مبروك التخرج

mainThumb

05-07-2011 03:10 PM

 الصحة منحة ربانية، وهي تاج على رؤوس الاصحاء لا يعرف نعمتها الا المرضى. فالمرض محنة من عند الله ابتلى بها عبده الذي يحبه ليختبر مدى صلابته، وعمق ايمانه ،وقدرة احتماله. وكلا الامرين" الصحة والمرض" خير من عند الله، كما ان المرض ضريبة الحياة.فالسعيد من يوظف صحته في طاعة الله وخدمة الجماعة والبذل والعطاء في المجالات كافة وخاصة في ميادين العلم والمعرفة، والاسعد من يستطيع تحويل بلاء المرض الى نعمة، وجعله وقوداً للطاقة الأبداعية والانتاجية، وليس الى حالة شكوى وندب وعويل. ففي كل الحالات " الله اعطى والله اخذ"والانسان القوي من ينتصر على المرض، وبلورته الى قوة فالة ومحفزة ومحفزة.

 ذات قدر، وقبل عدة اسابيع، تعرضت الى كسر في ساقي اليمنى، وتحديدا في موقع مفصلي بالغ الدقة والحساسية، حيث انه نقطة الارتكاز اثناء المشي. ولقد كانت بداية المرض والحبس بين الجدران وانقطاع التواصل بين الناس، تجربة غير مسبوقة لي، وحمدت الله على ما انا فيه حينما تذكرت قصة ذلك الفقير المعدم الذي لم يجد ثمن حذاء مما اضطره المشي حافيا، فسخط وتفوه بكلمات بصورة انفعالية، وبعد هدأت انفعالاته استغفر الله ، وذهب الى المسجد ليصلي ويطلب الغفران من رب العالمين.وكم كانت المفاجأة حين راى رجلا في زاوية الجامع مقطوع الرجلين يقرأ القرآن، ووجهه طافح بالرضا. فقال الحمد لله على ما انا فيه.

 في فترة الاقامة الاجبارية، وانا مكبل بالمرض ومربط بالجسور المعدنية وتعليمات الطبيب الصارمة، والمراقبة الحثيثة من
وزارة الداخلية الزوجة (ام عمر) بمساعدة شرطتها التنفيذية من الابناء الاعزاء،عملوا على تهيئة المناخ اللازم لي، فقمت بمراجعة للذات، وقرآءة ما فاتني من نظريات ومراجع، والغوص في التأمل،حيث استطعت تحويل الزمن الخانق الى زمن خلاق، وهي تجربة اتمنى ان يستفيد منها الجميع فاعمارنا تقاس بالثواني لا بالدقائق. ولا اكتمكم سرا، انني قبل كل شيء انسان له مشاعره وعواطفه وعلاقاته الانسانية المتنوعة وعلى رأسها، علاقتي بأسرتي الكبيرة في جامعة البلقاء التطبيقية التي اكن لها الاحترام والتقدير، وتقدير مميز لأسرة كلية الاميرة رحمة ( اكاديمين وموظفين وطلبة) التي اعمل بها منذ ما ينوف على العشر سنوات، فهم اهل نخوة وعزوة وشهامة، وجواهر لا تقدر بثمن ، يتقدمهم عميد مبدع يعشق العمل والامل والمستقبل، وزملاء تجد عندهم الاصاله الاردنية المعروفة، كلية تضم ابنائي وبناتي الطلبة الذبن اعتبرهم جزءأ من كياني وقطعة من ذاتي، وارى فيهم مستقبل هذا الوطن، والتاريخ المزهر لهذه الامة. وان مشاعري كـ" استاذ" لا تختلف عن مشاعر اباء الطلبة انفسهم، فاذا كانوا ينتسبون لأبائهم نسباً ودماً ولحماً وعظاماً؛ فانهم ينتسبون لأساتذتهم معرفة وعلما وتربية واخلاقاً. ما يحز في نفسي ان هذه هي المرة الاولى منذ عقد من الزمن لم اشارك ابنائي الطلبة فرحتهم بالتخرج، ولم اشارك ذويهم بدمعة السعادة التي تفر من اعينهم في هذه المناسبة الاغلى والاجمل في الحياة، كما يقولون ان فرحة التخرج لاتضاهيها فرحة . وكم انا سعيد رغم انني بعيد، وانا اسمع زغاريد فرح الامهات ترن في اذني، وسعادة الاباء تغمرني وتمسح تعبي وتزيل همومي وتخفف آلآمي.
 

ابارك اولا لنفسي وزملائي في الهيئة التدريسية والادارية  على جهودهم الجبارة في صناعة الانسان الاردني المسلح بالعلم والمعرفة والاخلاق ليكون مثالا وقدوة لجامعتنا البلقاء التطبيقية في وطنه، وسفيرا لوطنه خارج حدوده، مثمناً لابنائي الطلبة جهدهم الموصول وارادتهم الصلبة لتحقيق طموحاتهم الشخصية وتحقيق اماني الوطن بغد مشرق عزيز. احبائي الطلبة، ان وطنكم فخور بكم كما ذويكم، وهذا يستدعي العمل الدؤوب، وبذل ما في وسعكم لرفع اسمه في كل المحافل العلمية والثقافية والابداعية ، وعصرنته ليركب قطار العصر السريع، وليرتقي في مدارج النمو والازدهار،ويظل علمه بنجمته السباعية خافقا في الاعالي على المدى. حمى الله هذا البلد ارضا وشعبا وقيادة بها نفتخر، وبانسانيتها نقتدي وننطلق للمستقبل بثقة كبيرة وتصميم وارادة وعزيمة .

مسك الكلام ،،، لكل طلاب الوطن الذين قطفوا ثمار تعبهم وجهدهم،ولم يخب ظن الاهل والوطن بهم ، هنيئا لنا بكم، مبروك
التخرج والى الامام .


 Ohok1960@yahoo.com
 
اكاديمي ، تخصص عم اجتماع



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد