سورية : خطـــــاب الإدانــــــة

mainThumb

10-01-2012 11:08 PM

أطل الرئيس السوري عبر شاشات التلفزيون محاضراً على من كان متواجداً من أعضاء حزبه أكثر من كونه مخاطباً شعبَه, إلّا أن رسائله لمؤيديه في خِطابه الطويل كان واضحاً وجليا..في الحقيقة فإنه يكفي من هذا الخطاب أن يكون محل إدانه ضده في أكثر من إتهام سيحُل قريباً من قانوني الداخل والخارج, تماماً كما إستند محامو مدعي عن الحق المدني في مصر في تحليلهم خطابات الرئيس المصري السابق حسني مبارك على أدله تتهمه بالتحريض على القتل وعدة تهم أخرى. 

فقد كان جلياً تحريض الرئيس الأسد مؤيديه وشبيحته على قتل المتظاهرين المدنيين العزل والمنشقين من الجيش السوري بعدما وصف الجميع "بالإرهابيين" كما توعدهم بإستأصالهم والضرب بيد من حديد, كذلك الأمر عندما عَرَجَ على نقطة المُصالحة بقوله أن المصالحة لامكان لها الآن وأنها تأتي بعد الحسم ضد الثائرين المطالبين بالحقوق المشروعة.

 وهذا يكفي بأن يُدان الرئيس الأسد بتهم عدة أهمها التحريض على القتل وزرع الفتنة وجر البلاد إلى حروب أهلية وخيانة الشعب والوطن توصله إلى حبل المشنقة. في الحقيقة إن خطاب الرئيس الأسد كان مُتوقعاً تماماً, فقبل موعد الخطاب تنبأت على أحد المواقع الإجتماعية ماسيحمله الخطاب من عناوين والتي كانت تماماً كما توقعت..فهو كان مُغردا عن سرب الواقع والحقائق وتكرار ممل حمل التخوين والإستخفاف والتجريح والوعيد ذاته والتي هي نفسُها من دأب كل رئيس هارب ومسجون ومحروق ومقتول التلفظ بها. إن خطاب "الرئيس السوري" – ولو أنه فقد شرعيته تماماً مع أول قطرة دم سوري- لايحتاج إلى تحليل لكن بالتأكيد يحتاج إلى رد وتفنيد. لقد تحدث الأسد عن العروبة وكأنه هو العروبي الوحيد ظناً منه أن الشعوب العربية مازالت واهمة ومغشية على عينها ومُصدقة فبركة عروبيته, فالعروبي لايقتل شعبه والعروبي لايُحافظ على أمن إسرائيل لعشرات السنين والعروبية ليست مسميات لأحزاب كالقومية والناصرية والبعثية فقط إن خَلَت من العقيدة العروبية.

 أما المستعربين الذين إتهم الرئيس السوري بعض حكام الدول العربية فحبذا لو لم ينطق بها ولي العلويين الصفويين. لقد إتهم الرئيس الأسد البعض من الحكام وبعض الجهات العربية بأنها تريد إستبدال سوريا بإسرائيل مخوناً شعبه ومُستخفاً بشجاعة وإنجازات الشعوب العربية في هذا الربيع التي أسقطت كل الزعماء الموالين لإسرائيل وبعضها مما زال يطالب بعدم التطبيع مع العدو وإلغاء المعاهدات أو على الأقل الإلتزام بها من كلا الأطراف. وهنا نرد على سيادته بأن الشعب السوري والشعوب العربية المناضلة والثائرة تريد التخلص من أتباع إسرائيل وحُماة إسرائيل. 

غريبٌ على أي رئيس جمهورية أن يُقرن ويُرهن وجوده بسلامة ووحدة الأرض والوطن, بل هذا دليل على أنه يجهل تاريخ ومجد سورية قبل وجود أباه وحزبه. إن أيّا من الرؤساء الشرفاء لايتهمون شعبهم ولا ربعه بالإرهاب ولا يلعبون على أوتار الدين والطائفة ولايبررون قتل أي مواطن ولا يرفضون أي حل سريع لوقف النزيف كما رفض الرئيس السوري مُبرراً أن الحلول السريعة لاتخدم الأجيال المُقبلة. 

ألِهذا الحد الإستخفاف بدم المواطن السوري؟؟ لقد برأت الحكومة السورية مُسبقاً المجرمين الشبيحة والأمن من القتل والقصف والتعذيب والإعتداء والإغتصاب والملاحقة لعدم وجود أدلة كافية..هذا منطق وسياسة الإحتلال الإسرائيلي التي دأب على تطبيقها ومنطق "قطاعي الطرق" أن تُلصق بالثوار العزل المدنيين تُهم بالقتل وقطع الأرزاق وقطع الغاز والتلفظ بكلمات نابية وأنهم خونة ومن غير شرف ودين !!! كذلك فإن الحكومة السورية ردت مباشرةً على التقرير الأولي لبعثة المراقبين العرب للجامعة العربية المائل لصالح النظام السوري بتفنيد كل ماجاء من نقاط لصالحها من سحب جزئي للآليات وتنفيذ جزئي للقرار من خلال تبريره لعمليات القتل وإصراره على إستخدام العنف مبررا بشماعة "الإرهابيين" ومتوعدا بمزيد من التأزيم من خلال الضرب بيد من حديد, بل خوّنهم وأعتبرهم أكثر سوءاً من الأجنبي.. موقف الجامعة العربية أصبح أكثر إحراجاً بعد هذا الخطاب التهجمي المتنكر للواقع من ذي قبل ولذلك فإن على الجامعة الإختيار مابين بقاء نظام الأسد وبين الحفاظ على سلامة وحرية المدنيين السوريين والحفاظ على إستقلال ووحدة سورية وتاريخها ومجدها. وعلى الجميع و الدول العربية أن تكون على يقين وآخذين بالإعتبار والعبرة بأن الشعب السجين يوماً سيصبح السجّان لا محال.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد