التربية العربية في خطر

mainThumb

24-02-2011 12:13 AM

أكدّ جلالة الملك عبدالله الثاني في خطاباته مؤخراً أهمية الانفتاح والتعددية كأساس لبناء وتقدم المجتمعات ومسيرة التغييرات التي تقتضيها المرحلة المُعاشة في أي مجتمع ففي خطابه الأخير جاء: "المواطن قادر على التعامل مع كل التحديات إذا كان هناك مصارحة وشفافية وحوار... وهذا الانفتاح وهذه التعددية في الأردن ثوابت أردنية لا تتغير" لكن ما نسبة الأشخاص الذين يندرجون تحت مظلة الانفتاح هذهِ وخصوصاً في مجال التربية والتعليم.



من هنا رفع الأمريكيون شعار "الأُمة في خطر" ضد السياسة الأمريكية وذلك عندما قام الروس بغزو الفضاء قبلهم. ثم أعُيد رفع الشعار "الأُمة في خطر" بسبب أسلوب التربية في المدرسة، التربية المعنية ليست فقط البيتية والأسرية وإنما التربية في المدرسة والجامعة والمجتمع ومكان العبادة من خلال الخطاب الديني المعاصر والمنفتح على الآخر وكانت الإجراءات السلمية تغيير المناهج والأساليب التعليمية لتحسين التحصيل، وتطوير العملية التعليمية التعلمية فجاءوا بأساليب حديثة باستخدام النظريات التربوية والإدارية المعاصرة، على سبيل المثال: التعليم المصغر، التعليم عن بعد،... التعليم الفعّال، واستخدام أنماط قيادية معاصرة وتبني نماذج القيادة المعاصرة من خلال تدريب القيادات.



التربية الحديثة تعمل جاهدةً للانتقال من التعليم البنكي إلى التعليم الحواري إذ دعم هذه الفكرة كتاب للتربوي باولو فريري "ثقافة المقهورين" الذي أكد أهمية الثورة على الآلية الديكتاتورية في الحياة ودعى إلى الحوار وتُرجمت فكرتهُ بأن انتقل التعليم إلى الحوار وغاب عن التدريس الطالب الصامت والمعلم المتكلم حفظاً على الطالب من أن يكون في قالب الجمود. حتى يكون مبدعاً متعاوناً صاحب منهج تبادلي تعاوني مستكشف فالطالب ثمرة تنمو.



ومع اتساع حلقة العلم والتكنولوجيا والتطور المعاصر و"عولمة التربية" وغزو الغرب للفكر العربي، لابدّ أن نقول "التربية العربية في خطر" باختراق جميع هذه المتغيرات والتحديات عظام كل مواطن ودمه، وبيته.



إ ن التربية عملية تكيف، أو تفاعل بين الفرد وبيئته التي يعيش فيها، وعملية التكيف، أ و التفاعل هذه تعني تكيفاً مع البيئة الطبيعية والبيئة الاجتماعية ومظاهرها، وهي عملية طويلة الأمد ولا نهاية لها إلا بانتهاء الحياة.



فالتربية أداة التغير في أي مجتمع، وإذا كان العالم الآن يبحث عن العالم الواحد، فقد أصبح لزاماً علينا البحث عن الدور الذي ستؤديه التربية في هذا العالم الواحد.



تهدف التربية  إلى تحقيق الإنسان لذاته ، والاهتمام بالفروق الفردية التي تميز شخصاً عن آخر بما يحصله من مكاسب فكرية وعملية ، وال أ هم في التربية هو إيجاد المواطن الصالح، وذلك بالتكيف الجيد في البيئة والمجتمع المحيط.



وتهدف التربية كذلك إلى تنمية الإنسان من الناحية العقلية ، والخلقية ، والجسدية ، والعاطفية ، والإنسانية. وذلك بالارتباط مع العديد من العوامل والروابط المحيطة (اجتماعية ، وقومية ، ووطنية ، ودينية ، واقتصادية ، وسياسية ، وعلمية ، وتقنية...) وهكذا يتم إعداد الفرد للحياة الفعالة في المجتمع، ولحياة أسرية ناجحة مع الآخرين.



كيف نواجه هذا التحدي؟ "ميتانويا" كلمة يونانية تعني "التغيير الجذري" وبلغة ال إ يمان "التوبة والرجوع" وهكذا لابدّ من انتهاج التربية إلى ا لميتانويا؟ بماذا؟ نقاط كثيرة أ تركها للمفكرين ، والمحللين التربويين، ولكنني أشير إلى بعضها:


ما رأيكم في القبول في الجامعات ، إذ تقوم الجامعات بقبول الطلبة في كلية التربية من الحاصلين على أدنى المعدلات ، فكيف نقول إ ن المربي والمعلم يمتاز بمواهب أكاديمية وفنية وشخصية... علماً بأن الطالب يبرمج كل نهاره على الكمبيوتر والانترنيت والمعلم لا يعرف كيف يتعامل معهُ، كيف يجادل ويناقش المعلم الطالب بتحديات العصر وهو يمتلك الحد الأدنى من المعلومات أمام طلبة متفوقين، ولابدّ من إعادة النظر في عملية قبول الطلبة لكليات التربية، ولابدّ أن يكون التربوي أكثر انفتاحاً وخبرة وثقافة.



مشكلة المنهاج الدراسي الشيء الذي حال دون الانتقال من التعليم التقليدي إلى التعليم التفاعلي فالمدرسة مختبرا وليس قاعة محاضرة فتوزيع الصف إلى مجموعة من المشاركين يشاهدون فلماً أو يقرؤون مقالاً من صحيفة تعالج مشكلة معينة ثم يبدؤون بطرح الأسئلة وبعد ذلك يتم اختصار هذه الأسئلة. ويبدأ المعلم بتوزيع المهام للبحث عن المصادر التي تخص هذه المشكلة للكتابة عنها. تختار المجموعة رئيساً ونائباً ليديرون النشاط. وهنا يكون دور المعلم إرشادي وتشاركي.



كما أنّ المدرسة ليست مختبراً للعمل فقط فهي ملعب هادف ومن هنا ولدت الكلمة school   من الأصل اليوناني ????? وتعني "المتعة والترف إيجاباً". ورداً على التلقين والاستدعاء وقت الامتحان، وتعزيزاً للتحرر المعرفي وإطلاق الطاقات الفكرية والعملية، لفت نظر ماريا مونتيسوري ما لدى الأطفال من مخزون وقدرات مكبوتة يمكن استثمارها خير استثمار وهو ما حملها على الثورة وإعلان شعارها "طبيعة الطفل ضد بربرية مقعد المدرسة، ورفضت جمود الأطفال الإجباري". وانطلقت بحكم تخصصها كطبيبة وانخراطها المتمكن في العمل التربوي لتشكل نظرية منفردة في التعليم أصبحت تعرف فيما بعد منهج مونتيسوري مركزة بأن التربية الذاتية هي القاعدة الأساسية لكل طرق التدريس أي أن الطفل يقوم بنفسه بالعمل حسب قدرته وميوله وعلينا توفير الطرق التي تجعله يعلم نفسه.



لنشير إلى الصراع بين المدارس الحكومية والخاصة مثلاً نقابة المعلمين تخص معلمي المدارس الحكومية ولا إشارة إلى المدارس الخاصة، إذ باتت المدارس الخاصة دون مساعدة مالية وإشرافية خصوصاً الغير ربحية، لا امتيازات للمعلمين في هذه المدارس أيضاً كالبعثات، القبول في الجامعات، ضمان المعلم وقروضه وإسكانه وراحته النفسية والفكرية والجسدية.
أ ترك هذا الهمّ للمعنيين ب الأمر، والأحداث التي تتم الآن على الساحة العربية تحتاج إلى رؤية تربوية معاصرة، وإلا فإننا نصرخ مع الأمريكان "فالتربية في خطر".



واقتباساً من آراء جلالة الملك "واجبنا جميعاً أن نطور بلدنا، وأن نكون سباقين للتعامل مع روح العصر، والاستفادة من الفرص".

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد