اباطرة الفساد في الجامعات الأردنية الرسمية

mainThumb

12-08-2011 05:30 PM

الفساد في الأجهزة الحكومية ظاهرة ملعونة ولكنها أضحت مألوفة  يتحدث بها القاصي والداني والموظف والمراجع وكل يدلي بدلوه بما يسمع ويرى عن ترهل إداري ونزيف في المال العام أورثنا ما أورثنا من مديونية ووضع مالي واقتصادي على وشك الانهيار وتآكل في مدخرات المواطنين وارتفاع غير مسبوق في مستويات الفقر والبطالة.والجامعات الحكومية ليست بمنأى عن هذه الأوضاع وعن استشراء الفساد بأشكال وطرق تسيء إلى سمعة مؤسساتنا الأكاديمية وتنزع ليس ثقة العاملين فيها بل وثقة طلابها وثقة المجتمع بشكل عام.والمؤسف أن قيادات بعض هذه الجامعات تمارس الفساد والمحسوبية في شتى مناحي العمل الأكاديمي والإداري دون أن تدع عليها أي ممسك قانوني أو ثغرة يترتب عليهم فيها أي  مسؤولية إدارية أو قانونية. بعض الرؤساء يعينون ذويهم وأصدقائهم في مواقع هم غير مؤهلين لها ويبتعثون محاسيبهم في بعثات دراسية تكلف خزينة الجامعة أكثر من مائة وخمسون ألف دولار والأدهى من ذلك أنهم يقومون بهذه الممارسات دون وجل ويتحدثون عن  إنجازات وهمية مزعومة ويتسترون على فسادهم بأنها قرارات مجالس عمداء معينين من قبلهم ويتزلفون إليهم للتجديد دورة أخرى .

والسؤال المطروح ما دور مجالس الأمناء في الرقابة على ممارسات رؤساء الجامعات وسفرهم ومياوماتهم وسياساتهم وتعييناتهم وبطرهم وتعسفهم وتجبرهم بالعاملين.كيف يمكن تفسير أن أحد المدراء الماليين السابقين لإحدى الجامعات الرسمية يتقاضى راتبا إجماليا قدره ثمانية آلاف دينار شهريا في حين أن الأستاذ الدكتور بخبرة خمسة وعشرون سنة يتقاضى ربع هذا الراتب؟ من الذي عين هذا المدير المالي الذي تجاوز الستون عاما من العمر وما هو العلم الذي لديه لتقاضى راتبا فلكيا مثل هذا؟رئيس جامعة رسمية على علم بانتهاء عمله بالجامعة بعد شهرين  ويتخذ قرارات رئيسية ويجري تنقلات ويقوم بتعيينات مما هب ودب شابها ما شابها من شبهات وتعسف ولا نسمع لمجلس الأمناء صوتا ولو مجرد سؤال الرئيس/ملك الجامعة عن ممارساته؟عجبا أن ترى أن رؤساء مجالس الأمناء لا يحركون ساكنا لا بل يتنطعون للدفاع المستميت عن رؤساء جامعات فسادهم واضح وأدائهم فقير وإدارتهم على طريقة أعطه ألف درهم يا غلام.

مجالس أمناء الجامعات الأردنية قصة فشل واضح  ولم نسمع بأن هذه المجالس استطاعت أن ترفد موازنة الجامعة بقرش واحد من خلال علاقات رؤساء المجالس وأعضائها والحقيقة أن هذه المجالس مكلفة وتشكل عبئا على الجامعة ورئيس الجامعة يلبي رغبات رئيس وأعضاء مجلس الأمناء بالتعيينات وقبول الطلاب لدرجة أن بعض رؤساء مجالس الأمناء لهم قوائم قبول طلبة مثل قوائم الديوان الملكي  ناهيك عن تأثير رؤساء المجالس في التعيينات في داخل الجامعة لأصحابهم وذويهم. تجربة مجالس أمناء الجامعات بحاجة إلى إعادة تقييم ومراجعة حيث لا نرى استثمارا في خبرات هذه المجالس ولا يسأل رؤسائها وأعضائها في قضايا تطوير التعليم العالي وليس أدل على ذلك من الاستقالة المبررة والمحترمة لرئيس مجلس أمناء الجامعة الأردنية الذي لم يستطع الاستمرار في ظل غياب دعم الجامعات وتجاهل خبرات مجالسها عند إعادة ترتيب أوضاع التعليم العالي في المملكة.

أباطرة الفساد في الجامعات الأردنية الرسمية لا يقتصرون على الرؤساء بل يشملون نواب الرؤساء والعمداء وبعض مدراء حيث أن الرئيس عادة يأتي بالأشخاص الذين لا يألون جهدا في مدح الرئيس والثناء على عبقريته المزعومة وكل منهم يشكل صورة مصغرة لرئيسه في دائرته ووحدته . فأحد العمداء على سبيل المثال يرجوا الرئيس الجديد الذي يريد إلغاء قرار سابق لمجلس العمداء في عهد الرئيس السابق يرجوه بأن يؤجل ذلك لفترة معينه حتى لا يخسر العمداء ماء الوجه أمام زملائهم؟أي ماء وجه بقي بعد أن أصبح هؤلاء العمداء ونواب الرئيس أدوات لإخراج ما يريد ملك الجامعة يزينون له ما يحبون ويختمون على قراراته ويترجمون رغباته؟ مريع ما ترى من نفاق وتلون وتزلف وانعطاف في المواقف عند استلام رئيس جديد للجامعة من قيادات الرئيس المنتهية ولايته ؟حقا إنه شيء يثير الشفقة والحزن للمدى الذي وصلت إليه الأمور في جامعاتنا المنهارة مالية والمترهلة إداريا والمتراجعة أكاديميا  والتي لا تعير مجالس أمنائها بالا لما يدور في أروقة هذه الجامعات . مجالس الأمناء أصبحت عبئا ثقيلا على الجامعات وهي لا تفعل خيرا كثيرا لها لا بل أصبحت مجالس الأمناء نفسها إحدى أدوات الفساد والإفساد في المؤسسات التي اؤتمنت عليها. لم تعد هناك جهة في الأردن نناشدها بالاهتمام بالجامعات فقد ناشدنا الملك والحكومة والنواب ولم نرى جديدا لغاية الآن إلا الكلام والفساد ينتشر في الجامعات والأباطرة مستمرين في غيهم ولا رقيب ولا حسيب .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد