يبدو اننا اصبحنا بحاجة الى اعادة هيكلة الاعلام الاردني اكثر من اي وقت مضى، وان نتخذ قرارا استراتيجيا بذلك، والواجب ان تتخذ الحكومة زمام المبادرة لاتخاذ اجراءات فعالة على ارض الواقع، تزامنا مع الاصلاحات السياسية والاقتصادية في البلاد، اجراءات تمس المحتوى والمضمون، يكون معبرا عن نبض الشارع الاردني بصدق وشفافية، دون سيطرة الهواجس الامنية على الاعلامي، وقد اصاب الزميل جهاد المومني في مقالته التي نشرتها الرأي بتاريخ 2/2/2012 عن حاجتنا الى فضائية اردنية حالا، وحالا تعني دونما تأخير او مماطلة او تسويف، لان في ذلك اجهاضا لفكرة وحاجة نحن بأمس الحاجة اليها ، بل هي دعوة وتعليق للجرس ورسالة الى كل من يهمه الامر، وهي فكرة تحتاج منا الى كل رعاية ومن اعلى المستويات في خضم هذا التسونامي السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه المنطقة العربية، والتي لهيبها اصبح يلفح وجوهنا وبحرارة عالية .
نريد هيكلة للإعلام بكل صنوفه واشكاله ضمن حوار محدد بسقف زمني محدد وواضح لا يقبل التأويل، يشارك فيه العاملون في المؤسسات الإعلامية ومؤسسات المجتمع المدني وأساتذة الإعلام واصحاب الخبرات السياسية، حتى تكون القرارات والمخرجات معبرة عن الحاجة الحقيقية لإعلام وطني حر، يعبر عن مصالح الشارع الأردني ومصالح الوطن، كي يتحرر من السيطرة الحكومية والامنية، كي تمارس الاسرة الاعلامية حريتها كاملة دونما خوف او وجل، من خلال آليات محددة لتفعيل الحوار بين مختلف الأطراف والالتزام بما يتوصلون إليه من مقترحات، لصياغة سياسة اعلامية مأمولة للمرحلة القادمة، نحن بحاجة الى اعلام متخصص وفعال ومدروس، واخص الاعلام المرئي، لما له من جاذبية وآثار قريبة وبعيدة المدى على الجمهور.
في عصرنا الحالي انتقل الاعلام المرئي من سياسة نقل الخبر الى صنع سياسة الخبر، واصبح الاعلام فعلا ورد فعل، فهل من المعقول ان يبقى المواطن الاردني اسير تلفزيونه اليتيم الذي لا يسمن ولا يغني من جوع في هذه الثورة الاعلامية؟ وهل من المنطق ان يبقى المواطن يرى ان كل دولة تحترم ذاتها وسيادتها ومستقبلها لها اعلام رديف خاص ام بالشراكة معها؟ لقد تغنت الحكومات السابقة ببرنامج التحول الاقتصادي وان القرار كان صائبا، وانعكس بشكل ايجابي على الدولة وميزانيتها العامة وعلى مستوى الدخل الفردي ، فما دام الامر كذلك فما المانع من خصصه الاعلام بشكل عقلاني وبعدالة، دون انتقائية ودون ان يتزاحم اصحاب النفوذ والقوة والسلطة بمحاولة السيطرة عليه وتدجينه، لمصلحتهم اثناء الوظيفة او بعد احالتهم على التقاعد ؟ لقد كان لنا تجربة مميزة في الاعلام المرئي من خلال الشركة الاردنية للبث التلفزيوني ATV وهي كانت محط اعجاب كل من يفقه ابجديات الاعلام المرئي، و كما يحلو لي ان اسميها" الفردوس الاعلامي الضائع" في الوقت الذي نحن احوج ما نكون اليها، بسبب سياسيات واسباب ليست مجال مقالتنا، وان كانت اصبحت معروفة عند القاصي والداني وكتب فيها اكثر مما كتب مالك في الخمر دون ان ترى النور، وهي شبكة اعلامية لو يتاح لها ان ترى النور والهواء من جديد، لكانت بالفعل قلب الاردن النابض وصوته وسوطه الوسطي وخطابه العقلاني، خاصة في ظل ازدحام الفضاء الاردني بدكاكين فضائية، اطلقنا عليها ظلما وزروا وبهتانا انها اعلام مرئي وانها صاحبة رسالة اعلامية ، وغضضنا النظر عن مشرع قائم منذ سنوات فيه من التجهيزات الفنية والهندسية والكادر الاعلامي المحترف، والذي ينتظر ساعة الصفر لانطلاقته من جديد. فمن يعلق الجرس؟ ومن يعطي اشارة البدء للانطلاق من جديد؟ المؤشرات ايجابية ونحن ننتظر.
allammansour@hitmail.com