المصالحة الفلسطينية

mainThumb

06-05-2011 10:38 PM

الضرورات تبيح المحظورات هي نفسها العوامل العربية والدولية التي ساهمت في الانقسام والاقتتال الفلسطيني ـ الفلسطيني تفرض نفسها لإعادة الوحدة والمصالحة الفلسطينية الفلسطينية، لأنه وبعد اربع سنوات من الانقسام والاختلاف والاقتتال العسكري والاعلامي والسياسي، يفاجئ المواطن العربي وكل المهتمين بالشأن السياسي بالتوقيع على اتفاقية المصالحة بين فتح وحماس، بجهد لا يزيد عن اسبوع من المفاوضات، بعد ان تعثرت لأربع سنوات عجاف كما ذكرنا، لم نجن منها الا تقسيم وتفتيت البنية الاجتماعية للمجتمع الفلسطيني، والتي كادت ان تكرس حالة من الانقسام الجغرافي والسياسي ما يذهب بالقضية الفلسطينية الى المجهول.




 على الصعيد الداخلي، كانت حركة فتح بشكل خاص والسلطة الوطنية بشكل عام تراهن على تغيير في الموقف الإسرائيلي، وبعد مفاوضات اقتربت من العقدين من الزمن ، يبدو ان السلطة الفلسطينية وحركة فتح قد ايقنت انها لم تجن من ذلك غير التهويد لمدينة القدس، وزرعها وبقية اراضي الضفة الغربية بالمستوطنات لخلق واقع ديموغرافي جديد، وحكومة اسرائيلية فيها من اليمين المتطرف ما يكفي ان ينسف اي جهود للسلام لسنوات وسنوات، ناهيك عن فساد مستشر في اركان السلطة الفلسطينية على مختلف اشكاله، من سياسي واقتصادي وامني واعلامي واجتماعي، مرورا بصراع معلن وغير معلن بين قادة الاجهزة الامنية واعضاء اللجنة التنفيذية في موضوع الرئاسة الفلسطينية خلفا لعباس.




وعلينا ان لا ننسى ان المواطن الفلسطيني قد ملَّ من حالة الانقسام، وتداعت قواه الوطنية وشبابه الذين سبقوا احزابهم وحركاتهم وجبهاتهم في توجههم الوحدوي الى الاعتصام والتظاهر تحت عنوان " الشعب يريد انهاء الانقسام "، وهو شعار كان من الممكن في ظل الثورات العربية التي انتشرت مثل النار في الهشيم، ان يرفع من سقف شعاراته ومطالبه ليقول: ان الشعب يريد اسقاط فتح وحماس. لان الشعب الفلسطيني هو اول وآخر من عانى ويعاني من تلك الحالة الشاذة في التاريخ الفلسطيني. ويرتبط بذلك ان الحصار المضروب على غزة، والحالة التي وصلت اليها كانت من الممكن ان تؤدي الى عواقب لا تستطيع حماس ولا غيرها ان تسيطر عليه، خاصة في ظل الصمت المريب من كل الانظمة العربية والاقليمية والدولية .




 ومن المؤكد ان رياح التغيير التي تهب على اغلب اقطار الوطن العربي، او بما اصطلح على تسميته بالربيع العربي قد فاجأت الجميع بلا استثناء، وعلينا ان لا ننسى ان التغيير هبَّ على اقطار عربية لها وزنها السياسي الكبير مثل مصر، التي لولا نجاح الثورة فيها لما كانت تلك المصالحة. لان النظام السابق كان غير نزيه وغير محايد ولا يقف على مسافة واحدة بين الحركتين، بل على العكس تماما فقد كان منهمكا بمسالة التوريث، التي كان يعلم ان سبيل الموافقة على ذلك يمر عبر تل ابيب ، عدا عن عدائه لحركة حماس على انها امتداد لحركة الاخوان المسلمين في مصر وما الى ذلك من تداعيات على امنه كما يرى.




 ومن المؤكد ان مصر اليوم، مصر ما بعد الثورة هي التي ساهمت بشكل كبير في هذه المصالحة، والتي يدو لافتا انها تريد ان تتحرر من ارث النظام السابق، وان تعيد لمصر وزنها ودورها الرئيس والمحوري في المنطقة، بعد ان فقد وضل البوصلة سابقا، ولم يكن يجد الا في ايران وحزب الله شغلا وعدوا له، ونامت اسرائيل قريرة العين وهي تجد من يحرس حدوها ويقاتل اعداءها بالنيابة عنه . ويبدو ان ما يمر به النظام السوري كان له اثر واضح ورئيسي لهذه المصالحة، فقد راهن السوريون على ان سوريا محصنة من عدوى الثورات والتغيير وان سوريا لها خصوصيتها ، وهو ما صرح به وزير الخارجية في النظام المصري السابق وكان ما كان ، فهبت شرارة الانتفاضة على النظام السوري من حيث لا يحتسب من"درعا"، ومن قبل فتية وطلاب مدارس، سرعان ما امتدت لتشمل محافظات عدة، وها هي تدخل اسبوعها السابع بمزيد من الزخم والقتلى والتخبط السياسي، وتربص من قبل الدول الكبرى التي لسان حالها كلسان حال من يخرج في سوريا بعد ان قتلوا حاجز الصمت والخوف ليصرخوا " اجاك الدور يا دكتور"، والمقصود هنا بالطبع الرئيس السوري الدكتور بشار الاسد.




سوريا حاضنة للقوى والفصائل الفلسطينية المعارضة، وفي حال اي طارئ او متغير جذري يحدث فيها فلن تجد لها وليا ولا سبيلا، والمقصود هنا بالطبع القوى والفصائل الفلسطينية، بل قد نجد حالة مغايرة بشكل حاد، ويبدو ان اعضاء المكتب السياسي لحركة حماس وغيرهم من تلك القوى والفصائل، قد قرأوا الاحداث بعناية، ومن الممكن انهم استشرفوا مستقبلهم السياسي ما بعد الثورة ان نجحت في سوريا، حيث لا عمق لهم قبل وبعد كل شيء الا البيت الفلسطيني الواحد الموحد، جغرافيا وسياسيا وامنيا وعسكريا واجتماعيا ووجدانيا..




 الثورات والتغييرات في الوطن العربي، فرضت على فتح وحماس ان يتنازل كل منها للأخر، وما يمارسه العدو الاسرائيلي في الوطن الفلسطيني، جعل كل منهما يفكر بمصلحة الوطن قبل مصلحة الحركة، لان القادم من الايام يخفي الكثير من الغضب والتغيير، وربما نشهد اعادة رسم لخريطة المنطقة على اساس سايكس ــ بيكو جديد، يدبر لنا في ليل، علينا ان نكون متحدين فيه حتى لا يفوتنا القطار مرة اخرى.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد