تناقلت وسائل إعلام عالمية في الآونة الأخيرة الاعتداء الإلكتروني الذي استهدف بطاقات ائتمان لآلاف الإسرائيليين، أعلن هاكر سعودي أطلق على نفسه اسم ox omar مسؤوليته عنه. تم تسليط الضوء بشكل مكثف من قِبل الإعلام الإسرائيلي حول الحدث الاستثنائي وحول ضعف نظام الحماية الإلكتروني في البلاد باعتراف مسؤولين رسميين، بمن فيهم وزير البنى التحتية الإسرائيلي عوزي لانداو الذي وجه شكره للهاكر السعودي، لما اعتبره لفت أنظار المعنيين الى مشكلة حساسة في الوقت المناسب.
بعد أيام على مرور إعلان الحرب الإلكترنية نشرت "يديعوت أحرنوت" تقريراً عن طالب إسرائيلي يُدعى أمير فاديدا أعلن انه نجح بتحديد هوية الهاكر السعودي، مرفقة هذا التقرير بصورة للهاكر المفترض مشيرة الى انه طالب مبتعث من المملكة للدراسة في المكسيك اسمه عمر حبيب، يبلغ من العمر 19 عاماً ويعمل في إحدى مقاهي مدينة باتشوكا الصغيرة. وقد راودت بعض المراقبين شكوك بشأن المعلومات الواردة في تقرير الصحفة الإسرائيلية، ليتضح لاحقاً وبعد إجراء اتصالات مع السفير السعودي لدى المكسيك بأن عدد المواطنين السعوديين بالكاد يصل الى 20 شخصاً وليس بينهم طالب بهذا الاسم، وانه ليس لدى أي من موظفي السفارة أو رجال الأعمال السعوديين القلائل في المكسيك قريب يحمل ها الاسم.
بل شكك البعض بأن يكون الهاكر سعودي أصلاً، اذ ان اختراق الحواجز الأمنية الإلكترونية لمصارف الإسرائيلية يقتضي إلمام شاب عربي في الـ 19 من عمره باللغة العبرية بشكل جيد، وهو ما استبعده كثيرون، وهي شكوك عززتها رسالة أُرسلت من ox omar وبلغة إنجليزية وُصفت بالراقية الى صحيفة "يديعوت أحرنوت" يتعهد الهاكر بها بالمزيد.
لكن ثمة معطيات ربما تدفع لإعادة تقييم الحدث، مما قد يولد استنتاجاً بأن الهجوم الإلكتروني على إسرائيل ليس إعلان حرب بل هو معركة جديدة في حروب فيروسات قديمة. وبناءً على ما تقدم وفي حال انطلقنا من ان الهجوم الإلكتروني لم يتم بواسطة هاكر سعودي، سنواجه أسئلة تطرح نفسها.
من هي الجهة التي لديها الدافع للقيام بهذا الهجوم وتمتلك القدرات لتنفيذه، ومعنية بإلصاق التهمة لطرف سعودي بالتحديد ! وهنا لا بد من العودة بداية بالذاكرة الى الهجوم الذي تعرضت له قبل سنتين محطة نطنز الإيرانية بواسطة فيروس Stuxnet، ونطنز الموقع الرئيس في الجمهورية الإسلامة لتخصيب اليورانيوم، مما دفع طهران الى اتهام إسرائيل وأمريكا بتنفيذه، ومما يوحي باحتمال وقوف أطراف إيرانية وراء استهداف بطاقات الإتمان الإسرائيلية.
اذا كان الأمر كذلك يصعب توقع إعلان إيراني صريح عن تحمل مسؤولية هذه الجولة، علاوة على انه من الطبيعي العمل على إلصاقها بطرف ثالث لإبعاد الشبهات، وهنا تبدو المملكة العربية السعودية الهدف الأنسب، على اعتبار ان الرياض وإسرائيل وأمريكا 3 أضلاع لمثلث واحد بحسب المنظومة الإيرانية.
وربما في محاولة لإبعاد الشبهة عن طهران، منحت الأطراف الإيرانية الافتراضية للهاكر المفترض أيضاً اسماً يحمل ما يحمله من دلالات على انه من المستحيل ان يكون صاحبه إيرانياً.
وهنا أجد نفسي مطالباً بالاعتذار لتناولي الأمر من زاوية الطائفية البغيضة، التي وللأسف الشديد تجبر كل من يرغب بخوض تفاصيل المشهد السياسي في الشرق الأوسط على التطرق اليها. بالإضافة الى ما تقدم يبدو الهدف من نشر "يديعوت أحرونوت" معلومات عن مبتعث سعودي في المكسيك غامضاً ومثيراً للتساؤلات في قصة ركيكة أصلاً، اذ انه حتى وان كان هذا الطالب هو الهاكر الحقيقي، من المستبعد ان يعمل الشاب في مقهى لكسب قوته، إلا اذا كان من شريحة سعودية معينة لا تتمتع لسبب من الأساب بالمزايا التي يتمتع بها كل مواطن سعودي مبتعث من قِبل الحكومة.
وهنا من الطبيعي ان يرى أي كان انه كان باستطاعة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية التحقق من المعلومات حول عمر حبيب قبل نشرها عنه، خاصة وان الصحيفة لم تتحدث عن لبنانيين في البرازيل أو جزائريين في فرنسا، مما يعني ان التأكد من صحة هذه المعلومات أو ضحدها أمر في غاية السهولة ولا يحتاج لجيمس بوند.
تتباعت الأحداث في إيران وإسرائيل مؤخراً، بحيث يمكن لأي راغب ان يتكهن بوجود ما يربط فيما بينها. فقد اغتيل قبل ساعات العالم الإيراني أحمدي روشان، نائب المدير التجاري في محطة نطنز، المحطة ذاتها، كما أُعلن في إسرائيل قبل ساعات أيضاً عن فيروس غامض وليس إلكتروني هذه المرة، أصاب 7 مواطنين وأودى بحياة 3 منهم في غضون يومين. فهل هي بالفعل حلقات في سلسلة واحدة ؟
علاء عمر - موسكو