الرؤساء والحكام العرب ليس لهم صفة القداسة

mainThumb

18-04-2011 01:35 AM

يستوقف المرء الألقاب والصفات التي يطلقها أو يحب أن يطلقها كثير من الحكام والرؤساء العرب على أنفسهم من قائد ملهم وملك ملوك  إفريقيا والزعيم الخالد والزعيم الى الأبد  وصاحب العظمة وأمير المؤمنين وغيرها مما لذ وطاب من الألقاب ناهيك عن انتشار تماثيل واصنام للرئيس في أرجاء كثيرة من بعض الدول العربية مما يرضي حب الذات ويغذي الشعور بالعظمة لأفراد يأكلون ويشربون ويتزوجون ويمرضون ويموتون.




 وفي الوقت الذي يمكن تفهم هذا الميل في السلوك الإنساني وحب الظهور بشكل الإنسان الخارق أو السوبرمان من أجل تحقيق أهداف سياسية وتعزيز شرعية الحكم لشخص القائد والنظام الذي يقوده وتنشأئة الأجيال على أنه لا بديل لهذا القائد وأنه الضمان الوحيد لبقاء الدولة واستمرار الناس في الحياة بأمن واستقرار، فإن إضفاء صفة القداسة يعد تجاوزا لكل التوقعات في حب العظمة والإستهانة بذكاء وعقول الناس.نعم لقد راعني وأحزنني خضوع الناس في إحدى الدول العربية لقائدهم والذي يسمى أمير المؤمنين وإقبال الناس على تقبيل يديه ونزول البعض لتقبيل قدميه.




 وفي حالة قائد آخر يسمي أبناء شعبه بالجرذان والفئران ويقصفهم ويقتلهم ويعتبر نفسه هو الدولة والدولة هو ويجهر بالشعارات المعادية لأمريكا وبريطانيا التي تقود حسب رأيه حربا صليبية ضد المسلمين ثم يخاطب الأمريكان سرا ويعرض عليهم أن يأخذوا جميع أموال ليبيا البالغة 32 مليارا مقابل أن يتركوه رمزا للحكم في ليبيا. أي قداسة وأي نفاق وأي قيادة هذه.أما مبارك مصر فيقول للمحقق عند سرد الإتهامات الموجهة اليه يقول "هل نسيت مع من تتكلم" وكأنه مخلوق قادم من كوكب آخر وهو أكبر من أن يسأل فإذا كانت كبريائه وهو مخلوعا بهذا القدر فكيف كانت عظمته عندما كان يخاطبه وزراؤه وموظفيه وهو رئيس عامل.وينطبق الأمر تفسه على قادة كثيرين في اليمن وتونس سابقا وربما الى حد كبير في الجزائر.




أنا أعرف أن صفة القداسة التي تضفى على القادة تنطبق على شخص البابا في دولة الفاتيكان  وهي دولة دينية معلنه وتعد استمرارا ولو مصغرا ربما الى حكم الكنيسة في أوروبا في العصور السالفة،أما الحالة الأخرى فهي في الدولة الإيرانية حيث يستمد الشخص الأول في الدولة" المرشد" القداسة الدينية من الفكر الشيعي الذي يؤمن بولاية الفقيه وقداستة المرشد ووجوب طاعته وتحريم مخالفته وكلها صفات تجعل منه إنسان خارق يرى ما لا يرى الناس وهو ملهم من رب العالمين وما يقوله "قدس الله سره" هو الحق ولا شيء غير الحق. والحقيقة أن القادة في مثل هذه الدول يستمدون عظمتهم وتبجيلهم من الفكر الديني الذي تقوم عليه الدولة وهوما زال محل جدل في بعض اوساط المذاهب الإسلامية الشيعية نفسها.



أما بالنسبة للعظمة والأبهة التي يحيط بها كثير من الزعماء العرب أنفسهم فهي من صنع أنفسهم ومستمدة من الغرور والتعالي والشعور بالسمو العرقي وما نسمعه ونراه من غناء ورقص وأهازيج لشخص القائد وليس للوطن ،وما تلمسه من تزلف وخضوع ليس فقط من المواطنين البسطاءالعاديين ولكن من النخبة والعلماء والمفكرين والكتاب والسياسين ورجال دين معممين الا تجسيدا لنزعات حب السيطرة والهيمنة وغسل الأدمغة لدى الناشئة بأنه لا بديل عن هذا الحاكم أو ذاك وأن مستقبل الدولة مهدد في حالة غياب الحاكم وأنه لا بديل عنه وهذا بالطبع يتناقض مع فكرنا الإسلامي الذي يقوم على أن الحاكم هو مسؤل عن الرعية وليس سيفا مسلطا عليها وأن الدوله تستمر بغياب أي حاكم فالرسول صلى الله عليه وسلم توفي وبقيت الأمه.وأين هؤلاء القادة من سيرة وسلوك عمر ابن الخطاب عندما قال له الإعرابي لو انحرفت عن الحكم بكتاب الله لقومناك بسيوفنا هذه.وقد أورد العالم والفيلسوف مونتسكيوا قبل قرون بأنه ليس في هذا الكون فرد لا بديل عنه.



 رحم الله الراحل الكبير الحسين بن طلال عندما رفض أن يوضع له تمثالا في باحة رئاسة الوزراء قائلا بأن ذلك لم يفعله أحد من أجداده الهاشمييون. اتقوا الله ايها الحكام واقتربوا من شعوبكم فأنتم بشر مثلهم لا بل فهم قد يكونوا أكثر نقاءا وعلما وإخلاصا لأوطانهم منكم.      


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد