فوضى غير خلاقة في الاعتصامات ؟!

mainThumb

26-07-2011 11:00 AM

المتابع والراصد للحراك  الشعبي للمعتصمين الذين  تجمهرو امام وزارة الداخلية  مساء يوم الاربعاء( 20تموز 2011  ) يصاب بالحزن والالم والدهشة من غرابة المشهد،  شباب نجل لهم التقدير والاحترام  يطلقون على انفسهم تسميات وحركات فضفاضة زاد عددها عن (25) حركة لا يتجاوز عددهم (250) مشاركا  ومشاركه ، يهتفون ويحملون يافطات ويطلقون شعارات تردد منذ سبعة شهور وفي مختلف الاعتصامات ، ويتحدثون بلا تفويض باسم الشارع الأردني بمختلف فئاته ، وزاد حزني والمي عندما رفض هؤلاء الشباب طلب وساطة قامت بها شخصية اردنية ادبية معروفة وتحظى بالاحترام والتقدير 




 في الوسط الاعلامي والشعبي " رمضان الرواشدة "  مدير عام وكالة الانباء الاردنية   لتنظيم لقاء بينهم وبين وزير الداخلية. وهذا الرفض يذكرنا بالمشهد نفسه الذي نفذته حركة (24) آذار  على دوار الداخلية عندما رفض المعتصمون مقابلة  زير الداخلية انذاك والجلوس معه، والسؤال الذي يطرح نفسه ، لماذا رفض هؤلاء الشباب  مقابلة وزير الداخلية؟! اليس الحوار والراي والراي الآخر هو منهج اجتماعي حضاري راقي يقرب وجهات النظر؛ ولا يفسد في الود  قضيه؟! ام ان الثقة مفقودة في الحكومه ؟! 




 وبما  ان الشباب يقولون أن حركتهم ومطالبهم ومنهجهم سلميا، فلماذا لا نسمع ونجلس ونتحاور، ام ان لغة الشارع والهتافات واليافطات والاعتصامات هي الحل النهائي لتحقيق الاهداف؟!، والموضوع الآخر والذي ازعجني واقلقني، كثرة عدد اليافطات والكراتين الملونة وغير الملونة والتي كانت بمعدل يافطة لكل اثنين او ثلاثة من المعتصمين ولا  يقل طول اليافطة عن  ثلاثة امتار، سؤال مشروع لمواطن غلبان لماذا هذا العدد الكبير من اليافطات؟!




 من الذي يدفع ثمن اليافطات ويقوم باعدادها ومتابعتها وتجهيزها؟! ومن يدعم شراء الميكروفونات المحمولة على السيارات المزوده بمكبرات الصوت الحديثة  ويدعم تامينها وايصالها لاماكن الاعتصام ؟! هل هذا الانفاق لخدمة الوطن وايصال الصوت للمسؤول ؟! ام لخدمات الجهات المنفذه للاعتصامات ؟! الظاهر للعيان انها لخدمة الجهات المنفذة للاعتصامات لانها لو كانت لخدمة الوطن وايصال الصوت للمسؤول لقبل  المعتصمون مقابلة المسؤول فلماذا لم يتم مقابلة الوزير ؟! وبعد كل هذا لنا الحق بما ان منكم من يخرج على الفضائيات لساعات وساعات ويتحدث  باسهاب عن الاصلاح وعن وجود  مافيات وعصابات فاسدة ومصاصي دماء في البلد ، لنا  الحق ان نعرف من هي " المافيات " التي تمول شراء اليافطات والكراتين والتجهيزات والمرطبات وتزود المعتصمين بها، ومن يمتلك السيارات الفارهة وغير الفارهة التي تنقل  المعتصمين الى اماكن الاعتصام ؟! ومن يمول شراء الهواتف الخلوية الذكية وغير الذكية  الغالية الثمن الموجوده بين يدي المعتصمين.


 ارجو ان لا يفهم من كلامي انني مع توجهات الحكومه في قمع المعتصمين وسلب حريتهم وحقوقهم ، او انني من مؤيدي بقاء هذه  الحكومه، انني مع ترحيلها اليوم قبل غدا، لأن وجودها اصبح عبئا ثقيلا على الأردن داخليا وخارجيا ، واعطى المعتصمين الضوء الاخضر والمبرر لاستمرار الاعتصامات في كل " جمعة " والتي تحولت الى اعتصامات في بحر الاسبوع ، او انني من مناصري وزير الداخلية، فلقد ارتكب  رئيس الحكومه " غلطة عمره "  عندما  اجرى تغييرا على حقيبة وزارة الداخلية فهل يوجد في العالم دولة تقوم بتغيير وزير الداخلية ثلاثة مرات في السنة " القاضي ، السرور " وحاليا " الساكت " الذي يا ليته بقي ساكتاُ  حتى لا يقع في زلات لسان " امنية وادارية وتخمينية "  ساهمت بتازيم   الشارع الأردني  من جديد، ودفعت المعتصمين للرد عليه من خلال اعتصام امام الوزارة التي يديرها ، 




وبالرغم من  التصريحات التي اطلقها وزير الداخلية كان الاجدر بمنظمي الاعتصام امام وزارة الداخلية تشكيل لجنة لمقابلة  الوزير ومحاورته حتى لا يتم الاعتصام وينفض بهذه الصورة التي لم توصل  للمجتمع اي رسالة سوى انها اعتصام من اجل الاعتصام . فانني  ضد هذا النوع من الاعتصامات، التي لا جديد فيها ، لان المعتصمين ليسوا الوحيدين الحريصين  على مصلحة الوطن والحفاظ على مستقبله، هناك فئات في المجتمع لا تفضل الاعتصامات ، وتفضل العمل والمطالبة عبر قنوات  رسمية مختلفة وجميعها مفتوحة امام المواطنين ، ولا يجوز لأحد ان يدعي الوطنية والانتماء  اكثر من الآخر، لقد  طفح الكيل، وفاض الكأس، وتجاوز عدد الاعتصامات (2300)  اعتصاما "غير الفراطة" هنا وهناك،  ولا انفي حق المواطنيين بالاعتصام في حالة انسداد افق الحلول، واستعصاء تلبية المطالب المشروعة، واحقاق الحقوق، ونشر مظلة العدالة الاجتماعية فوق الجميع، وتطبيق مبدأ المساواة، وتوزيع الثروة بعدالة، وان ياخذ كل صاحب حق حقه بقوة القانون. 




وسبق ان طالبت في مقالات نارية متعددة حول الفساد الاداري والمالي الذي يتفشى كالسرطان في جسم الادارة الحكومية ، واغضبنا الكثير من اصحاب الدولة والمعالي ، ومنذ سنوات ونحن نحذر من خطورة الاعتداء على حقوق الموظفين الادارية وكرامته الانسانية ، وهذه مطالب يتوافق عليها عامة الشعب الأردني،  ولكن قراءة متأنية  للحراك الاجتماعي المتعلق في الاعتصامات  نجد انها اصبحت زائدا عن الحاجة، وفوضى غير خلاقة ، ومحاولة  البعض  ادخال مرحلة الاعتصامات الى حالة من  العمى التقليدي والعدوى الذهنية لما يجري في بعض الدول العربية التي تشهد صدامات بين الدولة والشعب، واستيراد الطرق  الاعتصامية التي تظهر المعتصمون  بانهم عاجزون عن ابداع نموذج اعتصامي هاديء بعيد عن  توجيهات وارشادات المتصيدين والمشككين في صدق المسيرة، ومحاولة توظيف الجانب الديني للتاثير على الجانب النفسي والاجتماعي في الشخصية الانسانية واستغلاله في تحفيز ورفع معنوية وحماسة الشباب لزيادة عدد المشاركين في الاعتصامات، من خلال اطلاق العنان للفتاوى الدينية باعتبار من يقتل في الاعتصامات شهيد ، وهذه الفتاوى يجب ان يتصدى لها الشباب الاذقياء الاوفياء المخلصين  لبلدهم ودعم امنه مستقبله واستقراره،  وعليهم توظيف الدور الكبير والمهم " للدين " في تحقيق الامن النفسي والراحة والطمأنينة  بدلا من نشر مظاهر  التوتر والقلق والاحباط  وتجيش الشباب للمشاركة في الاعتصامات ليحققوا الشهادة كما يدعي اصحاب الفتاوى الحزبية التي لا تمثل الا رؤيتهم  وتصورهم للحلول الاجتماعية والاقتصادية والسياسية .




وبعد ،،، تعدد الرؤوس اهم عوامل تخريب الاصلاح، والكثرة تعيق الحركة ، والازدحام يولد الانقسام ، والقيادات التي تتصارع للسير في مقدمة المسيرات والاعتصامات والتقاط الصور لتتصدر الشاشات الفضائية اصبحت مكشوفه ، ومحاولة بعض قيادات جبهة العمل الاسلامي  اثبات مقولات خرافية بان " جبهة العمل الاسلامي " يقود الحراك الاصلاحي  في  الشارع الأردني  كما صرح بذلك الشيخ زكي بني ارشيد للصحف القطرية ، فاذا كان هذا الحزب لا يستطيع اخراج اكثر من (1000) معتصم ومتظاهر كما جرى في اعتصام الجمعه وما تخللها من احداث في ساحة النخيل ، او ( 200 ) معتصم كما جرى في الاعتصام الذي نفذ  امام رئاسة الوزراء يتقدم  الشيخ زكي بني ارشيد مطلق هذا التصريح ،




 هل سأل فضيلة الشيخ زكي نفسه بعد الاعتصام عن حقيقة تصريحاته وقياداتهم للحراك الاجتماعي ؟! ولماذا فشل مرشحيهم في الفوز في انتخابات نقابات " الاطباء ، المحامين، الصيادلة " ، وفي انتخابات نقابة  الاطباء التي كانت احدى قلاعهم حصل مرشهم  على (15%) من اصوات المقترعين، وفي النقابات الاخرى  يكاد وجودهم يختفى نهائيا  ؟ هل تم تزوير انتخابات " النخبة " النقابات في الاردن ، هل هؤلاء يقودون الشارع الاردني  ؟! .





 هل يعر ف الشباب من يحاول التسلق على جهدهم ومحاولة  احتضان الحركات الاصلاحية في الأردن، فعلى اعضاء ومؤسسي هذه الحركات ان يرفضوا من يتسلق على جهدهم، ويحضرو لدقائق معدودة  للسير في مقدمة الصفوف والتقاط  الصور كما جرى  في حضور ( علي ابو السكر وابو فارس ) الى ساحة النخيل ، وما لبثوا ان ولوا الادبار عندما جرت بعض الاحتكاكات بين المعتصمين او مع رجال الامن ، هل القادة الذين يديرون الشارع ينسحبون في الازمات  يا مشايخنا الافاضل ؟! لماذا لم يكن لكم دور في محاولات فك الاحتكاك وارشاد المعتصمين للتحلي بالحكمة، هل دور القيادات  العويل والولة والتصريحات والتجريحات عبر الفضائيات ، يا ليت الفضائيات  تعي هذه الحقائق قبل التركيز عليهم وتصويرهم، كونهم يريدون ارسال  اشارات للعالم بان لهم وجود في الشارع والمجتمع الاردني ، وها هو وجودهم يختفي بعد تصويرهم في مقدمة الصفوف ، 




الاشارات التي يرديون ارسالها للعالم اصبحت مكشوفة وتتمثل في ان الاردن غير مستقر، والمواطن مغلوب على امره ، وانهم ومسيراتهم ورؤيتهم الاصلاحية المنقذ الاعظم للاردن والشعب الأردني ، لذا  يلجأون الى  الاستمرار في تنظيم المسيرات والاعتصامات، ومواصلة نفس الاعتصامات والمطالب ورفع نفس الشعارات، وزيادة عدد الحركات   " الفيسبوكية الوهمية وغير الوهمية " التي تطالب بالاصلاح والتي تجاوز عددها  خمس وعشرين  حركة، والظاهر للعيان ان هذه الحركات الخمس وعشرين حركة كانت حركة واحد وتفرخ عنها (25) حركة ، وهل من مزيد ؟! وان اعضاء هذ الحركة الواحدة  يقومون بالاشتراك في كل الحركات حتى يزيد عددها وعدد اعضائها ، لان جميعها مطالبها مكررة ومتشابهه ولا جديد فيها الا تحديد يوم تنفيذ الاعتصام .



   مسك الكلام ،،، الحوار الهادف البناء طريق السلامه لتحقيق الاماني والطموحات والاصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية . وغير ذلك فوضى وعرقلة لاي انجاز او تقدم. فلنتق الله في هذا الوطن ، ولنبتعد عن الشخصنة والنجومية  والادعاءات الزائفة .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد