ماذا يريد الأردنيون من الملك ؟

mainThumb

21-09-2011 11:29 AM

يعرف الأردنيون أن الملك بصلاحياته وسلطاته الكبيرة يلعب الدور الأكبر في إدارة شؤون البلاد والعباد وأن هذا الدور يصبح أكثر فعالية وتأثير بحكم الصفة المعنوية والقيادية لشخصه حيث أنه من الناحية العملية هو الذي يشكل الوزارات ويقيلها ويحل مجلس النواب ويدعوه لالتئام ،ويعين رئيس السلطة القضائية ورؤساء المحاكم  ،وهو الذي يتولى شخصيا  دفة السياسة الخارجية والإشراف المباشر على الشؤون الداخلية، وهو الرئيس الأعلى للقوات المسلحة والقوى الأمنية المتعددة.

والأمر الذي يعلمه وبتداوله السواد الأعظم من المواطنين أن الملك هو محور إدارة الدولة وما يريده ينفذ، وما يأمر به يصبح حقيقة، وعليه فإلى  الملك ترنو الأنظار لحل المشكلات وتحقيق المطالب ونيل الامتيازات والوصول إلى الملك ونيل حظوته وقربه  أصبح أمرا يتنافس عليه المتنافسون بضراوة وشراسة بعضهم بالأداء الملفت، وبعضهم بالتزلف، وآخرون بالخبرة والمعرفة، في حين يتمكن البعض من نيل القرب من جلالته والأسرة الملكية من خلال الدعم والثقل العشائري والولاء والدعم المطلق لكل ما يقوله أو يفعله الملك.


في خضم حركة الإصلاح ازدادت المطالب والضغوط على الملك والنظام السياسي بأجمله لإحداث تصحيح وتعديل على محاور هامة في بنية النظام السياسي وفي مقدمتها الدستور وقوانين الانتخاب والحريات السياسية وغيرها.

والمتتبع للحراك السياسي  الأردني يجد نوعا من التضارب والتباين في هذه الطروحات والمطالب، كما يلمس أن تجاوب النظام مع المطالب لم يرقى بعد إلى مستوى طموحات الناس وتطلعاتهم ، فماذا يريد الأردنيون من الملك؟ وفي الوقت الذي نعلم بأن بعض الأردنيين يريدون ما يريده الملك لهم ويقبلون ما يقبله لهم  ويدعمون أي قرار واتجاه يتبعه الملك فإنه من الصعوبة بمكان مناقشه مطالب هذه الفئة من إخواننا ومواطنينا الذي قبلوا طوعا واختيارا الملكية المطلقة والتي بموجبها يتم تفويض الأمر لأولي الأمر والقبول والرضا بما يحكم ويرسم.أما الفئات الأخرى من الأردنيين وبالرغم من تباين واختلاف مطالبهم نتيجة لاختلاف رؤاهم وانتماءاتهم السياسية والفكرية والعقدية فإننا نعتقد بأن هناك مطالب مشتركة يمكن إجمالها بالأبواب التالية:

•   تنازل الملك عن مزيد من الصلاحيات وخصوصا تلك المتصلة بحل مجلس النواب إذ أن  الملك ما زال هو الجهة التي تمتلك هذه الصلاحية يمارسها متى وكيف ما شاء،وكذلك صلاحية اختيار وتكليف رئيس الحكومة (وضمنيا اختيار الوزراء نظرا لتدخل الأجهزة الأمنية والديوان الملكي في تشكيل واختيار شخوص الوزراء).

•        انتخاب أعضاء مجلس الأعيان انتخابا مباشرا من الشعب بدلا من تعيين الملك لهم.

•   تقليص حجم الكوادر الإدارية العاملة في الديوان الملكي والتي أصبحت تتجاوز الأربعة آلاف موظف. يتساءل كثيرا من الأردنيون عن مبرر وجود هذا الجيش الجرار من الموظفين في الديوان الملكي وعن مبرر وجود بعض الفروع لدوائر حكومية في الديوان كما يتساءلون عن حجم الموازنة المالية الحقيقة للديوان.

•   إخضاع مجمل موازنة الإنفاق على القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية للرقابة العامة للبرلمان ومناقشتها والتوافق عليها مثل بقية أبواب الموازنة الأردنية وذلك وفقا لأحكام الدستور الأردني قبل وبعد التعديل المقترح.

•    إدخال التعديل الأهم على الدستور الأردني الذي يتيح لا بل يتطلب حكما ونصا تكليف الملك للحزب الفائز بتشكيل حكومة.

•          عدم استبعاد النظام لبعض القوى والشخصيات الوطنية المعارضة من المشاركة في عملية الإصلاح السياسي .

•   مفاتحة ومصارحة الشعب بحجم ومصادر ثروة الملك والأمراء والإفصاح عنها مثلما هو معمول به في معظم الدول الديمقراطية مما يزيل كثيرا من الشك والاستفهام عما تتناوله الصحافة الأجنبية عن ثروة الملك.

•   الحد من التدخل السافر للدوائر والأجهزة الأمنية في التعيينات القيادية في مختلف الوزارات والدوائر الحكومية والجامعات الرسمية .

•   مكاشفة الشعب بحقيقة تسجيل الأراضي الأميرية باسم جلالة الملك والعائلة المالكة إذ أن هذا الموضوع يتداوله المواطنون والناشطون السياسيون دون تصريح يدحض أو يشرح مبررات مثل هذه الإجراءات الغامضة.

•   مسائلة الشخصيات العامة التي يلفها الغموض وتلاحقها الشكوك فيما يتعلق بمصادر ثروتها واحتمالات تجرؤها على المال العام.

نعم يا جلالة الملك هذه المطالب تكاد تشكل قواسم مشتركة بين مختلف القوى الفاعلة في الحراك السياسي الأردني ونعتقد أن تجاهلها لن يكون في مصلحة الوطن ولن يحافظ على أمنه  واستقراره.إن تحقيق هذه المطالب أو التعامل معها والتوافق عليها سيشكل دعما وتعزيزا للنظام السياسي واعتقد أن الأردنيون  يستحقون إصلاحا سياسيا نوعيا عبر اتخاذ خطوات وإجراءات حقيقية يأتي في مقدمتها تعديل جوهري في  الدستور بجعل مجلس الأعيان مجلسا منتخبا. ونعتقد أن ما يبديه بعض المستشارين وبطانة أولي الأمر من انه من المبكر الانتقال إلى مجلس أعيان منتخب أو إلى الملكية الدستورية أو غير ذلك يصب في المحافظة على الوضع الراهن ومكتسبات بعض الفئات والنخب.

 إن أية جهود للإصلاح السياسي في الأردن تتجاهل المطالب العريضة للقوى السياسية والشعبية والمشار إلى بعضها آنفا لن تحقق غاياتها وأهدافها وستبقى جهودا مجتزأة وخجولة وسيبقى التذمر والإحباط ينمو ويتراكم لا بل فإن الالتفاف على جهود الإصلاح وإفراغها من محتواها سيؤجج السخط ويفقد الشعب الثقة بقدرة النظام السياسي على إصلاح ذاته والتجاوب مع المطالب المشروعة للناس.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد