الأنـظة العـربية : إحذروا هـجـرة المعارضة !

mainThumb

19-11-2011 04:21 PM

من أبرز ميزات التاريخ الروية والصبر , أي أن آثارالأحداث التاريخية واستيعاب أبعادها ومراميها غير المنسجمة مع مسار قيم أمة ما , ليس من الضروري أن تظهر مباشرة بعد انتهاء الحدث مع ما يؤدي إليه هذا الحدث من نتائج , بل يبدو إن تراكم التجارب التاريخية يظل حيا ً في ذاكرة الناس ويشكل في مرحلة لاحقة حافزا ًعلى استذكار نتائجه وتكراربالمثل وليس بالمطابقة أو الانتقام لها والثأرللصدمة التي سببتها هذه الأحداث في حينها وأخذت الناس إلى غيرما يتوقعون أو يرتضون .


وبين التكرار والانتقام تكمن الحكمة التي على النظم السياسية العربية الاتعاظ من نتائجها . منذ تسلم القذافي الحكم في ليبيا , بدأ المعارضون والمختلفون مع النظام بالهجرة إلى مختلف الدول الأوروبية منها والعربية ,هربا ًمن قسوة النظام في التعامل مع هذه الفئات وقمعها وإذلالها. وقد قدرت جهات ليبية ودولية عدد الليبيين الذين فضلوا الهجرة أو اضطروا إليها بأكثر من نصف مليون شخص .

 كما شهد العراق هجرة عدد كبير من العراقيين لأسباب شتى, اقتصادية وأمنية واختلافات سياسية وطائفية وعرقية لعبت بإحيائها قوى محلية وإقليمية ودولية عديدة , كل منها له أسبابه ودوافعه من إثارتها وتغذية أطرافها بالمال والسلاح والمأوى والتدريب على الأعمال العسكرية والقتالية . وما أن ضعف العراق الذي كان من أقوى الدول في المنطقة اقتصاديا ً وعلميا ً وثقافيا ًوعسكريا ً, وحقق تنمية تعليمية مدهشة , وأمن ظروف معاشية آمنة ,لم تتمكن القوى المعارضة المهاجرة , ولا القوى العرقية الداخلية من تغيير النظام أو التأثير على مجرى سياساته المعادية بالضرورة للكيان الصهيوني وللمعادلات الاسترتيجية الأميركية , فما كان من القوى المهاجرة التي تعاظم اشتياقها إلى الوطن!! وحنينها إلى بلادها !! إلا الاستجابة للارتباط بالقوى الدولية المعادية للعراق , وقبلوا أن يجعلوا من أنفسهم أداة عدوان واسع داعين له مبررين أسبابه وغير مشاركين عمليا ً به , وإنما محمولين كواجهة (عراقية) بمقاعد في الحاويات العسكرية التي فعلت ما فعلته بالعراق من تدمير وتهجير ونهب ثروات مادية وثقافية ومحتويات المتاحف الشاهدة على حضارة الرافدين العريقة .

وباختصار زال النظام ولم يتعافى العراق بل ما زال يتحسس طريقه في النفق المظلم الذي أوقعت القوى المهاجرة بلادها به بعودتها برفقة القوى الأجنبية . لا يمكن لنا أن نتجاوزعند تفسير, دوافع الانتفاضات في بعض الدول العربية في تونس ومصر واليمن والبحرين عن نتائج الاحتلال الأميركي للعراق والذي تعاونت معه هذه الأنظمة ( باسثناء اليمن ) والقفزعن التأثير التراكمي الذي تركته هذه الأحداث في وعي المواطن العربي وعلى دوافع اعتزازه الوطني وانتمائه القومي.

وما حدث في في ليبيا التي استنجدت قواها المهاجرة منها والداخلية بالطامعين بالثروة الليبية " لحماية المدنيين " وما آلت إليه الحال الليبي بثرواتها البشرية والبترولية والاقتصادية من أوضاع ما زالت تتفاعل فيها الصراعات البينية , في هذه الأوقات حيث ما زال الوضع يدعو إلى التشاؤم لانعدام كل أسباب التفاؤل من معادلة طرفها قوى استعمارية عريقة وقوى مرتبطة بها بوهم الخلاص والتحرر. الأولى بالأنظمة العربية أن تتفاعل مع المعارضة لما يحمله هذا التفاعل من قوى توحيد أبناء الوطن بتفعيل قوى التعددية والتنوع .

samiremeis@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد