكم الذي تنشدونه من أجل قانون انتخاب أو تمثيل نيابي يوصلكم كحزب أو أفراد إلى سدة الحكم، فلا كنا ولا كان ربيعكم هذا. وإن كان ربيعكم الذي تلهثون وراءه هو ربيع الفوضى والدمار والانفلات والهيمنة الفكرية، فلكم ربيعكم ولنا ربيعنا.
سيدي الشيخ، قد يُشترى الأشخاص أو الأحزاب أو التنظيمات لهذه القوة أو تلك، أمّا الشعوب فلا تشترى ولا تباع. ووصفك لـ (مسيرات الولاء مدفوعة الأجر، ومعظم المشاركين من أصحاب السوابق والبلطجية..) جانبه الصواب ولازمه التّجنيّ؛ فهل ما زلت على رأيك هذا وأنت تشاهد بأم عينيك الاستقبال والحفاوة التي لقيها جلالة الملك ليومين متتابعين من قبائل البادية الشمالية وعشائرها وحمايلها.
هؤلاء، سيدي الشيخ، وغيرهم في القرى والأرياف والمدن والمخيمات لهم رأيهم ووجهة نظرهم الخاصة بالنظام الهاشمي والحكم الهاشمي، نعم لا تتفق ووجهة نظر آخرين أحزابا أو أشخاصا، ولكن لا يجوز بأيّ حال من الأحوال وصف من يخرج منهم في مسيرة ولاء بأنه مدفوع الأجر لخروجه بسبب اختلاف وجهات النّظر هذه. تماما كاختلاف وجهات النّظر في تعريف الربيع وتصنيفه وأوانه.
وهل يحقّ لك، سيدي الشيخ، أن تصف هؤلاء بأنهم بلطجية وبأنّهم من أصحاب السوابق!! قد يكونون أصحاب (الأوّليّة) ولكنهم مطلقا وأبدا ليسوا من أصحاب السوابق؛ لعلمي ويقيني أنّ جُلّهم لم يزر مركزا أمنيّا في حياته لا شاهدا ولا متهما؛ لأنهم مشغولون برزق أولادهم؛ جنودا ومعلمين وموظفين وأرباب مهن مختلفة، لا سوابق لهم إلا في السعي وراء رزقهم ورزق أبنائهم.
هؤلاء، سيدي، لا ثمن لهم ولا سعر، لسبب بسيط هو أنّهم لا غيرهم من يثمّن ويُسعِّر ويوازن الأمور ويقلّبها برويّة وبُعد نظر. فإن شاركوا بمسيرة ولاء فهذا حقهم، وإن آثروا المكوث في بيوتهم رافضين الدخول في زحمة المسيرات الأخرى بأنواعها فلهم الحق في ذلك.
وإن اختلفوا معكم في النهج والمنهج فهم أحرار. أم أن مفتاح الحرية في قبضتك تمنحها لمن تشاء وتحرمها على من تشاء. لذا، لا تصفهم بما وصفت ياسيدي الشيخ إلا بعد أن تتلو قوله تعالى: يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين.
فإن فتحت أذنيك لفاسق دون تبيّن وتحقّق فإنكّ ستصيب قوما بجهالة فتصبح على ما فعلت من النّادمين.
داعيا المولى ألا تكون منهم.