مصر والجائزة الكبرى

mainThumb

03-01-2011 08:35 PM

لن نقول ونردد ما يقوله الآخرون من صيغ التعجب والاستفهام عمن يمكن أن يكون مسؤولا عن تفجير كنيسة القديسين في منطقة سيدي بشر في محافظة الاسكندرية، لأن مجرد التعجب والاستفهام يحذف البوصلة عن اتجاهها الصحيح ويضعه في غير مكانه، ولأن كلمة السر في ذلك التفجير هي بكل بساطـــــة " اسرائيل " فهي المستفيدة الاول والاخير، وهي المستفيدة من كل تداعياته السياسية والاجتماعية التي قد تنجم عن ذلك في مصر .




 إن الاقباط ليسو حالة طارئة على التاريخ المصري وكذلك المسلمون، وهم شكلوا من بدايات الفتح الاسلامي ثنائية المجتمع المصري وتسييل مفهوم المواطنة ، لتصبح مفردة لكل أبناء الشعب المصري سواء اكان قبطيا أم مسلما، حتى مع وجود بعض التذمر من قبل المسيحيين بعدم تسلمهم لوظائف عليا في الدولة المصرية، الا ان ذلك لم يمنع من فكرة التعايش الاهلي بين أصحاب الديانة المسيحية الاقلية والمسلمة الاكثرية ، وهم الذين تعودوا على أن المواطن المصري هو من يخدم مصر أولا بغض النظر عن ديانته .




 لكن هذا التفجير جاء بعد ارهاصات اجتماعية دينية لم يتنبه لها المسؤولون في مصر ويخمدون نار فتنتها وهي في مهدها، لان هناك من كان يذكي تلك النار بكل ما آوتي من نفس قوي، لغرض ما في نفس يعقوب، فكان من الممكن أن تمر حادثة كحادثة كاميليا شحاته دون أن تلفت أنظار حتى جيرانها ، لكن استغلت أبشع استغلال من قبل الاعلام الغربي ومن قبل بعض الاعلام العربي، الذي وجدها مادة مثيرة للنشر والتسلية ،، ولم يأخذ المسؤولون في مصر آثارها التي يمكن أن تستغل كما ذكرنا، خاصة من عدو قريب يتربص لكل شيء .




 ولقراءة حادث التفجير الارهابي للكنيسة، علينا استحضار تصريحات الغائب المتقاعد الجنرال الامريكي كولن باول حين صرح وقال ابان احتلال قواته لأفغانستان أن "العراق خيار تكتيكي والسعودية خيار استراتيجي ومصر الجائزة الكبرى" ، ويبدو ان الساسة والخبراء الامنيون والخبراء في التفتيت والتقسيم ممن هم وراء البحار وجنب الدار، أرادوا اختزال المراحل ، فتركوا المرحلة الثانية " ولو بعد حين " وتفرغوا للجائزة الكبرى مباشرة بعد أن أحسوا أنها "أقرب إليهم من حبل الوريد" ،، فبدأت باختزال وحرق المراحل، بدء من القضية الفلسطينية ـ التي لم يعد هناك من عقبة في سبيل استقلالها ـ إلا الاعتراف بيهودية دولة نتنياهو وزمرته من المهووسين، مرورا بالمسألة العراقية التي تشرذمت الى دويلات في الباطن والظاهر، وليس انتهاء بالمشهد السوداني المبكي، الذي يمر بولادة يسيرة لدولة لا يساورني أدنى شك أنها ستكون الخنجر المسموم في خاصرة أمتنا العربية عامة ولمصر خاصة .




أصبحت الجائزة الكبرى أمام أفواه وأرانب، فرأينا كيف تم تحريك ملف مياه النيل واجتماع عشرة دول بغياب مصر ولسودان واتخاذهم لقرارات من شانها ان تمس الامن القومي المصري، ودويلة جنوب السودان وعلى منابع ومشارف النيل، وشعورها بالتخلص من الاضطهاد العربي الاسلامي هي تهديد آخر كما اسلفنا، ناهيك على إشغال مصر بأمور ثانوية تتحمل هي نفسها جزءا كبيرا منها، ابتداء من الانتخابات والحكم، وليس انتهاء بقوانين الطوارئ المعمول بها،، وتقييدها بمعاهدات مع "اسرائيل" وغيرها لعشرات السنين .




ما ذكرناه ليس بعيد ا عن حادث التفجير لأن من يقرا "لروبرت فيسك" الكاتب والصحفي البريطاني ومراسل الاندبندنت في الشرق الاوسط قال في محاضرة له قبل عشرين سنة في المركز الثقافي البريطاني في القاهرة أنه شاهد خريطة لمصر تقسمها الى قرى مسيحية في الصعيد واخرى مسلمة في لدلتا في الشمال ملونة باللونين الاخضر والازرق . وهو إن صح ذلك، فما الذي سيمنع غدا دويلة جنوب السودان المسيحية من التعاطف مع دويلة جنوب مصر القبطية المسيحية ؟؟ وما الشكل الذي ستكون عليه هذه الدويلة ان وجدت وهي تحس بأعماقها انها خرجت من رحم المعاناة من مصر المسلمة ؟؟




مصر في مرمى النيران، فبعد أن انتهوا من تقسيم العراق الى دويلات، شدوا الرحال (لبروفة) نهائية في جنوب السودان استعدادا للجائزة الكبرى، التي يبدو أن صبرهم لم يعد يطيق الانتظار لنيلها .وهي الجائزة التي تنتظرها "اسرائيل النيل والفرات" ، لأنها المستفيد من كل شيء . تفجير كنيسة القديسين تم بأصابع قد تكون عربية الملامح، ولكن من خطط وتآمر ويتآمر على أمتنا العربية وعلى مصر ليسو من القديسين . وعظم الله اجركم .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد