أعطي سعادة النائب ألف درهم يا غلام

mainThumb

14-09-2011 03:22 PM

أعضاء المجالس التشريعية أو البرلمانات في الدول الديمقراطية يحظون برمزية خاصة واحترام كبيرين نظرا لصفتهم التمثيلية للقواعد الشعبية ولدورهم الدستوري في التشريع والرقابة على أعمال السلطة التنفيذية وأدائها.

والأمر في الحقيقة يذهب لأبعد من ذلك إلى قدرة مجلس النواب على سحب الثقة من الحكومة أو من أحد أو بعض وزرائها إذا توفرت أسبابا لذلك.وهذا الوضع الدستوري أضفى ويضفي كثيرا من الاحترام والهيبة لأعضاء مجلس النواب لا بل فإن الأصل أن تبدي الحكومة الكثير من التحسب والخشية من قرارات مجلس النواب .
 
والحقيقة أن مجلس النواب الأردني ورغم الكثير من الأسئلة والاستفهام الذي يدور حول مدى شرعية الانتخابات التي أفرزته فإن هذا هو المجلس المتاح الآن وهو الكيان الذي سينظر بالتعديلات الدستورية المحالة إليه وينبغي أن نتعامل معه لحين إجراء انتخابات نيابية أخرى وفق أسس وقواعد جديدة تضمنها قانون الانتحاب الجديد.

وقد طالعتنا بعض الصحف عن أعطيات وحزم مالية ترسل لنواب الشعب الأردني  من رئاسة الوزراء تتراوح قيمها بين 2000-10000 دينار وعلى طريقة الحكام الماجنين في غابر الأزمان الذين كان يعطون الهبات للشعراء والمادحين المتزلفين لبلاطهم وسلطانهم.

ومهما كانت المبررات والأسباب فإن مثل هذه المكارم والأعطيات لا تخرج عن كونها رشا للنواب وشراء للذمم وإهانة ليس فقط للنواب الذين تسلموا هذه الرشوات ولكن إهانة للشعب الذي انتخبهم .

أنا أستهجن وأقف مذهولا من هذه الجرأة والاستخفاف واللامبالاة التي يبديها رئيس الوزراء لمجلس نواب الأصل أن يقف هو أمامه ويخضع لمسائلته.نعم بدأت أتفهم مع كثير من المواطنين كيف تم تمرير قضية الكازينو دون أن يطال رئيس الوزراء أي مسؤولية قضائية أو جرميه  وها هي وثائق ويكيليكس تظهر تورط الرئيس في الصفقة وموافقته عليها ،وبدأت أتفهم كيف مرت قضايا التجنيس للآلاف من الإخوة الفلسطينيين وغيرهم دون مسائلة،وبدأنا نتفهم كيف أن كثير من القضايا التي حركت الشارع الأردني مرت دون أي أجراء،بدأنا نتفهم ما يشاع عن قصور وبيوت فخمة تعطى  على شكل هدايا وأعطيات لأشخاص في العمل العام مقابل خدمة أزجوها لأولي الأمر.


كثير من الأردنيين لا يستطيعون تفهم كيف يجرؤ رئيس لوزراء أن يرشي نواب الشعب في وقت يتحذر البعض من إعطاء إكرامية لحارس أو بواب أو عامل مقسم خوفا من عزة كرامته وتعففه لا بل وإمكانية مقاضاته بتهمة عرض الرشوة. أي رئيس وزراء هذا المناط به تنفيذ برنامج إصلاح سياسي ودستوري ويتحدث عن الشفافية ومقاومة الفساد والإفساد ثم يعود ليقدم رشوة لنواب الشعب؟ رئيس الوزراء وحكومته تلفظ أنفاسها الأخيرة يصر وبعند شديد على أن لا يكون ختام عمله العام مسكا ويستمر في أفعال إذا ما ثبت صحتها تؤذي الشعب وتفقده ما تبقى من القليل من الثقة في نظامه السياسي.


لقد بات من المحير سر قوة دولة الرئيس الذي يتجرأ على الشعب ورشوة ممثليه لشراء مواقفهم وربما مبادئهم من" تحت السجادة". نعم ما سر هذا السحر والإعجاب بقدرته على إدارة شؤون الدولة في الوقت الذي لا تتوفر في دولته الخلفية والتجربة السياسية التي تمكنه من تولي أمر الناس. ما هي قدرة هذا الرجل وجرأته على تعيين بعضا أو كثيرا من الشخوص المشكوك في نزاهتهم وكفاءتهم وحصافتهم في مواقع قيادية تتحكم وتتصرف في أرزاق وأموال وادخارات واستثمارات مواطنينا ومؤسساتنا.نحن نعجب من رئيس وزراء يقف قبل يومين ليهاجم الصحافة الإلكترونية ويوصمها بالشخصنة وعدم المصداقية لأنها تهاجم إدارته وقراراته وتنتقدها.ماذا يريد دولة الرئيس أن نعيش له ونصفق له من على ظهور بيوتنا وسيارتنا ونضع صوره على جدران بيوتنا؟ يريد رئيس الوزراء أن نكتب المقالات التي تمدح تقديمه الرشوة للنواب؟يريد دولته أن نعجب بإعادة بعض الناس الذين فصلوا من أعمالهم وأنهيت خدماتهم لانخراطهم في احتفالات المجون والفساد والشراب إلى أخطر مواقع المسؤولية في الدولة الأردنية؟ نعم إنه لأمر محير لنا وللكثير من المواطنين الأحرار في هذا البلد الأشم ماذا نقول لأبنائنا وطلابنا في المدارس والجامعات عن حصافة وكفاءة العاملين في المواقع القيادية في الدولة ومعايير اختيارهم؟ماذا نقول ونحن نحدث طلبتنا في برامج الدراسات العليا عن مدى مصداقية جهود الدولة في مكافحة الرشوة والفساد في الوقت الذي يقوم رئيس حكومة بلدنا بتقديم المال للنواب أو بعضهم على الأقل.


اعتقد أنه من المطلوب من مجلس النواب أن يجتمع اجتماعا طارئا لمناقشة أو التحقيق والمسائلة في أمر الأعطيات التي يقدمها دولة الرئيس لأعضاء المجلس ويستمعون لرده ومبرراته حيث أن  شرح نائب رئيس الوزراء توفيق كريشان غير مقنع حيث أن هناك صندوق مخصص للطالب الفقير كان يمكن ان ينفذ المهممه، وإذا ما ثبت ذلك الجرم أعتقد بأن حق الشعب على النواب أن يطرحوا الثقة برئيس الحكومة والتي إذا ما صوت المجلس عليها بنعم فإن الحكومة تعتبر حكما مقالة وهذا أضعف الإيمان يا أصحاب المعالي والسعادة وهو اقل ما يمكن فعله، والحياة مواقف ووقفات تخلد الشخص وتضعه في صفوف الأنقياء الشجعان أصحاب المبادئ والقيم العليا لا من الساعيين للسلطة والجاه والأعطيات بأي ثمن.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد