الدول الديمقراطية لا تخوض حروباً فيما بينها

mainThumb

21-03-2012 03:25 PM

 تتأكد مصداقية هذه المقولة ظاهريا ً في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية التي تُعد من أبشع الحروب العالمية لما شهدته من عمليات تقتيل وتهديم تخللتها مشاهد مؤلمة من الفظاعة ومن البشاعة مارستها كل الأطراف المتحاربة دون استثناء , وهي دول أوروبية بشكل رئيس في معظمها,جاء قادتها كلهم بما فيهم هتلر وموسوليني عن طريق الانتخابات النيابية ,ولكنهما تنكرا لكل المفاهيم الديمقراطية وقيمها وآلياتها بعد تبوئهم مراكزالسلطة وقيادة مؤسساتها مدفوعين بالانتقام من تاريخ هزائم أوطانهم وإذلالها في الحرب العالمية الأولى,ودوافع عنصرية مقتيه. 
 
وقد استخدمت العسكرية الأميركية السلاح النووي في ضرب مدينتين يابانيتين (هيروشيما ونجازاكي) دون أي اعتبارلأي قيم إنسانية ,فسرها البعض بعجزالقوة العسكرية الأميركية عن مجابهة القوى العسكرية اليابانية التقليدية في ساحات القتال, والبعض الآخر يؤكد إن اليابان كانت على وشك التسليم بالهزيمة العسكرية , ولكن قادة العسكرية الأميركية حينها أرادوا الانتقام من جهة ,من القوة اليابانية وشجاعة مقاتليها التي ألحقت بهم خسائر كبيرة, وإخافة دول العالم من ,جهة أخرى, من قدرة القوة العسكرية تلك على التدمير والقتل المتواصل والتشويه المتوارث لكل الكائنات الحية على فترة زمنية طويلة ,وتحقيق الحلم الأميركي بالقوة الأعظم والتفرد في التحكم بإدارة الشأن العالمي والتأثير المباشرعلى مجريات الأحداث في كل أنحا العالم . نحى تفسيرهذه الحالة السلمية بين الدول الديمقراطية (مجتمع الحرية ,التعددية , والديمقراطية ) منحيين متعارضين ومتضادين في الأسباب ولكن يلتقيان في النتيجة التي يتوصل كل من المنحيين إليها .
 
 التفسيرالأول يأخذ بمجموعة القيم الديمقراطية وآلياتها التي تعتمد على الحوارحول الخلافات والصراعات وعلى النقاش وتبادل الرأي في التوصل إلى الحلول المرضية والتوافق بين الأطراف, واللجؤ إلى التحكيم كلما اقتضى الأمر ذلك ,وعلى التوصل للحلول الوسط (الترضوية ) والتوافقية التي يتفق الطرفان الأطراف على قبولها والالتزام بها. 
 
أما التفسير الآخرفيعزو أسباب عدم لجؤ الدول الديمقراطية إلى حل خلافاتها ومشاكلها بالحروب,إلى ما تملكه كل منها من القوى العسكرية المدمرة .
 
فمعظم هذه الدول دول نووية وتملك أسحلة دمار شامل, وتحتفظ كل منها (باستثناء الدول الاسكندنافية ترسيخا ً لمبدأ الحياد الكامل) بقوى عسكرية قتالية مدججة بالأسلحة التقليدية والصواريخ بعيدة المدى, والقاذفات العملاقة, وهذا بحد ذاته يشكل رادعا ًللحروب لكلفه البشرية والمالية والمادية الباهظة , وانعدام القدرة على تحقيق النصر,ودافعا ًلإحلال قاعات اللقاءات للحوارمحل ميادين الحرب والاقتتال.
 
 ويخشى السياسيون في هذه الحالة على مصيرهم السياسي في حالة كسب الحرب أو خسارتها, فكلا الحالين يلحق الضرر بكل الناس ويؤذي اقتصاد بلادهم ويدمربناها التحتية والصحية والنفسية.
 
 لاحظ المراقبون أنه في كثيرمن الحالات لم تغرم الشعوب الأوروربية بإعادة انتخاب القادة الذين أداروا حروبها ولو حققوا لها انتصارات عسكرية ,بل أمهلوها لاكمال مهماتها العسكرية بدوافع وطنية فحسب.
 
 في الوقت ذاته لم تعزف الدول الديمقراطية عن إعلان الحروب العدائية على الدول النامية,وتتحالف معسكراتها بدوافعها الاستعمارية التقليدية لتدميرمنجزات الشعوب الأخرى والسيطرة على خيراتها وثرواتها بدون حياء وبكل صفاقة ومهارة في التضليل الإعلامي, والادعاءات الكاذبة , يبررون أعمالهم العدوانية ويحللون نتائجها دون أن تكترث لأبسط القيم الإنسانية أو المبادئ الأخلاقية أوالقيم الديمقراطية ,أوالحقوق القانونية التي تكفل حق الشعوب بالاستقلال والكرامة .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد