السوسنة - قال المؤرخ الدكتور علي محافظة إن الاستجابة لللإصلاح في الأردن بطيئة وغير جادة، لأن الحكومات المتعاقبة عاجزة عن تحقيق ذلك، بسبب خلو طاقمها الوزاري من أشخاص إصلاحيين يؤمنون بمكافحة الفساد وملاحقة الفاسدين.
وأضاف خلال المحاضرة التي ألقاها في جامعة فيلادلفيا الإثنين، والتي أدارها الدكتور موسى برهومة، بحضور رئيس الجامعة الدكتور مروان كمال ونوابه، وأساتذة الجامعة وطلبتها. أن الرؤية الإصلاحية في الشارع الأردني ما تزال غير واضحة، على الرغم من وجود التعديلات الدستورية، التي ستبقى بلا قيمة ما دامت لم توضع موضع التطبيق، مبرراً ذلك بأن الأساس هو تطبيق هذه التعديلات والقوانين ومن ينفذها يجب أن يكون مؤمناً بالإصلاح وتحقيق المطالب الشعبية.
أما عن موقفه من الثورة السورية، فقال: "أنا ضد النظام السوري الذي يجب أن يزول، لكنني في المقابل ضد التدخل الأجنبي في سورية بأي شكل من الأشكال". وحذر من أن تصبح سورية كالعراق وليبيا لعدة أسباب، عزاها إلى علاقته العاطفية مع سورية، إضافة إلى أن الأردن جزء من بلاد الشام، وقال إن دمار سورية سينعكس سلباً على الأردن وأمنه.
وقال صاحب الكتاب الممنوع "الديمقراطية المقيدة" إن دوافع الثورات معروفة وأهمها الرغبة في تغيير نمط الحكم السائد في الأقطار العربية. وقد إتُهم الشباب القائمون بهذه الثورات والحراكات الشعبية أنظمة الحكم التي ثاروا عليها أو احتجوا عليها بالاستبداد السياسي المتمثل في الحكم الفردي المطلق، أو حكم العائلة المتحالفة مع فئات من رجال الأعمال احتكروا الهيمنة على الاقتصاد الوطني، وانتشار الفسادبمختلف أشكاله من رشي ومحسوبية وشللية وواسطة وسوء استعمال للسلطة. ناهيكم عن ممارسة الظلم وشعور الناس به، ومجابهة أي نقد لهذه الممارسات بالقمع بأقسى الوسائل والأساليب. وأظهرت أنظمة الحكم التي حدثت فيها الثورات عجزاً عن حل مشكلتي الفقر والبطالة اللتين تجاوزتا نسبتيهما النسبة المعقولة والمقبولة في المجتمعات العصرية. ولما حاول الفقراء والعاطلون عن العمل الاحتجاج جوبهوا بالاعتقال والسجن، وتحولت هذه الدول إلى دول بوليسية، تجاهلت احترام حقوق الانسان ونداءات منظمات حقوق الإنسان المحلية والإقليمية والدولية.
وتناول الدكتور محافظة أهم الانجازات التي حققتها هذه الثورات في كل من تونس ومصر وليبيا والمتمثلة في: الإقرار بشرعية الحركة الاحتجاجية التي تحولت إلى ثورة، وإسقاط ركائز النظم السياسية بإسقاط الرؤساء الثلاثة: زين العابدين بن علي، وحسني مبارك ومعمر القذافي باعتبارهم رموز أنظمة الحكم في كل من تونس ومصر وليبيا، وإلغاء مبدأ التوريث في الأنظمة الجمهورية العربية، وتفكك تحالف رجال المال ورجال السلطة من خلال إقصاء الأولين عن السلطة في الحكومات التي تشكلت في أعقاب سقوط أنظمة الحكم الاستبدادية، وتحييد الأجهزة الأمنية، وحل الأحزاب الحاكة في عهود الاستبداد.
وقال إن الثورات في الأقطار الثلاثة تونس ومصر وليبيا تواجه تحديات داخلية وإقليمية معادية للديمقراطية والحرية والعدالة. أولها بقايا النظام القديم والقوى الاجتماعية التي كانت تسانده، والتي فقدت مواقعها في السلطة والامتيازات الاقتصادية والاجتماعية التي كانت تتمتع بها. وسوف تبذل هذه القوى كل ما لديها من قوة وستلجأ إلى مختلف الأساليب الشريرة لإفشال الثورة في تحقيق أهدافها.
ودار نقاش موسع شارك فيه الطلبة بمداخلات أثنى عليها محافظة واعتبرها دليلاُ على وعي الشباب ووصفهم بأنهم بناة المستقبل وطلائع التغيير. وقال إن هذه الثورات والحركات لا بد أن تثير أموراُجوهرية تحتاج إلى نقاش وتحليل ونقد والتوصل إلى اقتناع أو اتفاق عام عليها مثل: دور الدين في المجتمع والحياة السياسية والمواطنة، وكيفية التعامل مع التعددية الطائفية والمذهبية والأثنية والقبلية، ودور المرأة في المجتمع والتربية والتعليم وطريقة تفكيرنا، وموقفنا من الآخر، وأمور أخرى كثيرة. والسنوات المقبلة كفيلة، كما يأمل، بتوفير المناخ المناسب لذلك.