الشعب يريد إصلاح التشكيلة الحكومية

mainThumb

29-10-2011 11:33 AM

خيبة أمل كبيرة اصابت عددا مهولا من الأردنيين ليس فقط بسبب تشكيلة حكومة دولة عون الخصاونة ولكن لعدم تمكنه من إقناع المعارضة الأردنية في المشاركة في العملية السياسية من خلال الحكومة نفسها.

آمال الأردنيين بانفراج الأزمة بين النظام السياسي والمعارضة، وانخفاض حدة التصعيد في أعمال العنف والمسيرات الصاخبة ارتفعت ابتدءا باختيار شخصية وطنية بسوية دولة الرئيس وسمعته الطيبة ،وما أن تم تشكيل الحكومة حتى بدأ الناس يشعرون بأن الفروق هامشية بين هذه الحكومة وسابقتها أو سابقاتها.

ويبدو أن أسلوب اختيار الوزراء في الحكومة الجديدة لم يختلف كثيرا عن أسلوب اختيارهم في أي حكومة ، وقد بدا واضحا اعتماد التمثيل الجغرافي والقبلي والمناطقي في تشكيلة الحكومة ،واختلفت بعض الأسماء ولكن اختيارها تم  على أسس    شخصية نابعة من علاقات دولة الرئيس، أو أسس أمنية التي أجزم بأن الدوائر الأمنية كانت حاضرة وناشطة فيها ،أو استنادا لرغبة الملك أو أعضاء العائلة المالكة والذي تجسد باختيار وزيرين صهرين لصاحب السمو الأمير الحسن وكذلك اختيار وزيرة لارتباطها مع سمو الأميرة منى والدة جلالة الملك حيث تتنقل هذه الوزيرة من موقع إلى آخر بفترات قياسية ولم نلمس كثيرا من نتائج تفوقها ومهاراتها الإدارية.

الوزارة الحالية وزارة تقليدية بوجوه جديدة عشائرية في تركيبتها ،أمنية في أسلوب وأدوات اختيار أعضائها ،فردية في توليفتها ،ونخبوية من حيث تمثيلها للمجتمع ،ومصلحية شخصية من حيث اهتمامات أعضائها.

الأردنيون أعتقد أنهم غير راضون كثيرا عن تشكيلة الحكومة وأعتقد أيضا أن سقف توقعاتهم العالي قد انخفض بسبب تركيبة الحكومة وقد كتبنا في مقال سابق أن الحديث عن اختيار الوزراء على أساس الكفاءة والجدارة هو محض خرافة يستمرئها الناس ويلذ لهم سماعها ولكنها على أرض الواقع فكرة خيالية نظرا لعدم وجود أسس لمعرفة الكفاءة السياسية للوزير مقارنه مع الوظائف المهنية والفنية التي يمكن الاختيار فيها على أسس الكفاءة والجدارة،حيث أنه من الصعوبة معرفة كفاءة وقدرات بعض الوزراء الذين ليس لهم تاريخ مميز في العمل العام أو الخاص حتى.

والحقيقة أن الإشكالية الكبيرة في تشكيل حكومة عون الخصاونة أو غيرها من الحكومات تعود إلى غياب أو تغييب  الفعاليات الحزبية ومشاركتها في إدارة شؤون الدولة من خلال تشريعات تنظم  عمليه المشاركة السياسية والانتخابات النيابية وتشكيل الحكومات على أسس حزبية وبالتالي يصبح تشكيل الحكومة على أساس الحزب الفائز وليس على أساس تمثيل قبيلة أو عشيرة أو منطقة.لا يوجد شيء اسمه معايير الكفاءة في اختيار الوزراء في الدول الديمقراطية وإنما يستند  هذا الاختيار للشرعية السياسية من خلال انتخابات حرة يتمكن فيها الحزب الفائز من إدارة شؤون الدولة ويتم اختيار أعضاء الحكومة حسب مقدرتهم على تحقيق البرنامج الانتخابي للحزب الفائز.

أعضاء حكومة عون الخصاونة وهم في نشوة الفرحة باختيارهم كوزراء يعرفون حق المعرفة أن الكلام عن الكفاءة والجدارة كلام عام وغير حقيقي  وغير واقعي ويعرفون أن علاقاتهم الشخصية أو تمثيلهم العشائري والجغرافي وسجلاتهم الأمنية هي التي جاءت بهم لمثل هذه المواقع .الأردنيون لم يعودوا يصدقوا كثيرا ما يقال على شاشات التلفزيون والصحف التي تتحدث عن ارتياح كبير من قبل المواطنين لتشكيلة الحكومة لأنهم موقنون أن الواقع غير ذلك ويعرفون بعض الوزراء وأدائهم الفقير  في مؤسسات الدولة المختلفة.

قيادة النظام السياسي الأردني ورئيس الحكومة الأردنية فوتا فرصة ذهبية لإظهار المرونة الكافية في التفاوض مع المعارضة السياسية بأطيافها المختلفة،وفي بذل مزيد من الجهد الحقيقي في إشراك القوى السياسية المتعددة في إدارة شؤون الدولة وبأسلوب وشكل حكومة إنقاذ وطني أو ائتلاف حزبي يمكن الأردن من تجاوز الأزمة الحالية.

الأردنيون أذكياء ومثقفون سياسيا ويعرفون ما يدور حولهم ، ويخشون على وطنهم من التصعيد في وتيرة الاحتجاجات والمسيرات ومظاهر العنف الناجمة عن عدم تحقيق مطالبهم ورغباتهم في المشاركة في حكم بلدهم .

 الأردنيون يريدون إصلاح تشكيلة الحكومة لتصبح أكثر تمثيلا للناس وللقوى السياسية الفاعلة والمدعومة شعبيا كما يطمح الأردنيون إلى تعديلات حقيقية وجوهرية في الدستور تنظم عملية تشكيل الحكومات على أسس الشرعية السياسية لا على أسس العلاقات الشخصية والانتماءات القبلية والارتباط بمراكز قوى في أوساط العائلة المالكة. نعم بعض إن لم يكن كثيرا من الأردنيين محبطين ويشعرون بقلق شديد على مستقبلهم ومستقبل بلدهم في ظل عدم تجاوب النظام السياسي لمطالبهم المشروعة في أن يكون لهم دورا رئيسيا في إدارة شؤونهم.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد