إن الرسوم المرتفعة في الجامعات والأقساط المؤلمة التي تستنزف جيوب المواطنين البسطاء وتجبرهم على بيع أراضيهم وإيقاف عجلة الحياة الكريمة لهم تعتبر مأساة كبرى وجريمة في حق أبناء الوطن الحبيب ،ولا بد لهذه المأساة أن تتوقف لأنها تحطم الآمال وتدمر البلاد والعباد وتجوع الناس وتحرم المواطن من أبسط حقوقه، حق التعليم الذي تكفله دول الرعاية لأبنائها .
وكلنا يعلم مدى البؤس والألم الذي تسببه تكاليف التعليم الجامعي لأبناء الوطن فالأسرة التي تبتلى بتعليم احد أبنائها تتحول الى أسرة معوزة تجوز عليها الصدقة وتختصر الحاجيات الأساسية للحياة من طعام وشراب وكساء وتقع في ذل دين البنوك، وأما موسم الشتاء فقد تحول الى موسم أمراض وأوجاع عند الكثير خاصة في المناطق الباردة كعجلون المهمشة حيث يتجمع أفراد الأسر ويتحلقون حول المدافىء الصدأه التي تشتعل (بالبساطير) والأحذية هروبا من البرد القارص .
ولنا أن نتساءل هنا لماذا لا تقوم الدولة برعاية أبنائها المخلصين وتقدم لهم التعليم المجاني كبقية الدول ؟؟؟ ولماذا تغتصب الجامعات أموال الناس بالباطل؟؟؟ ثم تقدم تلك الأموال لفئة دون أخرى ويدفع المواطنون البسطاء أثمان ذنوب لم يقترفوها لسداد ديون الجامعات التي تذهب معظم مواردها دون جدوى ،كحفلات البوفيه المفتوح والرحلات والسفرات التي لا تسمن الوطن ولا تغنيه من جوع ولا تعود عليه بالخير أبدا.
ولماذا لا يسكن رئيس الجامعة ببيت يشبه بيوت الأردنيين ؟؟؟ بدلا من القصور المشيدة ولماذا لا يكتفي رئيس الجامعة بسيارة أو سيارتين؟؟؟ وهل من الإنصاف أن يكون له أسطولا من السيارات الفارهة ؟؟؟ في حين يدفع المواطنون البسطاء من دماءهم رسوم الجامعات بل ويعجز أكثرهم عن تعليم أبناءه حتى لو باع نفسه في سوق النخاسة !!!!
أما المياومات والمصروفات النثرية فحدث ولا حرج ,وأما قصص الابتعاث فليست ببعيدة عن الفساد إذ تبعث كل جامعة ابن رئيس الجامعة الأخرى ولكل متنفذ حصته من المحسوبية في المؤسسات المختلفة وفي المحصلة فإن ما يتم هدره من مال في الجامعات والمؤسسات يمكن أن يتكفل بتعليم المئات بل الآلاف من البسطاء الذين لا يجدون ما ينفقون .
أيها العقلاء لا يمكن أن يستمر الأمر بهذه الصورة الرهيبة إذ أصبح المواطن يخشى فيها تكاليف التعليم أكثر من أي شيء آخر ومع كل هذه المهازل يقتطع دينار للجامعات بحجة دعم البحث العلمي وهذا والله كذب بواح بل هو طريقة ملتوية لتحميل البسطاء ما لا يحتملون.
إن الشعور بالغبن وعدم المساواة يولد أفكارا هدامة في المجتمع ويقطع طريق تقدمه وتطوره وخير علاج لذلك إعطاء كل ذي حق حقه وأن يتساوى الناس في الحقوق والواجبات وإعطاء الفرصة لأبناء الوطن الشرفاء من المعروفين بحسن السيرة والسلوك لتولي المواقع المهمة بدلا من تعيين أناس بمواصفات يراعى فيها كل شيء إلا الجانب الديني وصدق المثل القائل - إلي ما فيه خير لدينه ما فيه خير لوطنه- ولعمري إن سياسة تمكين الأصناف الرديئة من المنتفعين وضعفاء النفوس ولصوص المال العام يجعل مقدرات الوطن ومكتسباته نهبا للطامعين والظالمين .
أخيرا نبتهل إلى الله تعالى أن يحفظ الوطن أرضا وشعبا وقائدا من كل سوء ,ومن شر كل ذي شر ومن الفتن ما ظهر منها وما بطن .
* جامعة الملك سعود .