عدا عما اشتهـر عن"عبدة "الشيطان ومُخاويه من الأشقياء والمتخاذلين عن أداء واجباتهم البناءة, ومن الشاذين في سلوكهم وتصرفاتهم عن السلوك السوي المتعارف على أنه السلوك القويم والتصرفات المستندة إلى مرجعياتها الاجتماعية والحضارية في التجمعات البشرية بعلاقات الناس بعضهم ببعض وتصرفاتهم إزاء أبناء مجتمعهم , وبعلاقاتهم بالمخلوقات الأخرى وعلاقاتهم بالطبيعة والبيئة كذلك ,عدا عن الالتزام بالأعراف والتقاليد التي تسود المجتمع بين مرحلة تاريخية وأخرى , فإن للشيطان أصدقاء غيرهم أيضا ًقد يفوقونهم كفاءة في تبني مناهج الشيطان وحيله وحبائله .
لم يثن ركوع الملائكة لسيدنا آدم الشيطان عن العبورالهادئ إلى بعض النفوس, والتسلل السلس إلى بعض الضمائر, وما ينصبه من كمائن يقع في حبائلها بعض الناس البسطاء بشكل عام , وذلك بما يصدرعن الواحد منهم من شرورفي القول وفي العمل وما يلحقونه من أذى بأخيهم الإنسان نتيجة حقد أو خداع وكذب أو دسيسة أو أطماع وحسد لما ينال الآخرين من خير ونجاحات,ومعظم السياسيين الذين تنادوا إلى التمرس في الألاعيب السياسية وخداعها ومناوراتها التي تتجاوز حدود إلحاق الأذى بالآخرين إلى الإضراربممتلكاتهم المادية وقيمهم الإنسانية ومرجعية تراثهم .
فاستسلم هؤلاء وأولئك إلى النغمات الشيطانية التي يصدح بها في ضميرهم الذي لايستيقظ إلا على صدى هذه النغمات ولا ينشط بالرقص إلا مع ألحانها.
الشيطان ملاك ,عصى وصايا الله وطاعته, فكان الشيطان الرجيم الذي نتعوذ بالله منه ومن شروره ومن كل أفعاله التي لا تؤدي إلا إلى الإيحاء بوحل الرذيلة والإغواء على الفعلة المؤذية والدعوة إلى النوايا الرديئة.
قد يتجمل الشيطان ولكنه يعجز عن الظهور بمظهرالملاك لكل ناظرببصيرة , وإن تبدى له ( أي الشطيان) مثل هذا الشعور, ولكن الذين استعانوا بالشيطان وبوسائله من البشر تفوقوا عليه في هذا الفن فأتقنوه أيما إتقان , وصادقوه لأنه يوحي إليهم بالعمل الخبيث فيتقنوا الخبث بأفضل مما يقوى على إتقانه, ويصور لهم الخداع فيتفننوا بمجالاته بما يعجب الشيطان من إتقان أصدقائه لهذا الفن , ويغويهم إلى الكذب فيبحروا في الكذب في كل مجال مستخفين بعقول الناس,ساخرين من وعيهم وثقافتهم , ومن كل لون من ألوانه, فيتراقص الشيطان طربا ًمن وفاء أصدقائه لصداقته, فالشيطان ليس قوة من تخيلنا مما نراه من بعض الفعل الإنساني المظهر, وإنما قوة موجودة جسّد ملامحها البعض بدقة ومهنية عالية ومبتكرة .
أصدقاء الشيطان متصلون ببعضهم ومتواصلون مع التاريخ البشري في الكذب المباشر, وفي الوقاحة والمداهنة ولهم بذلك كله باع طويل, وتوطنت في نفوسهم صفات الشيطنة وخبائثها في تغييرالحقائق وتزيفها, وفي لي الوقائع وتحريفها وفي الكيل بمكيالين وفي التفنن في اللجوء إلى ازدواجية المعايير بصلافة ودناءة مكشوفة , وفي التظاهر بالسكينة وهم يوقدون نيران الأحقاد والقتل والاقتتال, ونهب الثروات بادعاء الاستثمار وتدمير بنى الضائر الأساسية وهم يدعون الإعمار, وإعلان الحروب على الشعوب وهم يصرخون بالسلام , والاستقواء بالمال والسلاح على الضعفاء وهم يرتدون ثوب الأتقياء الحانين والممونين, وفي شراء ذمم المستضعفين الذين لم يبخس الشيطان نفسه حولهم فتولوا الأمرعنه ,والذين لم يضعف الشيطان قوتهم فكانوا لها مضعفين نيابة عنه. هؤلاء هم الساسة الاستعماريون ومساعدوهم ومستشاروهم ومبتدعوا عقائدهم,ومنظرو فكرالعدوان على الضعفاء والقوى والتيارات ذوات المرجعية الفكرية للطروحات الامبريالية وآلياتها وأطماعها .
وما كان من الشيطان أن ينشغل عن بناء علاقات وطيدة مع من تلوث فيهم الفكرالداعي إلى الخير لبني الإنسان من أي منشأ كان وفي كل زمان ,وإلى التمسك بمبادئ التآخي بين بني البشر, وعن التوغل في ثنايا عقول مستغلي دعوات السماء ودعاتها وتحريف عقائدها ونواياهم الخبيثة ودعوتهم والترحيب بتواطؤهم مع الشيطان على أمن الإنسان وعلى سلامته وعلى استقراره ورعاية مصالحه في العيش الكريم .
ترى هؤلاء وأؤلئك يقلبون الحقائق دون خجل,ويسبقون الخير للتصدي لنتائجه كي لا تكشف سوء نواياهم, يرمون إلى تحقيق مصالحهم دون اعتبار لأي حساب , دنوي أوأخروي.يملؤون الكون صياحا ً وبطونهم طعاما ًويبقون على بطون الطيبين خاوية وجائعة , وعلى أفواههم مكممة, يملؤن جيوبهم, ويبقون جيوب المستضعفين فارغة .
مناصرو هؤلاء وأؤلئك من الأصدقاء الأوفياء للشيطان والمروجون لسياساتهم,والمؤيدون لبرامجهم وتحريضهم, يقعون في خانة فاعلة أقرب إلى الشيطان منها إلى القيم المتناقضة مع الحدود التي تفصل العمل الشيطاني عن العمل الإنساني, ويقعون في حبائل, يندمون على جروحها لاحقا ً, فهم مستكينون لضعفهم يرضون بنصائح أصدقاء الشيطان راضخين,ويحتمون بقواهم ونفوذهم مستسلمين,وينفذون مجبرين مكرهين مآربهم و يخوضون حروبهم وما يأتمرون به صاغرين. تفوق أصدقاء الشيطان على الشيطان في كل ما يؤذي مصالح الناس, وإفناء ما يحمي حقوقهم من الظلم والطغيان, وفي قدرتهم على قتل الحياة بكل قسوة وجبروت الباغين اليائسين. نعوذ بالله من الشيطان , ومن أصدقائه وحلفائهم .
وحمى الله الأمة العربية, والإنسانية جمعاء من كل شرورهم.