وصفي .. صهيل الدم في العروق

mainThumb

29-11-2010 08:17 PM

عندما يطرق اسم وصفي على مسامع الأردنيين تسمع حمحمة القلوب واطراد النفوس وصهيل الدم في العروق ونزق في الوجوه واحمرار في العيون وتبرم وحشرجة وارتفاع في حرارة جسم السامع والمتحدث وحركات لاإرادية في اليدين والرجلين تعبيرا عن الاضطراب.. وآهات وتحسر وضرب كفوف وكلمات حيرى من هنا وهناك لولا........ولو........... وان....... ولما........ وكيف......ولكن..... وتصوير ووصف لمعاني الرجولة والمروءات, وإسقاطات لكلمات ومعاني على مواقف وسلوكات نفتقدها ........لماذا هذه المشاعر اللإرادية النازلة على السامع والمتحدث ؟؟؟.... حين نذكر هذا الإسم .......لماذا هذا الإسم وحده يحرك مشاعر الأردنيين؟؟



 ولا يمر كغيره من الأسماء ولكن يمر كأنه صعقة كهربائية في دم السامع والمتحدث فتهتز له جوارح الجسم مجتمعة ...فيقوم الجالس.. ويقف الماشي وينهض المستلقي ويصحو النائم وكلهم يقول بصوت محزون رحم الله وصفي فقد كان..وكان...وكان. ثمة شيء أخر غير الإستشهاد دفاعا عن امة العرب في مجلس الدفاع العربي المشترك في القاهرة وعن فلسطين قضية وصفي الخاصة التي تشغل خلده ليل نهار والتي خاض عنها معارك ميدانية وفكرية وكلامية ...........عنها وعن امة العرب في محافل العرب والغرب .



ثمة أشياء أخرى تهدر في ضمير السامع والمتكلم عن وصفي وتجهش بداخله فتضطرب أعصابه وترتجف أوصاله ويرتفع ضغطه ...... وينتقل به المشهد إلى يوم الإستشهاد المحزون .. إن كان من الجيل الذي وعى الحدث والنبأ الحزين أو من ارتعش وتأسى لكلام أمه وأبيه من الجيل المولود بعد استشهاد  وصفي ,السامعين عن مناقب وبطولات الشهيد الراحل.



 إن المحزن  الدامي في قضية وصفي التل أن الرجل كان حراريا جدا في تعامله مع قضايا الوطن والآمه ولا يبرد إلا إذا بردت القضية بحلها وتذليلها ...ولكنه حين استشهد برصاص بارد... برد البعض  قضيته وجسده لم يزل ساخنا ودمعه لم يزل ينزف متوقدا  ساخنا ويقطر حبا وانتماءاً ووفاءاً لأمة العرب وهم يصبون ماءاً بارداً على روح الشهيد وجسده المتوقد طهرا ً وشهادة ً وكبرياء ً ........



ثم إن وصفي الذي غرس شجر البلوط والسنديان والحور في أرجاء الوطن وما زال يرتفع عاليا ً شامخا ً كان يغرس معه الكبرياء والإباء والأنفة في نفوس أبناء وبنات الوطن وحب الحياة الكريمة على أرض الأردن .وان الجهلة والمأجورين..قطعوا شجرة عمره الغالي لكي لا تتفرع أغصانها للسماء والقوا جذعه في قاهرة العز فتجذر في مصر وامتد إلى كل الدول العربية وانتصب عوده من جديد وأصبحت قامته تعلو كل يوم في نفوس وضمائر الأردنيين والشرفاء من أبناء الأمة العربية وبقي قائما للأبد........


وإن وصفي ذلك المشروع الواعد للنهوض  بالأمة وتخليص ابنتها فلسطين من أيدي الصهاينة والغاصبين قصفته أسلحة الصهاينة بأيدي الجهلة والحاقدين فتوقف ولم يكتمل ......... ثم لم يقدم احد على تكملته ..........


وان وصفي حكاية وطنية ذات دلالات ومعاني نبيلة لم تكتمل من أفواه الأمهات والجدات بعد... وقصة لم تكتمل عقدتها وأجهضت في صدر كاتبها فلم تر النور ولم تغزوا الأسواق والمكتبات العامة ليقرأها الأطفال والشباب....


وان الشهيد  ما زال يُطلق الرصاص عليه من الجاهلين لشخصه وفكره  ما زال يغتال ويستشهد في كل حين لدى مناوئيه والرافضين لقراءته والتعرف على حقيقته أو الحاسدين والتافهين....... ألم تر في كل سنه في ذكراه تلتهب المشاعر والأصوات ثم  تخبو وتبرد ولم تجد من يجمع ويؤسس لتجربة شخصية أردنية وطنية يستفاد من معانيها ودلالاتها في أمور الحكم  والسياسة والأمور العسكرية والإنتماء الحقيقي للوطن والأمة ....إن وصفي مات دون مبدأه ومعتقده وقلما نجد في الوقت الحاضر من يموت دون مبدأ أو فكره........فكثير هم  المتاجرون بأفكارهم ومبادئهم والأكلون بمواقفهم والبالعون ارآئهم والمزاودون بولائهم، وليس أنبل من الموت في سبيل المبدأ ووصفي قضى ثابتا وراسخا ً كالطود لا يزحزحه تهديد أو وعيد ولا يستميله لامع أو بارق نترحم عليه وندعو الجميع الإستفادة من هذه الشخصية  الناجحة التي يجمع على نجاحها الأردنيون في الداخل والعالم العربي والمفكرون في الخارج, رحم الله وصفي الذي يورق فينا أملا وكبرياء.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد