النفاق الاجتماعي والسياسي

mainThumb

15-02-2011 03:04 AM

إن تردي الحال الذي وصل إليه بلدنا يستدعي أن نبحث جديا في أسباب هذا التردي.

 

فقبل أن نبحث في المشاكل وطرق حلها، يتحتم علينا البحث الجاد للوصول إلى الأسباب الحقيقية التي أدت إلى هذه المشاكل ليسهل علينا اجتثاثها من جذورها.

 

إن الناظر في حال هذه الأمة، ومهما يقوم به من محاولات لمعرفة أسباب المشاكل القائمة، سواء كانت سياسية، اقتصادية أو اجتماعية، فانه لن يجد ما يسترعي انتباهه إلا سبب رئيس وراء كل ذلك وهو النفاق الاجتماعي والسياسي من ناحية والذي يقود بدوره إلى ملاحقة المنافع الشخصية لأفراد هذا المجتمع من ناحية أخرى.

 

عبارة "مكافحة الفساد" أصبحت تتردد على مسامعنا يوميا حتى وصل بنا الحال إلى درجة عدم الاكتراث بها. ولكن قبل أن نبدأ بمكافحة الفساد، يجب علينا أن نعرف معنى الفساد ومن ثم نضع الأسس لمكافحته. فما تراه أنت انه فساد قد لا يراه آخرون كذلك. ويعزى السبب في ذلك إلى اختلاف المعايير التي يتخذها كل شخص، والذي بالطبع يخضع لمقدار المنفعة الشخصية لهذا الشخص.

 

هنا، وعند البدء بتعريف الفساد يبدأ دور ما أسميناه بالنفاق الاجتماعي والسياسي.

 

فعندما يبدأ المعني بالأمر المضي قدما في وضع أسس الفساد ومعاييره بالإضافة إلى وضع العقوبات التي يستحقها مرتكبي جرائم الفساد، يبدأ دور الأفراد في المجتمع على اختلاف مرجعياتهم بإصدار الفتاوى التي تجيز هذا وتمنع ذاك.

 

وأركز هنا على كلمة (الأفراد) وهذه هي الطامة الكبرى في مجتمعنا. فان الرأي الفردي نافذا ومسموعا لعدم توفر الآراء الجماعية المتمثلة في الأحزاب والنقابات والجمعيات وغيرها.

 

ومن المؤكد أن الرأي الفردي سيغلب عليه تقديم المصلحة الشخصية على المصالح العامة. فانك ترى هذا الشخص لا يبدي الرأي الصحيح أو بالأحرى فانه ينظر إلى ما يناسب المشرع أو صاحب السلطة وينصح به لكي لا يلحق الأذى بنفسه أو ليحصل على تبعية المسئول التي إن لم تنفعه في المستقبل القريب فإنها لن تضره.

 

ليس المقصود هنا بالأفراد أنهم هم القريبون من السلطة فقط، بل العجيب بالأمر أن هذا النفاق أصبح مستشري في كافة أفراد مجتمعنا على اختلاف طبقاته السياسية والاجتماعية والثقافية لدرجة أن الحقائق أصبحت خافية على السواد الأعظم من أفراد المجتمع.

 

إن الغيور على هذا البلد لا بد له من الإصلاح بدءا بنفسه ثم توسيع دائرة هذا الإصلاح للوصول إلى الإصلاح العام. ولتحقيق ذلك لا بد من التوقف نهائيا عن كل مظاهر النفاق سواء الظاهر منها أو الباطن.

 

إن بلدنا الآن في أمس الحاجة إلى النهوض به وبدون أي تقاعس. وللوصول إلى هذه النهضة، لا بد لنا من قول كلمة الحق أمام المسئول مهما كانت درجته أو منصبه دون زيادة أو نقصان أو تجميل للحقائق.

 

لقد أسهب قلمي في البوح بمكنونات نفسي بعد رايته واراه يوميا من مظاهر النفاق التي وصلت إلى درجة الاشمئزاز وخصوصا عند تشكيل الحكومات.

 

فعند تولي حكومة جديدة لمهامها ترى الجميع يرقص ويتغنى بهذه الحكومة وبما ستقوم بها من انجازات (التي لا يتحقق منها شيئا). وبنفس لحظة إقالة هذه الحكومة وتكليف حكومة جديدة، يمحى وينسى كل ما قيل في حب الحكومة القديمة، ويبدأ التغني بالحكومة الجديدة بالإضافة إلى ما تناله الحكومة القديمة من انتقادات لاذعة.

 

ما أريد الوصول إليه في هذا المقال هو أن الأخطاء التي تقع بها الحكومات المتعاقبة سواء كانت أعمال فساد أو أخطاء إدارية وتنظيمية وغيرها ستتضاءل إلى أن تختفي نهائيا إذا واجهت هذه الأخطاء الانتقادات الفورية لحظة وقوعها من خلال مواجهة ومساءلة ومعاقبة المسئول الجالس على كرسيه.

 

فإذا كان الساكت عن الحق شيطان اخرس، فما بالك بالمجمل والمحسن لصورة المسئول الفاسد.

 

إن الحديث في هذا الموضوع قد يطول لدرجة انك قد تملأ آلاف الصفحات في سرد وقائع الأخطاء والفساد. إلا أننا يجب أن نتوقف عن الكلام والتنظير ونبدأ بالعمل الجاد على تعديل السلوك السياسي والاجتماعي بدءا من الأفراد ووصولا إلى أعلى الهيئات والأحزاب السياسية ويكفينا ما وصلنا إليه من تدني وخراب الذي إذا استمر فإننا لن نحصل على الحدود الدنيا من مطالب العيش الكريم.

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد