حكومة غير مأسوف على رحيلها

mainThumb

03-03-2012 11:11 PM

التصريح الذي تناقلته وسائل  الاعلام من خلال وكالة الأنباء الرسمية (بترا) على لسان وزير الدولة لشؤون الاعلام والاتصال الناطق الرسمي الاستاذ راكان المجالي، والذي يشير من خلاله بان لا صحة للاقاويل والاستنتاجات التي رددتها بعض وسائل الاعلام  بشأن معلومات مختلقة عن دور الحكومة في تحريك قضية كازينو البحر الميت امام القضاء يصيب المواطن في صدمة من العيار الثقيل ويحرج الحكومة  ويضعها على المحك،  ويضعف موقفها أمام الراي العام في وقت أشد ما تكون فيه أقرب إلى نبض الحراك الاجتماعي والشعبي الذي يطالب الحكومه بالمزيد من الانجازات ومتابعة وفتح كل ملفات الفساد دون تحيز او تاجيل او مطمطة أو انتقائية أو       – نطنطه – من ملف إلى آخر . 

المتابع لحيثيات الخبر يقف مصعوقا أمام تصريح  الوزير واصراره على أن الحكومة السابقة 
هي التي احالت القضية إلى مجلس النواب للتحقيق فيها، وانه وحسب تصريحات – المجالي – "   بعد صدور قرار المجلس آنذاك بتوجيه تهمة الى احد الوزراء، فقد احيلت القضية الى المجلس العالي للنظر فيها حسب احكام الدستور "، وفي هذا الصدد نقول لصاحب المعالي ( المجالي ) لماذا تكون الحكومه السابقة اجرأ من هذه الحكومه في فتح ملفات الفساد؟! ، ولماذا هذا التصريح الصحفي الذي يؤكد عدم قيام الحكومه بتنفيذ توجهيات وتعليمات الملك الذي أكد على محاربة الفساد حتى لو كان الفاسدين من ( بطانة الملك)، وفي هذا الصدد أرغب بتذكير – المجالي - ما ورد في كتاب التكليف السامي لدولة الاستاذ عون الخصاونة عندما كلفه الملك تشكيل الحكومه بتاريخ 17 تشرين اول 2011 وخاصة الفقرة المتعلقة في مكافحة الفساد وانقل حرفيا : " على الحكومة أن تعمل بكل طاقاتها لتكريس مبدأ الشفافية والمساءلة وسيادة القانون وتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص ومحاربة ظاهرة الواسطة والمحسوبية، وتعزيز منظومة مكافحة الفساد لكي نردع الفساد قبل أن يقع ونحارب وقوعه، ونحاسب الفاسدين والمفسدين بصرف النظر عن مواقعهم الوظيفية أو مكانتهم الاجتماعية أو أي اعتبارات أخرى، ودون إبطاء أو تأجيل حتى يلمس المواطن، مدى الجدية والحزم في معالجة هذه الظاهرة التي تسيء إلى مصداقية مؤسسات الدولة وهيبتها، فلا أحد فوق المساءلة، ولا أحد فوق القانون مع التأكيد على ضرورة أن تكون المحاسبة من خلال القضاء العادل، ليكون هو الحكم والفيصل. كما لا بد من تقديم كل أشكال الدعم لهيأة مكافحة الفساد، والجهات الرقابيـة الأخرى ."   وبناءً على هذا الطلب الملكي فلا يحرج أو يعيب الحكومه أو ينتقص من جهدها أن تحيل أو تتابع تحريك ملف فساد حتى لو كان هذا الملف هو الأشهر على الساحة الأردنية - الكازينو – فقد اصبح قضية رأي عام ؛ إلا إذا رغبت الحكومه تسجيل موقف حيادي أمام رئيس الوزراء السابق – معروف البخيت -  ومجموعة كازينو البحر الميت . واشك أن " عون الخصاونة " يرغب بذلك، أما إذا كان  – الخصاونة – يرغب  بالبقاء محايدا  أو كان على معرفة بهذا التصريح الصحفي قبل ان يصدره الناطق الرسمي بأسم الحكومه فتلك مصيبة . وإذا كان لا يدري عن تصريح المجالي فالمصيبة اعظم  وفي كلتا الحالتين ينطبق على رئيس وزرائنا قول الشاعر: فإن كنت لا تدرى فتلك مصيبة *** وإن كنت تدرى فالمصيبة أعظم !!!!        

وبعد ،،، في مقال سابق   طالبنا الحكومه بتنفيذ ما ورد في كتاب التكليف السامي ، ونصحت الحكومه وحذرتها بان لا تبتعد عن نبض الحراك المجتمعي، ولكن للأسف  ما يجري على ارض الواقع ومن خلال تصريح المجالي الذي يؤكد فيه " انه ليس للحكومه علاقة من قريب او بعيد بالاجراءات القضائية الاخيرة التي اتخذتها النيابة العامة في موضوع الكازينو " ، وكأن  الوزير يقول أن هذه الحكومه غير معنية بمتابعة ملفات الفساد أو ملفات الحكومة السابقة  أو الحكومات التي سبقتها ، وهذا يخالف ابسط قواعد العمل الاداري والمنطقي والعقلاني في إدارة شؤون الدولة، فنحن دولة قانون ومؤسسات، والحكومه عندما تتشكل لا تبدأ من الصفر، بل تكمل برامج وخطط الحكومه أو الحكومات السابقة فيما  يتعلق في اشباع الحاجات الاساسية للمواطنين وإنجاز المشاريع التنموية والخدمية كي تضمن النجاح  والاستمرار في تقديم الخدمة والعطاء ، حتى لا تضع الخطط والمشاريع التي تتعلق في المواطنين في الادراج ويتحمل المواطن المغلوب على امره تبديل وتعديل الخطط والاستراتيجيات .

مسك الختام ،،،، الحراك الاجتماعي ، والروح الاجتماعية مع محاربة الفساد والمفسدين وفتح كل ملفات الفساد، والحكومه في هذا التصريح تثبت عجزها عن إدارة شؤون البلاد في الاتجاه الصحيح ، وتثبت عجزها عن تنفيذ ما ورد في كتاب التكليف السامي ، الحكومه التي بالأمس استبشرنا بقدومها ، نحن اليوم أكثر المتشائمين من بقائها ، الحكومه التي تصدر مثل هذه  التصريحات الاعلامية تؤكد انها تغرد خارج السرب الوطني ، ولا تلامس المطلب الشعبي ، حكومة في مثل هذه المواصفات غير مأسوف على رحيلها.
 

ohok1960@yahoo.com
 

اكاديمي ،،، تخصص علم اجتماع


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد