المسؤول و المرادف العجيب

mainThumb

15-11-2010 09:22 PM

مازال لفظ " المسؤول  " في عالمنا العربي  يستعمل كمرادف للسلطة والهيمنة وهو مرادف عجيب، ومازال الكثير من المسؤولين  يؤمنون بهذا.. مع أن " المسؤول "   تعني أنه سوف يسأل عما يقوم به.. ومن الضروري أن يتمتع المسؤول عندنا بما يجوز له وما لا يجوز ، ويستأثر بما يروق له من رزقه أو أرزاق غيره ، ويتحكم بمقدرات الناس وشوؤن حياتهم بمزاجية رهيبة وإحساس بليد ، ويتعامل المسؤول مع سلطة المنصب على إنها حق شخصي مكتسب وليس تكليفاً ومسؤولية أمام الله أولاً ثم أمام نفسه والناس .

في الأدب الإداري  درج استعمال كلمة "مسؤول" لتعني ذلك الفرد  المكلف بالإشراف والمراقبة و المتابعة  والتوجيه لأشخاص يقومون بعمل ما  في دائرة ما أو مؤسسة معينة. ويقوم ذلك الفرد  ـ إفتراضاً ـ بكل ما كلف به من أعمال كمراقبة حضور الموظفين وانصرافهم وأسلوب أدائهم ومدى فاعليتهم وإنتاجهم ، كما يقوم بالتخطيط وتوزيع مهام العمل بالمشاركة مع الموظفين أنفسهم كل حسب كفاءته وميوله بما يضمن حسن سير العمل وما تقتضيه المصلحة العامة.

وبناء على ذلك هناك عدم دقة في التعبير ، لأن المسوؤل ـ في الحقيقة ـ هو ذلك الموظف المسكين الذي يقوم بكل شيء ويسأل عن كل شيء ويدفع ثمن كل شيء. أما الأخرون فهم سائلون وليسوا مسؤولين . هم الذين يسألون ويحاسبون ويقيمون ، وهم الذين يفعلون كل ما يريدون ولايسألون عما يفعلون ، يتحصنون بذلك المنصب الرفيع ويحتمون بالمكتب الوثير والتوقيع الكبير والختم الثمين.

تذكر أيها المسؤول  ، إن القائد القدوة هو الذي يخطط ميدان المعركة لزملائه ثم يسبقهم إليه.على سبيل المثال ، قد يتيح لك منصبك  فرصة عدم التوقيع عند الحضور والانصراف في الدوام الرسمي ، لكن عليك أن تتذكر أن توقع في مكان آخر هو عيون وقلوب وعقول الموظفين الإخرين في الدائرة ، فأنت مثال حي لكل من يعمل معك، وإذا لم تكن قدوة فلن يتبعك أحد، كما أنه عليك ألا تتوقع من الآخرين أن يبذلوا قصارى جهدهم ، ما لم تقم أنت ذاتك  بذلك ، كذلك احذر من كبوات الجياد المسماة بنوبات الغضب، فلو ارتفع صوتك بالصياح مرة واحدة فتوقع أن تتحول مؤسستك بعد قليل إلى خلية نحل، ولكن نَحْل لا ينتج عسلاً، بل يسمعك دوماً الطنين!!

يستطيع المسوؤل  في أي وقت أن  يقف ويقول بين الناس جميعًا: هذا الموظف كسول.. أو إنه أخطأ في عمله.. أو إنه دائم التأخير.. وسوف يكسب الموقف، ولكن دعني أسألك سيدي المسوؤل أيهما أولى.. أن تكسب موقفًا ضد موظف ارتكب خطأً أم أن تكسب قلب موظف فيستحي أن يخطئ في عمله من أجل إرضائك، وعند ذلك فلن تعلن ظلام الخطأ، بل ستكون مُوقدًا لشموع العمل. و من هنا لا بد من أبرز السلوك الإيجابي أكثر من السلوك السلبي، فالسلوك الإيجابي يجعل الموظفين يحتذون به، أما السلوك السلبي فهو يشجع الموظفين على اقتراف أعمال سلبية، بحجة أن هناك أعمالاً أكثر سلبية يتم اقترافها، و تجنب محاولات المنافسة والمقارنة بين الموظفين، لا تقل لموظف أبداً: إن فلان ينتقد عملك، بل على العكس، قل له: "إن فلاناً يحيِّي فيك كذا وكذا".

وفي الختام أرى من المعقول و المنطق أن أقول إن المرادف الوحيد الصحيح لكلمة مسؤول  هو "الرعاية" فكلكم راع ومسؤول  عن رعيته".فاتقوا الله أيها المسؤولون  فيما استرعيتم عليه ، كونوا مسؤولين بحق من أجل وطن مزدهر ينعم بالنماء والتقدم والخير ، وكونوا  أبناء مخلصين متحابين منتجين. و تذكر سيدي المسؤول  بأنك لست أهم من الموظفين، أنت  فقط أكثرهم مسؤولية ، ساعد الآخرين على النجاح.. تزداد  نجاحًا .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد