الشعب يريد ..

mainThumb

13-06-2011 11:20 AM

دخل الى معجم حياتنا هذه السنه مصطلح مركب على شكل جملة مرنة قابلة للتحور بسهولة بكلمات واضحة الدلالات وهي (الشعب يريد ..) ، طوبى للجندي المجهول الذي اطلقها سواء في تونس الخضراء او في احد زوايا ميدان التحرير بالقاهرة ، وايا كان مصدرها واي كان مطلقها فانها تستعمل الان على كل لسان وفي كثير من المناسبات حتى على سبيل النكته فمثلا نجد ولدا طوله شبرين يرفع راسه في وجه ابيه بينما هو متجه الى دار الحضانه ويقول له الشعب يريد زيادة المصروف.




 لكن اشهر ما اراده الشعب في ست دول عربية منذ بداية هذا العام الى الان هو تغيير النظام ، واصبح معروفا لدى القاصي والداني ان الهتاف يبدأ خافتا متواضعا من نوع الشعب يريد رصف زنقة في احد الاحياء ثم يتصاعد الى الشعب يريد اسقاط النظام ، ثم تبدأ تنازلات السلطة المتتابعة من اقالة مدير مدرسة الى اطلاق نار كثيف الى رفع انظمة الطواريء الى تعديلات في الوزارة الى سجن بعض الرموز ..




. لكن الهتاف يتعالى اكثر وعدد الهاتفين يزداد باضطراد ويبقى الطلب الملح ( الشعب يريد تغيير النظام ) فما الذي يريد الشعب تغييرة حقيقة ؟ والى اي شيء يراد التغيير ؟ النظام الذي يريد الشعب تغييره ليس هو الرئيس ولا نجله ، ولا الوزراء ولا المستشارين ، الشعب يريد تغيير كل شيء بدون تحديد ، وهنا يكمن الخطر ، فلما كان تغيير كل شيء امرا مستحيلا على الاقل في مدى منظور فان نافذة للتفاوض وحتى للتنازل ستفتح بالتاكيد ،




 ويبدأ الدهاء والمكر من ممثلي كلا الطرفين في التعامل مع الحالة ، فالشعب يريد تغيير اكبر عدد من الاشياء والحاكم او من ينوب عنه علنا او سرا يبحث عن ذر للرماد في العيون ليكون التنازل عن اقل ما يمكن وبحد ادنى من الخسارة وبحد اعلى من الامكانية لعودة راس النظام لادارة عجلة القيادة مرة اخرى على هواه. هذا فلكي تنجح الثورات وتحقق كل اهدافها ولكي لا تضطر للتنازل عن اي منها فلا بد من التعامل بشكل محدد مع ما ريد تلك الثورة مما تريد هدمه وما تريد بناؤه ،




 وفي كلتا الحالتين لا بد من تحديد مستويات ثلاث للاهمية ليتم التعامل على اساسها : المستوى الاول وهو المهم والملح والذي لا يحتمل التاخير ويمكن القيام به فورا مثل تغيير راس النظام وحواشيه وازلامه واستبدالهم براس مؤقت لحين اختيار الراس الدائم بالوسيلة الملائمة وفي الوقت المناسب ، ومثل الاستيلاء على مقراته وممتلكاته وتحويلها الى اماكن نافعة لاشياء اخرى ولو بشكل مؤقت ايضا ، ومثل منعه ومنعهم من التعامل مع مصادر القوة ومنافذ الهرب .




 اما المستوى الثاني فهو المهم والذي يحتاج الى وقت محدد للاستعداد لتغييره ، كمجالس الممثلين والدساتير وما الى ذلك وهو باكورة الاهداف ، اما الفرع الثالث فهو مهم ايضا لكنه يحتاج الى العديد من المراحل وتضافر الجهود والاستعدادات كتغيير المناهج والنظام الاقتصادي والحكم المحلي وغيرة . والسؤال هنا هل لو تم تغيير كل ما سبق سيكتفي الشعب ؟ لا ندري لان ذلك يعتمد على ثقافة النخب وقادة الشارع في ذلك المصر من الوطن ، كما انه من المهم الاجابة على التساؤل الذي يقول وهل كل ما تم ذكره انفا هو ما يجب تغييرة اصلا ؟ هذا سؤال صعب لا يمكن الاجابة عليه قبل ان نعرف ما هي المتطلبات الحقيقية التي يطالب بها الناس في شعار الشعب يريد.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد