سليمان وجد طاهر المصري ..

mainThumb

21-12-2011 05:52 AM

يزن خواص - 



يشتكي سليمان ابن الكرك سلق الحكومات المتعاقبة له ولكثير من الاردنيين بعد ان بات الفقر سيفاً في خاصرة الناس وحياتهم وبات المواطن الفقير الذي يعيش براتبه المحدود لا يجد رغيف الخبز ولا يرى اللحم وقوت اولاده الا في الأحلام أو حين يموت احد اقاربه او اصدقائه.

سليمان ذو الأربعين عاماً وهو أب لخمسة أطفال يعاني من " الطفر " و قلة الحيلة وعلى مدى ثلاث سنوات لم يبق مسؤول في الأردن الا وقابله واستمع لقصته واستغاثته اما طلبه فهو التفرغ من عمله من اجل اكمال دراسته الجامعية على نفقته الخاصة رغم ظروفه الصعبة جدا ، والأزمة الاجتماعية التي تضرب الأردن ، أزمة الفقر التي لا تعترف بها الحكومة إلا عند ظهور الإحصائيات الرسمية رغم ان الواقع المعاش يظهر ان هؤلاء يبحثون عن لقمة العيش التي أضنتهم بعد ان أصبحوا مكسوري الأعين أمام أفراد عائلاتهم.


موقف سليمان جاء بعد معاناة طويلة ومتاعب ابكت من حوله وهو يحمل في جيبته المهترئة خطابات ومقابلات جلالة الملك حول اهمية التعليم ومحو الأمية ويعرضها على كل مسؤول يلتقي به ويغادر موجوع القلب بعد ان اكتفى المسؤول بالتفرج عليه وزمامه بشفافه دليلا على الملل والقرف منه ومن غيره !!!

يصر سليمان على مقابلة رئيس مجلس الأعيان طاهر المصري وحين نقرأ قرار سليمان نعرف بشكل واضح ان الموقف من السياسيين في الأردن لا يخضع لقواعد اقليمية كما يظن كثيرون إذ ان برنامج الانسان واخلاصه في عمله هو الذي يقرر الموقف منه.

يستقبل " ابو نشأت " سليمان على طاولة واحدة دون الجلوس على مكتبه الخاص ، يحتسي الشاي برفقته ، يطلق الابتسامة ويجلس احتراماً لضيفه الكريم الذي جاء بعد معاناة لساعات طويلة في البحث عن احد القلابات المتجهة من القطرانة الى عمّان كي تقله لمكان المقابلة لعدم قدرته على دفع اجرة حافلة .

"الحياة لا ترحم احداً" يقولها سليمان لأبي نشأت ويتابع "رغم ان عمري تجاوز الاربعين عاماً وانا اب لاطفال الا انني شعرت بضرورة اكمال دراستي الجامعية وقد مررت بظروف لا يعلمها الا الله طيلة السنوات الثلاث الماضية ، بعد ان كنت اخرج في ساعات الفجر من القطرانة لانتظر احد اصحاب القلابات المارة على الطريق ليعطف علي ويقلني الى عمّان من اجل الدراسة حتى عودتي كانت تتطلب انتظاراً وسيراً على الأقدام ، كل ما اريده هو تفريغي من العمل لبضعة شهور فقد استنفذت اجازتي ولا حيلة لي ، دقيت ابواب الكثير من المسؤولين ولم يبق الا ان اتسول !!

تأثر أبو نشأت كثيراً بما سمعه وتأثره ليس ضعفاً وإنما لأنه كبير وجامع ، فسليمان الذي بذل ما في استطاعته وخاض البر بحثاً عما يسد رمقه تسكرت مجاديفه على صخور قلة ذات اليد العاتية!!! .

وكانت المفاجأة وبعد مرور بضعة ساعات على انتهاء المقابلة حتى تم تبليغه بالتفريغ وعاد ليزف الخبر لاسرته عاد لبيته المتواضع يقرأ كتابه وهو ينظر لمستقبل مشرق لوطنه يفكر ببناءه متناسياً الحياة الصعبة ، قوته، اسرته ، ارتفاع اسعار اللحوم والخضار والفواكة ، ايجار البيوت ، وفواتير الماء والكهرباء .

هذا زمن قلّ فيه عدد الرجال الذين يعرفون معنى ان تكون منتميا للاردن بحق ، المصري شكّل ظاهرة اردنية سياسية نَدُرَ مثيلها ، وهو ما دفع سليمان للاطمئنان على ابو نشأت وارسال وردة حمراء برية تقديراً له.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد